تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لا بديل عن الحوار مع حماس

لوموند
ترجمة
الأثنين 19-1-2009م
ترجمة: دلال ابراهيم

تشير المأساة التي يشهدها حالياً قطاع غزة، والصواريخ التي تنهمر دون انقطاع على جنوب «إسرائيل»،

أكثر من أي وقت مضى إلى أن تجاهل العدو لا يحل المشكلة أبداً، بل هو طمر للرأس في الرمال. ولا تنظر سواء أكانت أوروبا أم الولايات المتحدة أم «إسرائيل» إلى حماس بصفتها قوة منتخبة ديمقراطياً، سوى إلى جانب طبيعتها وقدرتها على الأذى والتعطيل -حسب رأيهم-.‏

ولا يعني ضرب غزة، ضرب حماس، وإنما ضرب كل الفلسطينيين قبل كل شيء، الذين ذاقوا ويلات ومرارة الحصار الجائر ضدهم. وإن العدوان الإسرائيلي على غزة، ربما يستهدف، أولاً، قيادات حماس والمسؤولين الأساسيين فيها ومقاوميها، ولكنها تستهدف أكثر المدنيين. وعلى المقلب الإسرائيلي في الجنوب، يعيش السكان هناك في ظل التهديد المستمر للقصف الصاروخي من جانب حماس، وبالتالي فالحياة الاقتصادية مشلولة والمدارس مغلقة وهناك قتلى إسرائيليون ولكن عددهم أقل مما هو لدى الجانب الفلسطيني، وكذلك هناك خسائر مادية، وانهيارات نفسية، وحالات خوف وهلع.‏

لقد شهدنا في بداية الحرب على غزة تظاهرات في تل أبيب تعرب عن مناهضتها لهذه الحرب ولكنها ضمت عدداً متواضعاً جداً من المتظاهرين، ولكن وبعد أيام معدودة بدأ يكبر حجم هذه التظاهرات التي تطالب بوقف حمام الدم هذا، والعيش بسلام.‏

ومن المعروف أن الرأي العام الإسرائيلي متقلب، حيث يخشى حين السماع بأنباء سقوط جنود قتلى الانقلاب عن موقفه المؤيد للحرب، بالإضافة إلى ذلك، دلت آخر استطلاعات الرأي، أن العديد من الإسرائيليين لا يعتقدون أن بإمكان هذه الحرب لجم صواريخ القسام على «إسرائيل».‏

وواقع الحال، أن هذا الوضع المتوتر الدموي الحالي قد يلمع صورة حزب كاديما، وكذلك يكسب نقاطاً لوزير الحرب إيهود باراك من حزب العمل في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، التي من المقرر أن تجري في شهر شباط المقبل. وثمة أمر مؤكد، هو افتقار «إسرائيل»، في هذه الأثناء، لشخصية جامعة قادرة على تهشيم الدائرة الجهنمية، وقيادة محادثات ذات مصداقية تهدف إلى وقف إطلاق النار، وتحمل في طياتها مشروع سلام فعلي وحتى مع إجراء محادثة مع حماس.‏

وليست الأجواء بالأفضل في فلسطين، فالخلافات داخل البيت الفلسطيني قائمة، وغياب زعيم قوي له وزنه يعتبر عائقاً أمام إيجاد مخرج للأزمة. إلا أن هذا ما ترغب «إسرائيل» في هذه الأوقات السابقة للانتخابات التشريعية فيها. وحماس دون أدنى شك ليس لها مصلحة في بقاء الوضع على حاله. وإن كات الضرورة تقضي بوقف إطلاق النار في غزة سريعاً، من أجل وقف المجازر المرتكبة بحق المدنيين، وكذلك تجنب العمليات البرية الطويلة الأمد والكارثية على «إسرائيل»، فالضرورة تقضي كذلك بالاعتراف بحماس كمحاور شرعي. وإن التفكير بحصر التفاوض مع السلطة الفلسطينية هو أمر غير واقعي، ولاسيما بعدما أظهرت هذه السلطة شللاً كاملاً، ولم تحقق أي تقدم في محادثاتها مع «إسرائيل» على أرض الواقع، ولماذا نطالب الفلسطينيين باختيار ممثليهم ديمقراطياً، ومن ثم نرفض التعامل مع هؤلاء الممثلين المنتخبين بحجة أن أولئك ليسوا هم المنتظرون؟ وينبغي أن يدفع الاهتمام الإسرائيلي بضمان أمن شعبهم، زعماءهم إلى التجاوز والقفز فوق الحسابات القصيرة المدى. ولا بد للأسرة الدولية أن تضرب مثلاً، وتكون القدوة في الاعتراف بحماس، وهذا الاعتراف لا يعني تشريع إيديولوجيتها، وإنما القبول بها بصفتها لاعباً له وزنه في مستقبل المنطقة، كما وتمثل جزءاً كبيراً من الأمة الفلسطينية.‏

والثابت الواضح أن انتهاج أي إستراتيجية لم تؤت أُكلها لغاية الآن وثمة إستراتيجية واحدة لم تتم مقاربتها حتى الآن، وهي الاعتراف والتعامل مع حماس.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية