تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عرس الشهادة

طلبة وجامعات
2012/3/28
شادية اسبر

بحزن وشغف ممزوجين بفخر كبير كانت تروي كيف نزلت إلى حديقة منزلها وملأت سلتها بأوراق الورد لتصعد بلهفة إلى الشرفة حيث كانت ابنتها تحمل صينية الأرز بانتظار موكب الشهيد.

لم تكن تعرفه أو من أين هو ولا حتى تعلم اسمه.. «فقط لأنه شهيد يستحق أن تخلو حدائقنا من الورود وموائدنا من الأرز ونقف لأجله بإجلال على الشرفات نزرف الدموع ونشتم رائحة الكرامة ونستمد الشموخ والعزة من جثمان لف بعلم وطن لنزفه غرسة سنديان في ترابه».. هكذا كان ردها عندما سألتها لماذا تبكين عليه وأنت لا تعرفينه؟.‏

هذا لا يحصل على شرفة /أم سليمان/ فقط بل كان هناك ما يشبه الاتفاق الجنتلماني الروحاني بين النساء اللاتي تطل منازلهن على الشارع العام الذي هو قطعة من الفسيفساء السورية, والمشهد يتكرر مع كل نبأ موكب شهيد.‏

وتابعت أم سليمان «بعد نحو ربع ساعة غصت الشرفات بالنساء والأطفال وامتلأ الشارع بالرجال والشباب وشعّت أكاليل الغار من بعيد تمشي رويداً رويداً.. «..‏

«أنا أيضا لم أكن اعرفه قبل استشهاده لكنني بكيته».. بهذه العبارة علقت /سعاد/ من على شرفة المنزل المقابل وأردفت .. «بالأمس كانت تسكن هذا الجثمان روح مفعمة بأحلام وآمال وأشياء وأشياء تحتاج لآلاف السنين كي تتحقق, لكن أعداء الحياة يخافون الأحلام النظيفة فيغتالونها».‏

أما ابنة الثمانين عاماً /أم يوسف/ لم تبك لأن الموقف برأيها يستحق الزغاريد لا البكاء, وبخطواتها الثقيلة المتعثرة ترنحت /أم يوسف/ مستندة إلى عكازها ونزلت الشارع رافضة الوقوف على الشرفة وهي تقول «هذا عريس فلماذا تبكين».. وأطلقت زغاريد متعاقبة جعلت الجميع يجفف دموعه ويرفع رأسه ويتنفس عبق الشهادة , وفي لحظة حولت /أم يوسف/ آلام المشيعين إلى آمال ووضعت على رأس كل منهم إكليل غار عليه أن يرويه كل يوم كي لا يذبل.‏

شادية اسبر‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية