تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كيف تصبح حركة عدم الانحياز قوة فاعلة ؟

شؤون سياسية
الأثنين 3-9-2012
بقلم: نواف أبو الهيجاء

عندما تأسست حركة عدم الانحياز وكانت تسمى ( الحياد الايجابي ) في مؤتمر باندونغ عام 1955 كان عدد اعضائها 29 دولة فقط .انطلقت فكرة تأسيسها من ضرورة وجود قوة دولية ثالثة من خارج المعسكرين الشرقي ( بقيادة الاتحاد السوفييتي) والغربي بقيادة الولايات المتحدة .

الهدف الاساس الدفاع عن مصالح دول الحركة وشعوبها والوقوف ضد محاولات استعمارها والتدخل في شؤونها . والحياد الايجابي معناه (لاشرقية ولا غربية ) . ولم تكن الحركة لتضم دولا تابعة في سياساتها لآي من المعسكرين .‏

تطورت الحركة واتسعت دائرتها واصبحت حركة عدم الانحياز لكن ما ان صارت قوة على المستوى العالمي حتى انتهى التوازن الدولي بسقوط المعسكر الشرقي وبات العالم احادي القطبية بقيادة الولايات المتحدة وحلفها ( الناتو ) . فقدت الحركة فاعليتها وقدرتها في ظل الاحادية القطبية ودفعت بعض من شعوبها الثمن غاليا مثل العراق وافغانستان والصومال وغيرها .‏

في ظل ( الازمة ) السورية وفي ظل غضب شعوب الارض على الاحادية القطبية وانفلات الولايات المتحدة واستخدامها القوة ضد الشعوب – وبعد ما جرى في ليبيا من قبل حلف الناتو تبلورت في الساحة الدولية فكرة عملية بضرورة انهاء الاحادية القطبية واستعادة التوازن الدولي – وهكذا عادت لتبرز قوة روسيا الاتحادية والصين الشعبية ومنظومة بريكس لتنهي الاستفراد الغربي الامريكي بمقدرات العالم من خلال سيطرتها على مركز القرار الدولي في مجلس الامن الدولي . استخدام الصين وروسيا الفيتو ثلاث مرات ضد التدخل في شؤون سورية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها يعني وجود قوة لجم الجنوح العدواني الامريكي الغربي عموما .‏

هذا وقت مناسب لعودة القوة الثالثة لتكون قطبا قادرا على احلال العدل والسلام والامن في العالم .‏

هذه القوة الثالثة هي حركة عدم الانحياز التي باتت تضم 120 دولة . وقمتها السادسة عشرة في العاصمة الايرانية برهان على انها قادرة على اثبات وجودها برغم مواقف امريكا وحلفائها وضغوطاتهم على بعض الشخصيات والقوى لكي لاتحضر المؤتمر – كما حدث مع الامين العام للأمم المتحدة ومصر .‏

لكن بالرغم من صدور قرارات وبيان حركة عدم الانحياز ، وهي في مجملها جيدة وخاصة حيال الموقف من القضايا العربية كقضية فلسطين وسورية والسلاح النووي الصهيوني – الا ان قدرة جميع الدول على الالتزام والتنفيذ مشكوك بها .‏

السبب ان هناك في حركة عدم الانحياز دولا تتبنى سياسات مناقضة لمبادئ حركة عدم الانحياز . هناك دول تتبع سياسة ذيلية للولايات المتحدة ومنها بضع دول عربية في الخليج وفي شمال افريقيا العربية .‏

ان فعل المائة وعشرين دولة وفي ضمنها ومن بينها دول تابعة للمعسكر الاستعماري الغربي سيكون هزيلا بوجود من ليسوا محايدين وغير منحازين فعلا . الحركة تضخمت ولكن انضمام بعض الدول التي لاسياسة مستقلة تتبعها يعني وضع العصي في عجلة دوران وفعل الحركة .‏

أي ان الحركة يصيبها الترهل والعوق من الداخل وبالتالي فلكي تكون الحركة قادرة على الفعل في الاطار العالمي فعليها ان تكون رشيقة – وتكتفي بقبول الدول صاحبة السياسات المستقلة – التي تملك سيادتها وقرارها المستقل .‏

ان حركة عدم الانحياز اليوم امام الاختبار الذي سيدوم ثلاث سنوات بقيادة ايران وهي مطالبة بانفاذ ما صدر عنها وحل القضايا الخاصة بشعوبها وبقدرة تملكها كونها تمثل ثلثي العالم فعلا .والامتحان الاول الذي تواجهه هو الازمة السورية .. وسنرى هل تلتزم الدول الاعضاء في الحركة كلها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية والسعي الى حل سلمي يستند الى حوار وطني شامل ينهي الازمة ؟‏

هذا هو السؤال ؟‏

nawafabulhaija@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية