تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفن التشكيلي.. واقع وآفاق..في الأزمات تختمر التجارب..

ثقافة
الأثنين 3-9-2012
تماضر ابراهيم

لولا الفنون لما كانت هناك حضارات على وجه الأرض، وبشكل خاص الفنون التشكيلية التي تشمل كل ما له علاقة بالخط والرسم والنحت والحفر والعمارة، فالفن التشكيلي هو نتاج حضاري وتعبير ثقافي يتميز بشروطه وقوانينه،

وهو غير عادي في محاكاة المشاعر، يعكس ثقافة وذوقا وعلما وخبرة يجذب مدارك المتلقي على مر العصور ومختلف الثقافات، لذلك يعتبر الفن التشكيلي لغة عالمية لها عمومية الفن وخصوصية البيئة، كما أنه هو صاحب الإنتاج الأكبر في الموروث الحضاري.‏

من هذا الموقع يجب أن يكون للفن دوره في ما تمر به الشعوب، فعلى الصعيد المحلي وفي هذه الأزمة التي تعيشها سورية ما هو هذا الدور وكيف يتفاعل الفنان مع محيطه ؟‏

< يقول د. فواز بكدش عميد كلية الفنون الجميلة:‏

عندما يكون الفنان جزءاً من المجتمع ويعتبر قدوة بسبب طبيعة المجتمع، بشكل عادي يستطيع أن يعبر عن مجتمعه لأن الفن خلق لخدمة الإنسان.‏

والحالات الفنية الإبداعية عند الفنان هي لحظات حسم تأتي لوحدها لانستطيع تقدير زمانها لأنها حالة فردية لدى أي فنان، من خلال تاريخ الفن قرأنا غويا الفنان الذي انتقد المجتمع الاسباني خلال فترة وجود الفوضى في اسبانيا (مثلا وجود الشعوذات والتقاليد البالية التي أدت إلى تهتك المجتمع الاسباني)، غويا رفض هذه الحالة آنذاك من خلال لوحاته وأعماله الفنية المؤثرة جدا والتي لازالت شاهداً على التاريخ الاسباني، نحن نرى الفن مرآة للمجتمع، والفنان يعبر عن أي حالة ولكن لانستطيع أن نفترض سلبية أو إيجابية الفنان، في هذه الأزمة التي نعيشها كل فنان له عقلية خاصة جدا وطريقة تعبير تشبه تماما بصمة الاصبع التي تحمل خصوصية كل فرد، المهم أن الفن دائما له دور ويتبع لمنهج الفنان، فبعض الفنانين يرون أن الفن للفن وليس له علاقة بالمجتمع هذه اتجاهات الفن بالعالم، تطور الفن الأساسي بالعالم بشكل عام مثلا في عام 1818 نادى فيكتور كوزان وهواستاذ في السوربون قال الفن للفن الأخلاق للأخلاق الدين للتدين، هذا على سبيل المثال، وهناك فلاسفة قالوا إن الفن للإنسان والمجتمع أما مفهوم المفاهيمية الحديث في الفن المعاصر يقول إن الفن للإنسان والمجتمع، أما الآن وأعني مابعد الحداثة لا يمكن أن نفصل الفن عن الإنسان أو عن المجتمع.‏

لغة الفن هي لغة الشكل التي يفهمها جميع الناس وجميع الفئات الثقافية ومختلف الأعمار يعني هي اللغة العالمية وهذا ما يرجح أهمية الفن التشكيلي كرسالة توجه للبلدان والمجتمع وتتميز عن اللغة اللفظية.‏

بيكاسو عندما رسم الجيرنيكا في الحرب الأهلية في اسبانيا كانت نقطة انطلاق وغيرت في مفاهيم الفن التشكيلي كلوحة من خلال عملية البناء،وإعادة التركيب و تحليل العناصر والرموز الموجودة في اللوحة حيث اعتمدت على مفاهيم مهمة جدا،‏

وقال د.بكداش: الفنان يعبر بعقلية أكثر من المشاعر وثمة تجربة للفن الواقعي لخدمة الفن الاشتراكي وقد أدى مؤدى معيناً في مناخات معينة، ولكن تبين أن الأكثر لصاقة في التعبير هو أن يعبر الفنان عن ذاته ومشاعره الشخصية بحرية، يعني ما ينبع من الذات أكثر أهمية من أن يطلب من الفنان أو يكلف به، وبالتالي يكون أكثر صدقا، ولكن يختلف هذا بين الفنانين خاصة من ينساق وراء الفن للفن والمجتمع أو أن يكون للمجتمع ولمبدأ معين أو لقضية معينة يعني ثلاثة اتجاهات وهي موجودة في العالم أجمع.‏

< د. رويدة كناني تقول:‏

أنا أعتبر الفنان فرداً في هذا المجتمع ينعكس عليه ماينعكس على أي شخص في المجتمع، ولكن يمتلك الفنان وسيلة تعبير عن مكنوناته أكثر من غيره بطريقة بصرية تميزه حقيقة، ولكن التعبير بحد ذاته عن المشهد المرئي يعود لخصوصية الفنان وكيفية تلقيه له وتصويره إياها، وهو يعبر عن تأثره من منطلق قناعاته الشخصية، ويترجمها بطريقة فنية عملية ممكن أن تكون نحت أو تصوير أو ملصق إعلاني مثلاً، حسب رؤيته وأنا أعتبر أن الفنان هو الأقدر على ترجمة مشاعره بشكل بصري أقرب للكاتب، لأنه يصور رؤاه بتعبيرية أكثر من الإنسان العادي، إلا أن لدى الفنان القدرة على جذب الناس للتفاعل معه بلغة يفهمها الجميع فالكاتب يتوجه لمن يعرف القراءة فقط وأكثر من ذلك إذ ينبغي أن يدخل القارئ إلى ما بين السطور أحيانا ليستدل على المشهد بشكل أوضح، لأن البعض يطرح الأمور بشكل مباشر والبعض الآخر يخفي أفكاره ما بين السطور عندما يتوجه لفئة معينة تختزن الإدراك الثقافي أكثر من غيرها.‏

الأزمات تخلق لدى بعض الفنانين حالة معينة مثل ناجي العلي وغيره، كما تخلق فنانين وأدباء مثل محمود درويش الذي يمكن أن نترجم أعماله إلى رؤية بصرية جميلة جدا.‏

الفن لغة تشكيلية عالمية موجه لكافة الشرائح البشرية دون شروط، ولكن له مدارس ومجتمع وانعكاسات.‏

على ضوء ما تقدم يبقى السؤال مفتوحا ترى هل نستطيع تحميل الفنان مسؤولية في الأزمة المحلية ؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية