|
مجتمع فهذا بكل تأكيد يزعج الزوجة ويشعرها بالإهانة لمجرد المقارنة, فنفسية الطفل كذلك مثل نفسية الكبير يغضب و يتوتر حين تقارنه بأخيه الأسرع منه أو الأذكى منه أو الأهدأ منه. إن مثل هذه المقارنة تخلق عند الطفل اضطراباً في نفسيته و ضعفاً في شخصيته لأنه قد يكون عاجزاً عن القيام بنفس ما يقوم به أخوه أو أخته ولكنه يستطيع القيام بشيء لا يستطيع أخوه القيام به لأنه لم يخلق نسخة عن أخيه فهو شخصية مستقلة ومن الخطأ مقارنته مع الآخرين. الطفلة زينب ديب 12 سنة تقول: أختي الكبيرة متفوقة في دراستها أكثر مني... والمقارنة بيني وبينها تجعلني أبذل جهداً أكبر كي أصبح مثلها ولكنني في كثير من الأحيان أفشل ولا أستطيع تحقيق ما يطلبه مني أحد والدي وأشعر أنني أقل ذكاء منها. كذلك أمي تقارن بيني وبين أختي لأنها تحب أن تدفعني أكثر للحركة والاجتهاد في الدراسة ولكنني أكره هذه الطريقة لأن قدراتي غير قدرات أختي وكل إنسان له قدرات معينة لايستطيع مضاعفتها بسهولة. خطأ تربوي حسن ابراهيم موظف يقول: للمقارنة بين الأولاد سلبيات كثيرة ومعظم شباب الجيل الحالي قد عانى من هذه المشكلة عندما كان صغيراً يتربى بين أفراد أسرته, حيث لم يكن يكتب التفوق لجميع أفراد الأسرة في أداء واجباتهم المدرسية أو تلبية طلبات الأهل والمسألة لا تتعلق بكون العمل الذي يقوم به المتفوق صحيحاً أم خاطئاً. كأن يطلب الأب من أبنائه القيام بأمر ما فيسرع أحدهم إلى تلبيته أو يحسن أحدهم أداءه كما يريده الأب وليس كما ينبغي أن يكون فالمقياس هنا هو رؤية الأب أو الأم لا طبيعة الأمر. ويضيف: وتظهر هذه المسألة بوضوح عندما يميز بعض المدرسين بين التلاميذ فيقول هذه منطقة الكسالى وهذه زاوية المجتهدين. كذلك في الأسرة عندما ينتهي العام الدراسي ويأتي الأولاد بالنتيجة فنسمع الأب يقول لابنه الذي نتيجته أدنى من أحد أخوته, بماذا قصرت معك? أنت تأكل كما يأكل أخوك وأجلب لك مثلما أجلب له.. لماذا هو أفضل منك في المدرسة وفي أداء الواجبات الأسرية? هذه الكلمات تحطم الطفل وتجعله حقوداً و أعتقد أن الكثير من العداوات التي تقوم بين الإخوة في الكبر كان منشؤها الصغر وبدايتها مقارنة الأهل لأولادهم بعضهم بعضاً... وأنا سأعمل جاهداً على ألا أقع في هذا الخطأ التربوي في تربية أولادي. تحطيم للنفسية سامية نظام معلمة تقول: إن مسألة التربية أمر عظيم لا يحسنه الكثير من الأهل وخاصة مجتمعاتنا العربية بسبب عدم الوعي الكافي لدى الكثير من الآباء والأمهات وتعتبر التربية النفسية أهم وأعقد وأصعب من التربية الجسدية وتشكل السنوات السبع الأولى من حياة الطفل ركيزة مهمة في التربية النفسية. وما التفريق بين الأبناء والمقارنة بينهم إلا أحد المشكلات النفسية التي يبقى أثرها على الفرد وتؤثر على جميع مناحي حياته التي يعيشها. فالمقارنة بين طفل قصر أو بذل جهده في أمر ما ولم يستطع بلوغ الكمال فيه مع آخر بلغ مرتبة أعلى يعني هدماً ودماراً لنفسية الأول... وهذا الخطأ ليس في الطفل بل في أهله الذين لم يكتشفوا نقاط النجاح في هذا الطفل أو عجزوا عن جعله ينال المرتبة العليا في ذلك الأمر, فهم المقصرون برأيي وليس الولد. رأي أهل العلم: يقول الأستاذ نبيل صافية (عضو الجمعية السورية للعلوم النفسية والتربوية) والمدرس والمحاضر في كلية التربية: كثيرة هي العوارض السلبية التي قد تنتج بسبب التربية الخاطئة التي يمارسها كثير من الآباء والأمهات عند أولادهم حيث يقومون بمقارنة مجحفة بين الأولاد وأقرانهم بطريقة ترسخ فيهم الشعور بالنقص والدونية وذلك من خلال النظر إلى نجاح الآخرين وتفوقهم واعتباره دليلاً على فشل الأولاد وتقصيرهم.. كذلك من أهم الآثار السلبية في نفوس الأبناء ضعف الثقة بالنفس... والقلق... والتوتر أو الشعور بالخجل والخوف من النقد أو الشعور بالبعد عن الوالدين والخوف منهما... وعدم حرية إبداء الرأي نتيجة اللوم والتقريع. ولعل التمييز بين الأبناء يؤثر في الدراسة أيضاً فيؤدي إلى صعوبة التركيز أو ضعف الذاكرة والتعرض لحالات النسيان وهذا ما يجعل الطالب متأخراً في دراسته ويجعل الأبناء يشعرون بالافتقار إلى القدوة الحسنة أو المثل الأعلى. |
|