تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


زادتها الأزمة المالية ارتباكاً.. ضياع 50 ألف فرصةعمل في أميركا و البطالة إلى 6,1بالمئة ..!

فرصة عمل
الخميس 25/9/2008
تقرير سوق العمل الذي يصدر شهرياً عن وزارة العمل الأميركية يعتبر من أهم التقارير الذي تترقبه أوساط الأعمال, وتبني قراراتها الاستثمارية على مؤشراته, بل إن لوحات أسواق المال كثيراً ما تسلك سلوكاً صعودياً أو هبوطياً بناء على بيانات هذا التقرير سلباً أو إيجاباً.

الأزمة المالية التي ضربت أعاصيرها شواطئ عالم المال والأعمال في أميركا أثارت مخاوف المحللين والمراقبين بشأن الانعكاسات الخطرة لهذه الأزمة على سوق العمل المرتبكة أصلاً.. فالتقارير تشير إلى أن أرقام التوظيف في سوق العمل ما زالت هزيلة, وخلال العام الفائت مثلاً ارتفع عدد العاطلين عن العمل المسجلين رسمياً بواقع 500 ألف عامل, في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الأشخاص الذين هم خارج قوة العمل, أي الفئة التي لا تعمل ولا تبحث عن عمل, بمقدار 1,5 مليون عامل, وهو رقم مخيف بالنظر إلى بلاد تشكل حصتها من الناتج العالمي أكثر من 13 تريليون دولار, أي نحو ربع هذا الناتج, الذي بلغ في العام 2006 نحو 59 تريليوناً..!!‏

وإذا كانت الأزمة المالية الأخيرة قد أضرت بسوق العمل عموماً, إلا أن ضررها أشد ما يكون هو في القطاع المالي, الذي يعتقد بعض المراقبين أن يكون هذا القطاع قد خسر نحو 50 ألف وظيفة كما أن بيانات أخرى أشارت إلى أن سوق العمل خسرت نحو 100 ألف وظيفة في حزيران الماضي, و60 ألفاً في تموز, وذلك مقارنة مع أرقام مبدئية قالت إن عدد الوظائف المفقودة بلغ 51 ألفاً خلال هذين الشهرين, وفي المجمل ارتفعت نسبة البطالة مؤخراً إلى أعلى معدلاتها منذ كانون الأول 2003, إذ وصلت إلى 6,1 بالمئة.‏

ولعل الأخبار غير السارة عن سوق العمل أصبحت تدفع المواطن الأميركي إلى القول إن ثمة خطأ في التوجه الاقتصادي للبلاد, ففي استطلاع للرأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع شبكة سي.بي.إس الإخبارية أظهرت نتائجه أن نحو 81 بالمئة من العينة المستقصاة قالت إن البلاد تسير على طريق غير صحيحة اقتصادياً, وهذه النسبة لها مدلولاتها لكونها الأعلى منذ أن بدأت هذه الاستطلاعات أوائل تسعينيات القرن الماضي, والآن بات اثنان من كل ثلاثة أميركيين يعربان عن اعتقادهم بأن الاقتصاد آخذ بالتراجع, ولعل في تقرير التوظيف لشهر آذار الماضي ما يؤكد هذه الفرضية, حيث الانكماش في فرص العمل فاق الشهرين السابقين, إذ لم يحدث من حقبة الخمسينيات أن انكمش النمو في قطاع العمل لمدة ثلاثة أشهر متوالية.‏

وفي النتيجة, ثمة ما هو أهم من تدهور سوق العمل والفرص المتاحة فيها, ذلك أن تراجع مؤشرات هذه السوق تؤدي بالضرورة إلى تراجع المؤشرات الاقتصادية الأخرى, ولعل في مقدمتها أسواق المال, وما لذلك من انعكاسات وارتباطات بسعر الفائدة, وبالتالي الإقبال على الأسهم والسندات أو تركها إلى أسواق أخرى, خصوصاً بعد أن شل قطاع الإسكان, هذا القطاع الذي يحرك عشرات القطاعات الأخرى, والذي يجمع المراقبون بأنه يعيش أيامه الأسوأ منذ 17 عاماً.‏

تقرير سوق العمل الأميركي‏

عبارة عن مجموعة من مؤشرات سوق العمل ويعتبر هذا التقرير من أهم المؤشرات الشهرية الرئيسية التي تشير إلى محصلة النشاط الاقتصادي, لأنه يغطي القطاعات الأساسية لاقتصاد الدولة, ثم إن الكثير من المؤشرات تعتمد على بياناته, لأنه لا يقدم معلومات عن سوق العمل وحسب, بل ويظهر مستوى الدخل والإنتاج أيضاً, ويزيد التقرير من قوة التوقعات في وول ستريت, فمجرد انخفاض بسيط في مستوى البطالة, فإن ذلك من شأنه أن يمكن المستثمرين من التحكم في استراتيجياتهم الاستثمارية والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة.‏

كما أن إحصاءات سوق العمل توفر أيضاً رؤية مستقبلية لاتجاه الأجور, ومعدل التضخم في هذه الأجور من أكبر الأعداء على قائمة البنك الاحتياطي الفيدرالي, ورئيس البنك بن برنانكي يتحدث عن هذه البيانات باستمرار, ويراقب مستوى التضخم, وعندما يكون التضخم تحت السيطرة, فمن السهل على الفيدرالي أن يحافظ على سياسة مالية أكثر تكيفاً مع الوضع الحالي.‏

ويؤثر تقرير العمل على أسواق المال بناء على ضعف أو قوة المعلومات والبيانات الواردة فيه, وعادة ترتفع سوق الأسهم مع سوق السندات عندما تعلن بيانات ضعيفة, لأن خفض أسعار الفائدة يكون في مصلحة الأسهم, حيث يقبل الناس على شراء الأسهم بدلاً من ايداعها في البنوك وأخذ فائدة قليلة والعكس صحيح أيضاً, كما أن معدل البطالة يرتفع خلال الانكماشات الدورية للاقتصاد ويهبط خلال فترات النمو الاقتصادي السريع, وارتفاع هذا المعدل يكون مصحوباً عادة بضعف أو انكماش اقتصادي وخفض لأسعار الفائدة, في حين أن انخفاض معدل البطالة يكون مصحوباً بانتعاش اقتصادي, كما أن الأجور ترتفع عندما يصبح معدل البطالة منخفضاً جداً ويصعب الحصول على عمال أثناء فترة الإعلان, ويصدر تقرير العمل عن مكتب الإحصاء في وزارة العمل الأميركية, ويعلن في يوم الجمعة الأول من كل شهر, وتغطي بياناته الشهر السابق بطبيعة الحال, وتعدل بيانات الشهرين السابقين لمزيد من الدقة في المعلومات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية