تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ليفني.. قرش هائج شمّ رائحة الدم

ترجمة
الأثنين 19-1-2009م
ترجمة: رندة القاسم

لن تعلم من وسائل الإعلام الغربية أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية ( والتي ستكون رئيسة الوزراء) «تسيبي ليفني» ظهرت بشكل كارثي على قناة الجزيرة

تماما مثلما لا يمكنك رؤية الصورة المرعبة لأطفال موتى وأمهاتهم الذاهلات الصارخات في غزة إلا إذا شاهدت الجزيرة، فهذا أمر شبه مستحيل في الولايات المتحدة.‏

هنا في فرنسا يمكننا استقبال الجزيرة والصورة رهيبة جدا. ولكن السيدة ليفني لاتريدنا أن نراهم وكذلك معظم الحكومات الغربية. لقد صرحت:«عندما ترى جانبا واحدا من الصور في غزة فإنك لا تساعد السلام، فأنا أفهم أن هذه الصور تخلق استفزازا يؤدي إلى الغضب والعدائية بين المواطنين، و لكننا نريد مستقبلا أفضل لهذه المنطقة».‏

بكلمة أخرى لاتنظر إلى صور تخبرك بالحقيقة لأنها ستجعلك غاضبا على الأشخاص الذين يفجرون الأطفال إلى أجزاء ممزقة، فليفني تقول إن ما لانراه لن يؤذينا وهي الفكرة في الرقابة المتسلطة عبر السنين.‏

هذه المرأة بكل ما تحمله من مشاعر القرش الهائج الذي شم رائحة الدماء من الأجساد المبعثرة في الماء غاضبة لأن الصور قد أضحت بالعلن وهي التي تظهر الأجساد المشوهه الدامية للأطفال الذين ذبحتهم دولتها في نوبة من القصف والتفجير العنيفين، ولكنها لن ترى من قبل الأغلبية في الغرب لأن وسائل الإعلام ببساطة لاتريد إزعاج قرائها أو مشاهديها. وبالطبع لاتريد أيضا ازعاج اسرائيل، أنه ذاك الحصن من الأخلاق اللطيفة الذي يملك الكثير من السيطرة على سياسيي الولايات المتحدة الذين لا يجرؤون على الحديث ضد الغارات الجوية التي تقتل أطفالا.‏

قالت ليفني: إنه قبل الهجوم الجوي قامت إسرائيل بإعلام كل القاطنين في المنطقة المستهدفة وحثتهم على المغادرة. وسألها أحدهم يغادرون إلى أين؟ (إلى أين يمكن أن يذهبوا في غزة الصغيرة، الصحراوية بشكل أساسي، والبالغ سكانها مليونا ونصف المليون) وبالطبع لم تجب على السؤال لأن الغارة كانت سرية وهي كاذبة بوقاحة.‏

قالت:«إسرائيل تحاول تفادي الإصابات المدنية، بينما حماس تبحث عن الأطفال لتقتلهم.. ولكن للأسف في الحرب يدفع المدنيون في بعض الأحيان الثمن».‏

مثل الثمن الذي دفعته الشقيقتان ،لمى وهيا حمدان، اللتان كانتا في عربة يجرها حمار في شمال قرية بيت حانون، لقد قتلتا بواحد من آلاف الصواريخ المزودة من قبل أميركا والتي أطلقتها طائرات مزودة من قبل أميركا كانت تطير بقيادة طيارين اسرائيليين أنيقين استهدفوا عربات الحمير الارهابية المؤذية الحاملة لأطفال ارهابيين. ثم هناك الشقيقات الفلسطينيات الخمس اللواتي كن نائمات بعمق عندما نال القصف الجوي جامعا مجاورا في غزة، انهار أحد الجدران على منزلهن الصغير ذي السقف المعدني فقتلهن جميعا في أسرتهن. الشقيقة الكبرى تحرير بلغت من العمر سبعة عشر عاما والصغرى جواهر فقط أربعه أعوام، إنه دفع طبيعي للثمن الإسرائيلي.‏

تسيبي ليفني كانت تقود نزهة دعائية قبل الانتخابات المفترضة في شباط بعد خروج رئيس الوزراء ايهود أولمرت الذي تعرض للتحقيق بتهمة الفساد. إنها تريد تقديم صور حيوية قدر الامكان للناخبين الاسرائيليين وأثرياء الأميركيين المؤيدين للصهيونية وتضمنت حملتها الظهور عدة مرات في فوكس نيوز صاندي حيث قالت : إنها على علاقة وثيقة مع وزيرة الخارجية كونداليزا رايس وإنها تحدثت معها الليلة الفائته ورايس هي الشخص الذي قال: لقد زرت اسرائيل عام 2000 وشعرت حينها بأنني أعود لوطني رغم حقيقة أنها مكان لم أزره اطلاقا، تربطني صلة روحية باسرائيل وطالما أعجبت بتاريخ «دولة اسرائيل» وصلابة وعزيمة شعبها الذين أسسوها.‏

ولاعجب أن الفلسطينيين لم يلقوا دعما أي كان من إدارة بوش لأن الولايات المتحدة وحسب قول المتحدث باسم البيت الأبيض غوردون جوندرو تفهم حاجة «اسرائيل» للقيام بأعمال تدافع بها عن نفسها والادارة الأميركية داعمة بشكل كامل للضربات الاسرائيلية التي قتلت مئات الأطفال، وكما أوردت صحيفة جوروساليم بوست فإن الضربة قد خطط لها قبل وقت طويل. وكان ذلك في الزمن الذي نجح فيه الحصار غير الشرعي لغزة من قبل اسرائيل في أحداث ما يشبه المجاعة والنقص الحاد في الامدادت الطبية. كل هذا تم حسابه سلفا. ويقول المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة :إنهم منذ آب لم يتلقوا أي أدوية اساسية. ولم تكن المنظمة الدولية للصليب الأحمر، والتي تقوم عادة بإيصال ستين نوعا من الدواء، قادرة على ارسال شحنة لأكثر من شهر ويوجد نقص في 150 دواء و230 مادة أساسية ثم كانت الضربة الاسرائيلية حيث لايمكن التعامل مع الاصابات.‏

إنه استهداف متعمد للمدنيين ومن الهراء محاولة القول: إنه كان من الممكن تفادي موت المدنيين أو معالجة الجرحى بشكل فعال في ظروف كهذه.‏

الاسرائيليون مجرمون، لقد حاولوا تجويع مليون ونصف مليون شخص وزادوا من حدة حصارهم الشيطاني وغير الشرعي على الغذاء بالحيلولة دون تزويد المستشفيات بالمعدات والأدوية والضمادات اللازمة.‏

تقول تسيبي ليفني: حماس تستهدف عمداً دور الحضانة والمدارس والمواطنين والمدنيين، فهذه هي قيمهم وقيمنا مختلفة تماما. إننا نحاول استهداف حماس المختبئة بين المدنيين.‏

إذا الهجوم على مخيم جباليا للاجئين المجاور لغزة والذي قتل خمسة أطفال دون السابعة عشر من نفس الأسر يشير إلى قيم مختلفة؟؟؟ أم الفتيات الفلسطينيات الخمس اللواتي قتلتهن «اسرائيل» كانت تجلس على الكنبة محاطة بنسوة من الجوار وكانت تتحدث بصعوبة وتتوقف لحظات طويلة فهي لاتزال تحت وقع الصدمة، وقالت أتمنى أن ينتقم الجناح العسكري الفلسطيني بعملية داخل «اسرائيل»، أسأل الله أن ينتقم منهم.‏

زوجها أنور، ذو الأربعين عاما، كان يجلس في بيت آخر حيث نصبت خيمة للعزاء، لقد كان شاحبا ويعاني من جروح خطيرة في رأسه وكتفه ويديه ولكن كحال الكثير من المرضى في غزة كان عليه أن يخرج من المشفى المزدحم لفسح المجال للمحتضرين، منزله أضحى كومة من الحطام: حائط منهار و قطع من الأثاث تحت السماء، وبمرارة تحدث عن موت بناته:« إننا مدنيون أنا لا أنضم لأي فصيلة وانا لا أدعم «فتح او حماس» أنا فلسطيني فقط، انهم يعاقبوننا جميعا مدنيين وعسكريين وما ذنب المدنيين؟؟؟ وككثير من الرجال في غزة لايملك أنور عملاً ومثل الجميع في المخيم يعتمد في بقائه على الطعام المقدم من الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية الأخرى ويقول: لو كان الموتى هنا اسرائيليين لرأيت العالم بأسره يشجب ويستجيب ولكن لماذا لايقوم أحد بشجب هذه الأعمال؟ ألسنا كائنات بشرية؟ اننا نعيش في ارضنا ولم نأخذها من (اسرائيل)، إننا نقاتل لأجل حقوقنا وذات يوم سنستعيدها.‏

حسنا ربما سيفعلون. ولكن فقط اذا قررت حكومة أوباما أيقاف الدعم لاسرائيل هل يصدق أحد أن هذا سيحدث؟ ربما لا فهناك احتمال ضعيف بأن صورة واشنطن الأحادية الجانب حول (اسرائيل) ستتغير،. وعلى الأرجح أن (اسرائيل) ستمنح المزيد من الحرية لتضمن أن يدفع الأطفال الفلسطينيون الثمن لذا فإن العنف لن ينتهي أبدا.‏

الكاتب هو الجنرال الاسترالي المختص بشؤون آسيا بريان غلوغلي.‏

الانترنت عن موقع: Counter punch‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية