تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عــــرض الألــــم فـــي واجهـــات العالـــم

ثقافة
الأثنين 19-1-2009م
سوزان ابراهيم

ليس هذا أوان تنميق اللغة أو تهذيب المواقف, هذا ما يمكن البدء به وأنا أنوي الكتابة عن غزة, فحتى ديار العرب على اتساعها أعادت وبوضوح ما عاد يقبل الشك فرز المواقف والجبهات إذ ما عاد الاختباء وراء اللغة قابلاً لتأويل سليم! في مهرجان دعي إليه أدباء كثيرون للتضامن مع غزة,

جاءت الكاميرات ترصد مواقف بعضهم, و حين حاولت المرور بي اعتذرت قائلة: ماذا يمكننا أن نقول, ونحن جميعاً شهود زور على موت ودمار يستبيحان سكان وبيوت غزة! بعد عدة قراءات طافحة بالوجع والأنين - وليس هذا مقام لتقييمها - جاء أديب عتيق ليقول: ما الفائدة من كل هذه المهرجانات والاعتصامات وما هو انعكاسها على غزة وأهلها فعلياً؟ فهل كنا جميعاً نحاول تبرئة أنفسنا أمام دماء الأطفال حقاً!؟ أحد الحاضرين استأذن وتقدم ببيان موجه لدولة روسيا الاتحادية, فقد تابع الرجل تغطية بعض المحطات التلفزيونية الروسية لمجازر غزة واكتشف أن بعضها يساوي بين الضحية والجلاد, ورأى كمواطن وصحفي أن يعترض على ذلك, فراح يتلو بيانه ليجمع تواقيع من تنسجم مواقفه مع ذلك وأعتقد أنه خرج بنتيجة مرضية. أعود لأقول: ما من شك بأن للكلمة تأثيرها ومكانتها وقدرتها على تأريخ الأحداث بشكل غير مباشر لكنه حقيقي رغم ان المواقف تتباين في ذلك فهل تعتقدون أن بعض كتاب دول ( الاعتدال ) سيكونون أمناء في نقل الواقع – هذا إن فعلوا – ولكن...‏

في مثل هذه الأزمات نحتاج التوجه للآخر البعيد الذي تعمل وسائل إعلام الصهيونية على خطب ود تعاطفه وترويج محرقة يشكك كثيرون في واقعيتها رغم أنهم يقومون الآن بأبشع منها فتغدو صواريخ المقاومة أخطر على أمن المنطقة من أسلحة فتاكة ومحظورة تمتلكها اسرائيل وتختبر فعاليتها على أجساد الأطفال في غزة. نحتاج إلى أفعال تحدث فرقاً – مهما كان صغيراً – على الأرض , هنا أذكر أن امرأة فلسطينية تقيم في لندن عمدت إلى القيام بحملة لجمع مليون شمعة وغطاء لترسلها إلى غزة, وقام ابنها بجمع صور عن المجزرة وعرضها على رفاقه البريطانيين! نحن بحاجة لكل جهد في كل الميادين وبعضها سيبدأ عمله الآن كالعمل على مقاضاة قادة اسرائيل لارتكابهم مجازر حرب وإرهاب دولة, على الأقلام العربية أن تتدفق بمقالات بلغات أهل الأرض في صحف الأرض لكشف الزيف وتسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية, هل أذكّر هنا بمحلل سياسي مصري ( مجدي خليل ) كتب في صحيفة أورشليم بوست الإسرائيلية مقالة بجرعة ليكودية واضحة ضد المقاومة! وكذلك فعل الصحفي المصري ( كرم جابر ) رئيس تحرير مجلة روز اليوسف في نفس الصحيفة وبما يتوافق مع تصريحات مارك ريجييف المعادية للمقاومة- وفق ما أورده موقع الجمل السوري - فهل ننبه إلى خطر هؤلاء, ومن سيرد بفعل مماثل في صحف أجنبية ؟ هل نذكر بما قام رسامو الكاركاتير بنشر رسومات تتماهى مع ما تروج له اسرائيل باتهام المقاومة بالارتباط؟ لابد أن هناك الكثير مما يمكن القيام به غير مخاطبة بعضنا بعضاً, فنحن نعي تماما حقيقة ما يجري, إذاً لنخرج من هذه الحلقة المفرغة من أي فعل مؤثر ولننطلق إلى ساحات أرحب, لنعمل جميعاً كل في مجال اختصاصه على القيام بشيء: لتبحث عيون الكاميرات عن كل ركن يحضن مأساة, لتكتب الأقلام وتفضح مشروع الغرب في صحف ذلك الغرب, لتنطلق معارض صور مجازر اسرائيل إلى بقاع الدنيا التي لا تقف عادة مع قضايانا بشكل عادل, ليقم المغتربون العرب بما يفضح ويكشف زور اسرائيل, ولنكشف مخططات المعتدلين, لنعمل جدياً على تسويق آلامنا ومعاناتنا في عالم ما عاد يفهم سوى لغة التسويق والأرقام والصورة الرقمية والفضاء الالكتروني...‏

ثمة الكثير الكثير مما يجب – ويمكننا - القيام به, وإلا فإن صك البراءة الذي ننتظره من دماء الضحايا لن يوقَع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية