|
آراء ولايشبه في شيء إلا ما فعله شذاذ الآفاق في أميركا الشمالية حين أبادوا الهنود الحمر وهم سكان الولايات المتحدة الأصليون. إنه لمن الإساءة للإنسانية ذلك الترابط العضوي بين الكيان الصهيوني وسادته في البيت الأبيض. يوم الخميس الماضي ونحن نشاهد أحداث غزة عرضت إحدى الفضائيات «تماذجا» مما قام به « الروّاد الأوائل الأميركيون!» في القضاء على مجموعات كبيرة من الهنود الحمر.. ومن ترحيلهم من مرابعهم إلى مناطق أخرى ارتأوها لهم من أجل مدّ السكك الحديدية، ثم يقوم رعاع أولئك« الرواد!» وشذاذهم في حالة ثورة مجون بالقضاء على معظم هؤلاء المهجرين ويرتاحون منهم ومن أعباء إطعامهم، دفعة واحدة!! إن ما يتشدق به قادة الكيان الصهيوني من أنهم يدافعون عن أنفسهم ضد «هجمات!» الفلسطينيين العزل لايدعو للاستغراب فحسب، بل يعيد إلينا التاريخ الذي كتبته الأصابع الغربية وفق أهوائها فأهدت فلسطين وطنا لهؤلاء الأفاقين! بأي وجه يقابل العرب أهل فلسطين وشهداءهم وجرحاهم الذين بلغوا الآلاف؟؟ وبأي «قصيدة عصماء» سيؤبنون الصمت العربي والعجز العربي والنخوة العربية؟! إنه لمن المحزن حقا أن يقابل بعض العرب لهجة المقاومة التي سادت أجواء القمة العربية في الدوحة بذلك الصلف والاحتجاج الغبي بحجة أن معظم القادة العرب يريدون قتال الصهاينة بأطفال غزة!! بالتأكيد ليس ثمة ما يفرح جزاري الكيان الصهيوني أكثر من اختلاف واقتتال العرب مع بعضهم ليرتاحوا منهم ويتفرغوا جيدا إلى القضاء على غزة ومن فيها!! إن النغمات التي تأتينا من إدارة البيت الأبيض لاتخرج عن قاعدة ذلك الترابط العضوي والعنصري بينهم وبين مغتصبي فلسطين.. لقد أصبح الحق باطلا ونسي التاريخ من أساسه، فصار شعب فلسطين وافدا عليها وغدا أولئك المساكين الصهاينة! أصحاب الأنياب الحمراء الذين قضموا تلك الأرض هم المظلومون والمعتدى عليهم!! إن استشهاد العشرات من سكان غزة يوميا.. وسقوط الآلاف من الجرحى صار أمراً عاديا ومجالا خصبا للمماكحة وحذلقة الكلام.. فبأي غد وبأي أمان سيحلم أطفال فلسطين؟ وبماذا سنعوض الأطفال الذين قضى أهلهم ولم يبق لهم أحد؟!.. وأي طفولة هذه التي سيقضونها بعد ذلك؟!.. وهل من عربي يرضى لأطفاله الكوارث التي يعانيها أطفال غزة وفلسطين؟! وسواء اتفق العرب أم لم يتفقوا فسوف تظل جراح غزة نازفة لاتحميها الخطب وإبداعات اللسان والحلق العربي، وسيظل أهلها في المحرقة هم المعاناة وهم الضحية وهم المحك الذي يختبر الرجولة العربية!! إن جراح غزة التي يحميها أهلها لاتطلب من الملايين العربية سوى موقف واحد حازم يحترم الصوت العربي والكرامة العربية.. وما نظن الصواريخ والقذائف الصهيونية تنتظر التلكؤ العربي لتفعل فعلها فتقتل من تقتل وتجرح من تجرح!! أيها العرب الذين يستغرب العالم تراخيهم أو دفن الرؤوس في الرمال إن المستقبل والمجد لاتصنعه البراعة الكلامية والتماهي بالمماحكة والاختلاف. بل تصنعه الوقفة الواحدة والصمود والمقاومة. وقديما قال الشاعر: قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم طاروا إليه زرافات ووحدانا لايسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ماقال برهانا وأنتم أيها العرب، يبدي الشر كل أنيابه لكم.. وإخوانكم بين يديه المجرمتين، إما طفل شهيد أوشهيد ممزق أو مجروح لاأمل في شفائه، فماذا يبدي الشر لكم أكثر من هذا؟ وماذا يحل بكم أكثر من ذلك؟ وما النائبات التي تعترضكم أكثر مما يجري معكم في غزة على الأقل؟!.. فمتى ستطيرون زرافات ووحدانا إلى هذا الشر الغادر؟ ومتى ستنتهك كرامتكم وأمتكم أكثر مما يحصل الآن؟ لقد سمعنا أصواتا وفتاوى تنال من صلابة المقاومة في غزة، وتعتبر المظاهرات التي عمت الشوارع العربية والعالمية أعمالا غوغائية وفسادا ما بعده فساد.. فمتى تصحو رؤوسكم الثقيلة؟ ومتى تعرفون أن القذائف الصهيونية لا تفرق بين عربي وآخر؟؟ ومتى ستشعرون أن ما يتعرض له أطفال غزة هو جزء مما سوف يتعرض له أطفالكم؟؟ لقد عانت المقاومة في جنوب لبنان من بطر بعضكم وعسفهم وعدائهم واتهاماتهم الكثير الكثير، ومع ذلك فقد انتصرت وطردت الصهاينة الغاصبين. فمتى سترسخون هذه النتيجة وتطيرون زرافات ووحدانا إلى الشر الذي يفتك بأطفالكم في غزة الصامدة؟! |
|