|
شؤون سياسية وهي تضيف بهذه الحملة البربرية مجزرة جديدة إلى سجلها الاجرامي الذي ليس له حدود في ظل غياب مريب لمنظمات العدل الإنسانية، وهي تقوم الآن في حربها العنصرية الظالمة على هذا الشعب الصابر بخرق جديد للقوانين والشرائع الدولية التي تحظر المساس بالسكان المدنيين، لكنها مهما كانت قوتها لن تتمكن من أن تنال من إرادة الشعب الفلسطيني المقاوم الذي شرب ثقافة المقاومة على مدى عقود بدل الحليب والماء، حتى أصبحت عظامه حجارة صلبة تتحطم عليها جنازير الدبابات الإسرائيلية التي تسير بدافع الخوف والجبن، ومهما تعددت المجازر وتنوعت ألوانها، لن تكون إلا رصاصة الغدر التي ستعود على صدور مطلقيها الصهاينة وستقتلهم بكل تأكيد عما قريب وتشكل نهاية حتمية للمشروع الصهيوني الغادر. جريمة القتل الجماعي والإبادة الوحشية التي تمارسها حكومة «أولمرت» المنهارة لن تعيد الحياة إلى هذه التركيبة المخادعة التي واجهت هزيمة كبرى في أيامها الأولى، وإن كانت وزيرة خارجية الكيان الصهيوني «تسيبي ليفني» تعتبر أن تاريخها الاستخباراتي الأسود لا يكفي لكي تنال القبول والدعم في صناديق الاقتراع من مجموعة المنظمات الصهيونية الحاقدة، فهي لن تصل إلى هذا الهدف من خلال جريمتها النكراء التي استلبت ضمير الإنسانية العالمية بأكملها، ولن تصل إلى أهدافها على دم الأبرياء، وبهذا العمل المجرم تكون إسرائيل قد فتحت على نفسها وعلى من وافقها الرأي إسرائيلياً أو إقليمياً أو دولياً وابلاً من المصائب التي لن يعرف حدودها ومساحتها سوى صانعيها من المقاومين الأبطال الذي يسيرون على دروب العزة التي تضيئها منارة دم الشعب العربي المقاوم في غزة وغيرها من أرض العروبة. السؤال الأهم: لماذا غزة الآن؟ هناك عدة أسباب وعناصر تأتي متضافرة في وقت يضيق فيه الزمن أمام الإدارة الأميركية المتداعية التي تريد أن تختم آخر أيامها بإجراء تسوية ما مع الفلسطينيين، ولكن هذه التسوية غير ممكنة مع وجود حركة حماس في غزة، وبالتالي لا بد من التمهيد لهذه التسوية من خلال القضاء علىحركة حماس لفتح الباب أمام البعض في السلطة الفلسطينية لإدارة اللعبة بعيداً عن أي معارضة من الفصائل المقاومة هذا من جهة ومن جهة أخرى لا ترى حكومة أولمرت بأنها تمتلك المقومات التي تخولها الخوض في ركوب عربة عملية السلام وإجراء مفاوضات مباشرة مع العرب وخاصة مع سورية فهي تجد بافتعال مثل هذه الحرب القذرة هروباً إلى الأمام يتيح لها التنصل من الالتزامات التي أخذتها على نفسها أمام الجانب التركي، لأنه لا يمكن الحديث عن السلام في ظل هذا الواقع وافتعال المجازر ضد المقاومة الإسلامية وبالتالي لا تجد إسرائيل أي حرج بوقف كل الجهود التي يبذلها الأتراك والأوروبيون للوصول إلى حل مشكلة الشرق الأوسط. إن هيجان الشارع العربي وغضبه من بعض الصمت العربي والتبرير غير الموضوعي للمواقف المتفرجة، ما هو إلا تعبير صادق عن تمرد هذه الشعوب وخروجها عن سياسة الخنوع التي تنتهجها بعض الحكومات المتحالفة مع سياسة الكيان الصهيوني والداعية للتمسك بأوهام المشروع الصهيو-أميركي على الرغم من كل القراءات التي تشير إلى أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة في منطقة استطاع شعبها الأبي أن يهزم هذا المشروع وكل أدواته بإرادة المقاومة التي استبسلت في الدفاع عن التراب العربي وهي ستطول في يوم ليس بالبعيد كل من يريد أن يسلب إرادتها الصادقة الهادفة إلى التحرر من الاحتلال وإعادة الأرض المغتصبة لأصحابها الحقيقيين. عندما يعلن باراك بأن إسرائيل حصلت على موافقة إقليمية لشن حملتها على قطاع غزة من أجل القضاء على حركة حماس والحركات المقاومة الأخرى الرافضة للانصياع للمشروع الأميركي بكل أبعاده، فهو يفضح الدور الإقليمي وخلفيته الاستسلامية في عملية السماح بهذه الجريمة التي لن تقدم لحكومة الكيان الصهيوني أي نجاح في مجال عودة الثقة بها وبسياساتها الفاشلة على الساحة الداخلية، على الرغم من تقديم بعض استطلاعات الرأي عبر وسائل الإعلام بموافقة الشارع الإسرائيلي على القيام بحملة محدودة لوقف صواريخ حماس، بينما الواقع يخرج عن قضية الصواريخ التي لم تكن خسائرها بحجم يستدعي حرباً شاملة على شعب بكامله. هناك العديد من الأسئلة تضع نفسها بقوة في أجندة العمل العربي المشترك وفي عهدة جامعة الدول العربية، منها إلى متى سيبقى الدم العربي مادة البورصة السياسية الإسرائيلية؟ ولماذا يبقى الموقف العربي الرسمي متأخراً كثيراً عن رأي الشارع العربي بل يتعارض معه في أغلب الأوقات؟ ماذا يعني الصمت الذي نراه من بعض الأنظمة التي تعتبر نفسها حامية للعروبة والإسلام أمام هذا الكم الهائل من الشهداء والجرحى؟ هل هذه الأنظمة أفلاطونية بممارساتها الفاضلة، وبلدانها صافية في الولاء لها ومتفقة معها بالرأي حتى تنتقد ممارسات حركة المقاومة الفلسطينية الإسلامية في الداخل الفلسطيني وتعارضها مع بعض الفصائل؟ سبحة الأسئلة قد لا تنتهي مع تلك المواقف المخجلة التي لا تعبر عن الالتزام بالثقافة العربية. لا يمكن وضع أي مبرر للدور العربي الرسمي الصامت في مواجهة تعنت الحكومة الصهيونية وتصرفها الأهوج تجاه الشعب العربي الفلسطيني الأعزل في غزة، في الوقت الذي نجد فيه تركيا تسعى بكل امكاناتها لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بينما هناك من العرب من يتفهم الموقف الإسرائيلي. لا نريد أن نخوّن أحداً, كما لا نؤمن بالانقسام العربي لأن القوة في وحدة الصف العربي وقوة الشعب الفلسطيني في وحدته وتضامنه، لكن على من لديه علاقة بإسرائيل أن يوقف هذه العلاقة ويذهب سريعاً لنصرة المظلومين في غزة لا أن نطالب من يريد أن يدفن أبناءه وعائلته ووالده أن يأتي إلى مفاوضات، وهل الموقف الآن يسمح باجتماع الفصائل للتحاور والاتفاق؟ الاتفاق يجب أن يكون طبيعياً وسريعاً وأن تنضم كل الأطراف الفلسطينية إلى بعضها ويعلنوا وقوفهم إلى جانب حماس والشعب الفلسطيني في غزة على الأقل في مواقفهم السياسية لأنه لا يمكن قبول فكرة استخدام التصفية الجسدية والإبادة الجماعية لتيار أو شعب لحل الخلافات السياسية الداخلية، وعلى العرب إذا كانوا جادين في مساعدة الفلسطينيين أن يبادروا جميعاً لموقف واحد هو قطع العلاقات مع إسرائيل وإجبارها على وقف هجماتها على غزة الجريحة فوراً وبدون أي شروط لأن النصر سيكون حليف المقاومة مهما كانت التضحيات. |
|