تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قبلة على جبين الطيب.. أردوغان

آراء
الأثنين 19-1-2009م
محمود شيخ عيسى

كم كانت دموعك عزيزة وغالية أيها الطيب أردوغان وأنت ترى ذلك الطفل الفلسطيني الذي بُترت ساقاه نتيجة القصف الصهيوني الوحشي لغزة البطلة..

قائد سياسي حفيد العثمانيين - الذين طردوا تيودور هرتزل وجراره الذهبية التي عرضها لبيعهم فلسطين - كانت دموعه تخرج من القلب الذي قلب مفاهيم السياسة ومعادلاتها لا أخلاقياتها..‏

فالسياسي.. هو إنسان أولاً وأخيراً.. فكيف إذا كان هذا السياسي من طينة جبلت بأخلاق العزة..‏

نعم.. بكى الرجل بكل النبل والشهامة.. في وقت عزّت فيه على المتواطئين ولو كلمة.. نحن معكم يا أهل غزة..‏

أما الرجل الرجل.. الطيب أردوغان فقد قالها وبكل جرأة وقوة ودونما خوف من أحد..‏

«إن إسرائيل ترتكب أفعالاً غير إنسانية سوف تؤدي إلى دمارها مضيفاً بانتمائه الإسلامي المتحضر: إن الله عاجلاً أم أجلاً، سوف يعاقب هؤلاء الذين يتجاوزون حقوق الأبرياء».‏

الطيب أردوغان.. لم يبتسم منذ ظهر على الشاشات في الأزمة،‏

تركيا.. بقيادة أردوغان بادرت برفض الهجوم الإسرائيلي على غزة فور وقوعه.. ليس لاعتبارات سياسية تتعلق بالإهانة التي وجهتها‏

إسرائيل لتركيا.. بشنها الهجوم البربري على غزة بعد زيارة رئيس وزراء الكيان الغاصب لتركيا بأيام.‏

بل انطلاقاً من موقف تنتهجه تركيا من رفضها للعدوان وما موقفها من رفض استخدام أراضيها لغزو العراق وعرضها على وحدة العراق وعدم تقسيمه إلا دليلٌ على ذلك بل وسعيها لأفضل العلاقات مع جيرانها..‏

نعم.. حفيد العثمانيين (وليس بسعي لامبراطورية عثمانية جديدة) بل بحنكة وشرف رجل الدولة الذي يدين المعتدي ويكشف عهره.. بل ويطالب بطرد (إسرائيل) من منظمة الأمم المتحدة لرفضها تطبيق كل القرارات الصادرة عن هذه الهيئة الدولية العاجزة..‏

قال : «إن العالم يتفرج على (المجازر الوحشية) التي ترتكبها إسرائيل في القطاع ولايحرك ساكناً وكأنه يشاهد فيلماً سينمائياً».‏

وطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتطبيق العقوبات اللازمة على تل أبيب بسبب رفضها قرار المجلس رغم إلزاميته.‏

عدا عن الدعوة الجريئة لمقاطعة المنتجات الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية لدعمها اللامحدود لقوات الاحتلال الصهيوني.‏

وخرج ملايين الأتراك.. ليشاركوا شعب غزة جرحه وملتفين حول النهج الذي اتخذه الطيب أردوغان.. ورددّوا وراءه: العِزّة لغزّة،، والموت للقتلة..‏

نعم.. هكذا أنت أيها الطيب أردوغان.. يا من انتصبت قامتك باسقة كأعمدة (أفسوس)..‏

وبكيت أطفال فلسطين.. وكأنهم أطفال استانبول.. وازمير.. وأنقرة.‏

في وقت تسابق به الكثيرون من حكام دول الاعتلال ليعزّوا سيد البيت الأبيض غير المأسوف على رحيله (بوش) لموت هرته (توني)!!..‏

أيها المارد أردوغان..‏

يا رجل الدولة والسياسة..‏

يا رجل السياسة الخلوق..‏

يا عثماني الانتماء.. وإنساني الهوى.. من كل عربي.. من كل مقاوم من كل إنسان على امتداد الوطن..‏

نقول: شكراً أردوغان..‏

فما ساومت.. حيث ساوموا..‏

وما هادنت.. حيث هادنوا..‏

وما كنت جباناً.. حيث جبنوا..‏

مدرستك في الأخلاق السياسية نهجٌ يجب أن يُدّرس ويكفي ردك على انتقادات صهاينة تل أبيب حين قلت: (نعم أنا عاطفي عندما أرى ما تفعله الهمجية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين ولم تكتف بذلك بل قلتها بكل صلابة لمجرمي الحرب ليفني وباراك... التاريخ سيسجل لكما هذا العار).. ويكفي التفاف ملايين الأتراك حولك.. بل ملايين الشرفاء في العالم..‏

وربما يتعلم منك المتخاذلون والمستسلمون.. أشباه الرجال.. كيف تكون الرجولة..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية