تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


غزة الصــــامدة..وأمنيــــــة أبي عــــدنان

هذا جولاننا
الأثنين 19-1-2009م
حسين صقر

عرفته في المرحلة الثانوية والتقيته أكثر من مرة وكان كلما رأيته يزودني بمعلومات كثيرة كان قرأها من أمهات الكتب،

فكنت أمضي النصف الأول من الوقت معه للتمتع بحديثه والنصف الآخر أنصرف لترتيب ما قاله في ذاكرتي لأستفيد منه بينما هو ينصرف لأمر آخر مع العائلة وكنت دائماً أفكر بذلك الرجل الذي تجاوز السبعين بعامين ولا يزال متفائلاً بالغد وكأن روحه لم تتجاوز العشرين بعد.‏

سجن في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي عدة مرت لمقاومته الاحتلال وفي المرة الأخيرة اقتادته سلطات الاحتلال إلى المعتقل زيادة عن كونه وجهاً بارزاً من أبناء قرية بقعاتا في الجولان المحتل ومعروف بصدق لسانه وقوله لكلمة الحق بسبب إخفائه عنه بعض نشاطات المقاومة بعد أن تأكدت سلطات العدو أنه على دراية تامة بها وكان لزاماً عليه حسب تفكيرهم المريض وأوهامهم أن يخبرهم عن هذه النشاطات.‏

وهناك في السجن قضى معظم أيامه ولياليه بالقراءة والمطالعة وتثقيف الذات والحديث إلى زملائه عن ثقافة المقاومة وضرورة مقارعة الاحتلال بشتى الوسائل وكيف أن المقاومة وهي الخيار الأوحد للشعوب التي سُلبت حقوقها.. لكنه طوال هذه الأيام رغم ارتفاع صوته واقتران الأقوال بالأفعال كان يعمل بصمت غير مسبوق.‏

قال لي ذات مرة أتعرف يا بني لو أن العرب يجتمعون ولو مرة واحدة ويتفقون على طريقة يتخلصون بها من «إسرائيل» التي مدت أذرعها في كل مكان كالأخطبوط وتحاول السيطرة على مقدرات هذه المنطقة.. حبذا لو نستيقظ يوماً على هكذا اتفاق ويتخلص الفلسطينيون وأهلنا في الجولان من ظلم الإسرائيليين الذين لا يعرفون إلا الحقد والغدر.‏

قبل عشر سنوات توفي الشيخ أبو عدنان عماشة ولم تتحقق أمنيته تلك.. وقبل أيام التقيت ابنه عدنان وتحدثنا بألم عما يجري في غزة الصامدة وتذكرنا معاً كلام والده وعنفوانه وحسه الوطني وأمانيه وذكرنا بعض المواقف التي يقفها من يتكلمون العربية من حرب الإبادة الجماعية التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.. وتمنينا معاً أن تتغير هذه المواقف علّ أبا عدنان يرتاح في قبره.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية