|
دراسات والذي عمل كمراقب عسكري للأمم المتحدة في جنوب لبنان لفترة طويلة حيث استطاع إجراء العديد من الدراسات والأبحاث المعمقة عن لبنان وأحزابه السياسية. تأتي أهمية كتاب (حزب الله) من مصدرين: الأول هو توقيته, والثاني مؤلفه أستاذ في العلاقات الدولية في جامعة أميركية, ويبدأ المؤلف بالقول إن صناع السياسة في الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل, كانوا قد فهموا (حزب الله) على غير حقيقته, حيث اعتبروه منظمة ذات بعد واحد هو البعد (الإرهابي) ولم يكن هذا هو الخطأ الوحيد, بل إن الدولتين وقعتا في خطأ آخر أكبر وهو اعتقادهما بأن مصير (حزب الله) محسوم وأنه مقضي عليه بالاختفاء, وهو تقييم تبين زيفه و لا سيما خلال المواجهة بين الحزب واسرائيل في عدوان اسرائيل على لبنان في الصيف الماضي, حيث عجزت اسرائيل عن كسر النواة الصلبة للحزب الذي تمكن من الصمود, بل وجه لها ضربات موجعة, ويؤكد (نيرثون) أن حزب الله ليس مجرد قوة عسكرية, ولكنه أيضاً منظمة اجتماعية توفر الخدمات التي تعجز الدولة عن توفيرها كالتعليم والصحة وإنشاء المرافق وإقامة مظلة خيرية للضمان الاجتماعي,و لاسيما في المناطق الفقيرة ذات الأغلبية الشيعية. ويرى المؤلف أن هذا الدور الاجتماعي الذي يقوم به الحزب, جعله يحظى بدعم شعبي قوي, ما أضفى عليه مصداقية ومكنه من الحصول على قدر كبير من النفوذ السياسي. حتى أصبح لاعباً رئيسياً, ليس في الساحة اللبنانية فقط, وإنما في المنطقة أيضاً, كما منح زعيمه السيد (حسن نصر الله) شعبية متميزة ومعتبرة, وهو ما تعزز بعد صمود الحزب في حرب تموز الماضي. ويؤكد المؤلف أن شعبية (حزب الله) الآن هي أقوى مما كانت عليه سابقاً, وأن الحزب لا يزال يحتفظ بقاعدة دعم قوية في الجنوب اللبناني, وأن جهود إعادة الإعمار التي قام بها بعد الحرب والتي نتج عنها دمار هائل في الجنوب وفي الضاحية الجنوبية, كانت أسرع وأكثر نجاحاً من الجهود التي قامت بها الولايات المتحدة في أعقاب (إعصار كرترينا) والتي لا تزال تتعثر حتى اليوم. وهذا التقييم ليس من وسيلة إعلام عربية, وإنما هو من محطة تلفزيونية أميركية مستقلة. إضافة إلى ذلك, يقدم الكتاب عرضاً وافياً للكثير من التعقيدات المرتبطة ب حزب الله, وبدوره في لبنان والشرق الأوسط, ويبين إلى قرائه بدرجة كبيرة من الوضوح والبساطة, كيف نشأ الحزب وكيف نما تدريجياً وكيف تطور, وكيف خرج الحزب بالاتفاق مع (أمل) وتطور بعده ليصبح لاعباً اقليمياً في المنطقة يحسب له حسابه من قبل القوى العظمى. ويقدم المؤلف أيضاً تحليلاً شاملاً للأوضاع الاقليمية والحالية للحزب, ويحاول من خلال أخذه في الاعتبار لكافة العناصر والعوامل الأخرى ذات العلاقة أن يتنبأ بالمسار الذي سيتخذه الحزب مستقبلاً. ومن هذا المنظور, يرى أن (حزب الله) لا يزال يتبنى سياسة مقاومة إلى جانب كونه منظمة سياسية تركز في الدرجة الأولى على السياسات العملية. ومن الأمور المتعلقة بحزب الله, والتي يمنحها المؤلف اهتماماً خاصاً, أن الحزب وخلال مسيرة تطوره من مجرد مجموعات صغيرة مقاومة إلى حزب سياسي مؤثر يتمتع بتأييد شعبي ملموس, أصر على الاحتفاظ بقواته العسكرية لأنها لن تكون وسيلة يستخدمها الحزب لارهاب الآخرين, وإنما هي وسيلة لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي, ولا سيما عندما كان الجيش اللبناني, ولا يزال, عاجزاً عن مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية ضد لبنان. وكانت العمليات التي قام بها الحزب, هي ما أجبر الاسرائيليين على الخروج من جنوب لبنان عام 2000 بسبب ارتفاع معدل الخسائر وهو ما لم يكن ليتيسر لولا صمود المقاومة اللبنانية وعلى رأسها حزب الله, ويناقش المؤلف الرأي القائل إن الحزب كان يجب أن يفكك قواته بعد خروج (اسرائيل) من جنوب لبنان, لكنه أصر على الاحتفاظ بها لعدم ثقته في أية اتفاقية يتم التوصل إليها مع (اسرائيل), وهو ما أثار, ولا يزال يثير كثيراً من الجدل, وإن كانت وجهة نظر حزب الله قد تعززت بعد الأداء المتميز لمقاتليه خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان في صيف العام الماضي. ولم يكتف المؤلف في كتابه بسرد تاريخ حزب الله, ومراحل تطوره, ولكنه يتناول أيضاً بعض الروايات والحكايات التي تكشف عن تواصله المباشر بكثير من جوانب الحياة في لبنان, وعلاقاته برجالاته وسياسييه النافذين, ما يجعل من هذا الكتاب كتاباً لا غنى عنه لكل من يريد الإلمام بالصورة الكاملة لهذا الحزب, الذي أصبح يلعب دوراً لا يمكن إنكاره أو تجاوزه على الساحة اللبنانية وعلى ساحة (الشرق الأوسط) بشكل عام. |
|