تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عش الورور .. ذروة المعاناة ...100 ألف نسمة في علب كبريت غير آمنة

تحقيقات
الأثنين 19-1-2009م
عدنان سعد

يجسد عش الورور واقعا مرا لإحدى ظواهر السكن العشوائي حيث نمت عشرات الآلاف من المنازل على جبل صخري غير آمن جيولوجيا وتغيب عن بيوتاته عوامل الأمان الانشائية لكنه غدا أمرا واقعا يقطنه حوالي مئة ألف نسمة منهم حوالي 70 ألفا ضمن الحدود الادارية لدمشق.

ومازال الحبل على الجرار حركة بناء نشطة لكن في أماكن ومنحدرات ويصعب السير فيها على الأقدام.‏

وبفعل غياب الحلول والتداخل الاداري مع ريف دمشق فقد تقاذفت المسؤولية معربا وبرزة في قمع المخالفات والتخديم.‏

والسؤال: ما واقع عش الورور؟ وماذا عن معاناة سكانه؟‏

وكيف نصل إلى حلول لتنظيمه وأين الجهات المعنية حيال تفاقم معاناته؟..‏

جولة ميدانية‏

أبنية الحي أشبه بعلب كبريت متراصة ارتفاعا فوق بعضها بدءا من النهر وصولا إلى قمة الجبل حيث خزان المياه الوحيد وما يليه من منحدرات وأودية تمتد يسارا من أتوستراد التل ويمينا وصولا إلى مشفى تشرين.‏

الشارع الرئيسي يخترق الحي صعودا يتسع ويضيق تبعا لجغرافية المنطقة وللتعديات العمرانية وتتفرع عنه يمينا وشمالا شوارع ضيقة وأزقة أطلقت عليها تسميات تشير إلى المناطق الأهلية لقاطنيه.‏

مظهره الخارجي لا يوحي بالاطمئنان يمثل صورة مرة لمعاناة يومية بدءا من الدخول إليه والخروج منه وصولا إلى باقي الخدمات المفقودة.‏

البدايات‏

كان عبارة عن جبل أجرد تسكنه الحيوانات الشاردة ومنذ عام 1975 بدأ الزحف العمراني يتسلقه تدريجيا وحسب المختار محمد هلال صقر لم يتجاوز عدد سكانه العشرة آلاف نسمة لغاية 1985 وكان القاطنون يحصلون على الخدمات بوسائلهم الخاصة وغير المشروعة وتوالى الزحف العمراني صعودا ليشمل قمة الجبل عند الخزان ثم توسع الامتداد خارج الحدود الإدارية لدمشق بين المنحدرات والأودية ليتجاوز عدد السكان السبعين ألفا ضمن الحدود الادارية لدمشق لوحدها وربع العدد في الحدود الادارية لقرية معربا .‏

ذروة المعاناة‏

في أبعد حارات الحي والتي تعرف بالتوسع فوق الخزان والحارة 19 أجمع القاطنون على غياب معظم الخدمات بدءا من عدم وجود طريق وغياب مياه الشرب وشبكة الهاتف والصرف الصحي وحتى الكهرباء الخدمة الوحيدة المتوفرة فهي غير مستقرة وأعطالها أكثر من انقطاعها.‏

ورغم مضي أكثر من عشر سنوات على البناء ووجود أكثر من 15 ألف قاطن لم يتم جر مياه الشرب ولجأ السكان إلى الحلول الخاصة كأن يمد أحدهم شبكة بطول يصل أحيانا إلى الألف متر لتغذية منزله وهذه عرضة للسرقة وهدر المياه نظرا لغياب عوامل الأمان أو اللجوء إلى شراء المياه.‏

وقام الأهالي بمراجعة مديرية مياه الفيجة لتخديمهم مع استعدادهم للمساهمة بالشبكة ماديا وفنيا ولم تتم الاستجابة.‏

إنذار بالخطر‏

وفي حارة المكسرة أفاد السكان بوجود مدرسة وحيدة في الحي مكونة من ست شعب للصف الأول فقط لا تحقق أدنى شروط السلامة فالمياه ترشح من سقفها ويلازمها جدار استنادي متشقق وأن سقط لا قدر الله تكون الكارثة قد اكتملت.‏

ومع الاجماع على سوء الخدمات فإن الشارع الرئيسي بالحارة لم يعبد منذ عشر سنوات وكذلك واقع حارات دير ماما حيث الشارع الوحيد فيها غير آمن وحارات عين بورة والخزان ومنصور الأبيض و19 وتوسعات شمال وجنوب الخزان حيث تتآكل شوارعها الفرعية ويغيب عنها التعبيد لتبقى مغبرة صيفا وموحلة شتاء.‏

عند جهينة‏

المختار محمد هلال صقر أكد إهمال الجهات المعنية مطلب تخديم الحي فمثلاً: الكهرباء هناك نظامان للتقنين صباحا ومساء بخلاف واقع التقنين بدمشق إضافة إلى كثرة الأعطال وصمم آذان الطوارىء .‏

غياب للصرف الصحي: لا توجد شبكة نظامية للصرف الصحي إلا على الشارع الرئيسي فقط ولجأ السكان إلى تنفيذ شبكات خاصة بهم عشوائية علما أنه منذ أكثر من عامين وعد مدير شركة الصرف الصحي ووزير الاسكان تنفيذ شبكة بطول 500 متر للحي لكن شيئا لم يجر على أرض الواقع.‏

الهاتف متوفر وهو الشيء الوحيد الذي وفرته المحافظة للحي وتمت تغطية ما نسبته 60٪ من مساحة الحي بشبكة الهاتف الثابت وقد لاحظنا أعمال مد الشبكة الأرضية.‏

مستوصف لا يكفي: منذ حوالي 30 عاما أشادت مديرية الصحة مركزا صحيا لخدمة الحي عندما كان سكانه لايتجاوزون العشرة آلاف والآن أصبح عدد السكان حوالي مئة ألف والمستوصف بقي على حاله لا كادر طبي يكفي ولا مخصصات دوائية تلبي احتياجات السكان.‏

المواصلات: إن وسائط النقل في الحي مؤمنة من المدخل وحتى ساحة الخزان فقط وهي وسائط نقل خاصة تعمل بشكل مخالف عبارة عن خانات مغلقة مخصصة لنقل البضائع لكنها تحل مشكلة كادت تكون مزمنة على أنها لا تصل إلى نهاية السكن مما يضطر حوالي العشرة آلاف قاطن للسير على الأقدام مسافة تصل إلى حوالي 800 م.‏

التعبيد والتزفيت: الحي عبارة عن جبل شديد الانحدار شارعه الرئيسي فقط معبد بالاسفلت أما باقي الحارات والشوارع عبارة عن أزقة تضيق وتتسع حسب التعديات الحاصلة عليها والتزفيت فيها غير ممكن إلا يدويا.‏

والمحافظة عبدت العام الماضي جزءا من الخطط المتراكمة التي أقرتها لجنة الحي وهناك مشروع جديد سلمته للمتعهد لكنه يحتاج لتعديل أمر المباشرة كونه يحتاج إلى تعبيد وتزفيت فقط.‏

المياه عليلة‏

يوجد في عش الورور أكثر من 15 ألف ساكن تغيب عنهم مياه الشرب ورغم مطالبة لجنة الحي والأهالي للجهات المعنية بامدادهم بشبكة مياه لم تفلح المحاولات.‏

ومازالت حارات شمال وجنوب الخزان تعاني الجفاف رغم وعود المحافظة بإقامة خزان جديد.‏

واقع مؤلم‏

أمين الفرقة الحزبية فراس حسن أكد أن معظم الساكنين من العاملين بالدولة ومحدودي الدخل وواقعهم المعاشي صعب جدا حيث يفتقر الحي إلى المدارس والأسواق المنظمة وغياب الخدمات .‏

كما أن مجاري شبكات الصرف الصحي تصب في النهر على مدخل الحي وهو مكشوف مما يزيد في تلوث البيئة وانتشار الروائح والحشرات والقوارض وازدياد الإصابة بمرض اللاشمانيا والغريب تجاهل المحافظة لمطلب حوالي مئة ألف قاطن عائديتهم لدمشق وريفها.‏

والبلدية لا تقدم للسكان سوى خدمة ترحيل القمامة مقابل استيفاء 70 ليرة كرسوم على كل دورة هاتفية.‏

ريف دمشق تعتذر‏

وباعتبار أن جزءا من الحي يتبع لريف دمشق قصدنا بلدية معربا للوقوف على الحلول المطروحة للمعاناة إن وجدت وأفاد رئيس المجلس البلدي محمد عزو كولله:‏

لا يمكن تزويد الحي بأي خدمة لمجاورته للعاصمة ولأن معظم الخدمات مجاورة له وأن الاجراءات المعمول بها بمعربا أن تكون المنطقة المراد تخديمها داخل المخطط التنظيمي أولا وأن يصادق المجلس المحلي على تقديم الخدمة وهذا لا ينطبق على عش الورور علما أن البلدية سبق واقترحت على المحافظة احداث بلدية خاصة بالحي المذكور.‏

الحل الأمثل .. التنظيم‏

للوقوف على حقيقة ما يمثل الحي قصدنا محافظة دمشق متجاوزين دائرة خدمات برزة ومن خلال مديرية الصحافة بالمحافظة قال المهندس بشار الدادا مدير دوائر الخدمات: وصولا لايجاد حل نهائي لمشكلات المخالفات السكنية تقوم المحافظة بتقديم الحد الأدنى من الخدمات للحي لكن قمع المخالفات العمرانية مسؤولية بلدية معربا كونها تقع ضمن حدودها الإدارية.‏

وقامت المحافظة بدراسة المشاريع المقترحة من لجنة الحي والفرقة الحزبية لتأمين الجزء الضروري منها بالحدود الدنيا وسيتم خلال العام الحالي تعبيد 4 آلاف متر مربع يدويا في حارات الجرف والوادي وشارع الفرز وجنوب وشرق صيدلية نرجس.‏

وشدد المهندس الدادا على أن التنظيم هو الدواء للحي ولباقي المخالفات وأنه للمرة الأولى في تاريخ محافظة دمشق يتم تنظيم إحياء المخالفات وخلال الأشهر القليلة القادمة سيتم الانتهاء من كافة عقود التنظيم تمهيدا لإعطاء أمر المباشرة.‏

وبعد‏

يقال عن الحي إنه عش النسور نظرا لارتفاعه ويقول بعض الأهالي إن أمورهم تسير بقدرة قادر لكن على الجهات المعنية أن تقوم بواجبها وما نأمله أن يكون نصيب سكان الحي من الخدمات مثل ما ناله نظراؤهم في الأحياء المخالفة ولو بالحدود الدنيا؟.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية