|
رسم بالكلمات وترجمت بعض أعمال هؤلاء الرواد إلى لغات عالمية عديدة ، وسلمية هي التي أنجبت محمد الماغوط وسليمان عواد واسماعيل عامود وعلي الجندي وفائز خضور ... وغيرهم كثير ، يستمر تألق الأدب فيها من خلال أعمال أجيال أخرى تابعت الدرب ، وحافظت على الألق المميز فيها ، وتابعت أجيال الشباب المهمة ، رغم وعورة الدرب وخفوت صوت الأدب في عالمنا ، لكن هذه الأجيال الشابة تبقى بحاجة إلى من يمد لها يد العون. تمتلئ ساحة الأدب في سلمية بتجارب الشباب الذين يكتبون صنوفاً متعددة من الكتابات وهم يحاولون تقليد بعض الكبار ، ويستسهل القسم الأكبر منهم كتابة قصيدة النثر لظنهم أن المسألة لا تحتاج إلا إلى سكب بعض أحاسيسه كيفما اتفق على الورق ، فيصاب بخيبة أمل عندما يكتشف أنه غاص في ما يسمى بالخاطرة أو أنه كتب رسالة إلى حبيبته أو ملهمته .. وهنا مكمن الخطورة ، أقول هذا الكلام لأنني كنت ولا أزال أتابع تجارب الأدباء الشباب في مدينتي سلمية. وأنا لست هنا كي أوجه أو أنتقد أوأشير إلى مواطن خلل ما, بل كي أشير إلى أولئك الذين واجهوا وتركوا بصمة ما ، فهذا ( حسن درويش ) مهندس شاب اهتم بالأدب وبدأ يكتبه خلال فترة دراسته الجامعية ، كتب مقاطع نثرية وقصصاً قصيرة وقصيرة جداً ، تركت أثراً مهماً ، ونشر بعضها في صحفنا المحلية ، لكنه لم يجمعها .. وقرر التوقف لبعض الوقت للمراجعة ليس إلا ..إذ لم يستطع الخروج من دائرة الشعر حتى وهو يكتب ما أسماه قصصاً حداثوية .. وتركت ( لينا عطفة ) بصمة هامة في قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر ، فقد بدأت ناضجة لتستمر ، لم تنشر شعرها في الصحافة بل ألقته على منابر محدودة ، فبدت كشاعرة عرفت كيف تبني ثقافتها الشعرية ، تتلمذت على كبار الشعراء وفتنتها أشعار الراحل الكبير محمود درويش وتأثرت بها كثيراً ، فخرجت قصيدتها متكاملة منذ بداياتها. كان دربها نيراً فمشت به وأبدعت, وهي لا تزال تجاهد كي يكون لها موقع قدم مهم . ( ماهر القطريب ) الذي يواظب على النشر في صفحات الأدباء الشباب ، حتى بعد صدور مجموعته الشعرية الأولى ( هواجس تائهة ) والتي قدمه فيها الشاعر مهتدي غالب الذي يهتم بتجارب الشباب بقوله ( شاعر استهوته قصيدة النثر فامتلك أدواتها بموهبة تضج بقلق وجودي وثقافة متحيزة للإنسان ... شاعر أخرج در الكلمات من محاراتها ليبيعها عطراً يعلق بجيد الحقيقة التي اختزنتها بمفردات تعبر عن مكنونات النفس البشرية .. ) وقد أجاد ماهر اصطياد الجملة الشعرية المختزلة. الشاعرة ( إينانة الصالح ) التي بدت وكأنها كبرت على حين غرة ، أو لعلها أخفت تجاربها الأولى وغافلتنا, تميزت بمفردتها, بجرأتها وبالإيقاع الداخلي لقصيدتها, بدأت بقصيدة النثر وتميزت ، ثم فتنتها قصائد التفعيلة فجددت وخرجت ببعض نتاجها ، أعدت مجموعتها الأولى ثم قررت التريث بدفعها للطباعة أيضاً .. وطغى الشاعر( هانيبال عزوز ) منذ حضوره المفاجئ أيضاً ، كتب قصيدة النثر أولاً ثم هجرها تماماً إلى قصيدة التفعيلة التي هام بها متأثراً بأستاذه الشاعر فايز خضور ، وصرنا نسمع منه أصوات النجوم ونشم رائحة الحب والأرض والجنون ونتلمس مواضع جمال .. فقد امتلك هانيبال الناصية وأجاد الإلقاء. حاز على أكثر من جائزة, و أعد مجموعته الشعرية الأولى ( كاف قليلك ) ولم يدفع بها إلى المطابع حتى الآن .. وظهر الشاعر( فادي عواد ) على صفحات الصحف قبل أن نراه بيننا في سلمية ، شدتنا قصائد لشاعر يعيش على بعد أمتار منا ، قصائد نثر تعب عليها ، فخرجت لتبقى ، ولم يكن مقنعاً في إلقائه كما في نصوصه المقروءة. أما الشاعرة ( فلك قداح ) فظهرت دون سابق إنذار ، حيث وقفت في إحدى الأمسيات على المنبر واثقة ، وقدمت مقاطعها النثرية بكفاءة ، لكنها وإن كانت مشغولة قليلاً بعملها كمحامية ناشئة ، إلا أنها تصر على عشقها للشعر, وهي تعلن أنها تنتظر وقتاً أفضل لإعلان قصائدها. بدأت الشاعرة الشابة ( غيثاء نيوف ) رحلتها مع الشعر وهي طفلة صغيرة ، رائدة على مستوى القطر في منظمتي الطلائع والشبيبة ، خرجت بقصائدها وحسن إلقائها إلى تونس والأردن ، أحبت الشعر الجاهلي وحفظت المعلقات السبع وقرأت أشعار نزار ومحمود درويش ومحمد الماغوط ، تكتب الآن قصيدة النثر ، ويطغى إلقاؤها الجميل على معاني الشعر عندها ، فيلتفت المتلقي إلى إلقائها ويهمل الغوص في الأعمق فيأتي شعرها ضعيفاً في بنيته الفنية . والشعر في سلمية كالقدر لايستطيع الناس فيها أن يهربوا منه ، هو يلاحقهم في بيوتهم .. في مدارسهم.. في مؤسساتهم.. في شوارعهم.. كل بيت فيه شاعر, وفي كل مكتبة فيها قصائد لطرفة والمتنبي والسياب ونزار ومحمود درويش ومظفر النواب ومحمد الماغوط .. ولن نملك في عجالة الوقت هذه أن نشير إلى كل المواهب الشابة التي تسير على دروب الشعر.. |
|