|
دراسات والتي عملت جاهدة على إيجاد الظروف المناسبة والملائمة لذلك, فكانت أهم المعطيات التي ظهرت في ظل الهيمنة المطلقة لأمريكا على مجلس الأمن والأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية هي السلوكية التي تعاملت بها وتتمثل من خلال فرض وجودها وكأنها قيصر العالم, وهذا ما جرى في أفغانستان والعراق وما يجري في فلسطين وفي مناطق أخرى تحت ذريعة الإرهاب, وهذا يعني أنها أعلت شأن القوة على العدالة, وهذا ما وضع العالم أمام منعطف خطير في طبيعة العلاقات الدولية, وتقفز إلى الأذهان جملة نقاط حول موضوع الحقوق والواجبات وتنفيذ القرارات الدولية التي اتخذت عبر مراحل مختلفة مضمونها حقوق شعب سلبت أرضه وسيادته وشرد?! ما نريد الحديث عنه هو القانون الدولي وكيف يتم تسخيره بالطريقة التي تخدم مخططات مرسومة وأطماع واضحة, ويمكن القول إن هذه السلوكية يفترض أن تتراجع لجملة أسباب أهمها التحولات التي بدأت تظهر وتتشكل عالمياً من جهة, ومن جهة أخرى المعطيات والوقائع التي ظهرت في القوقاز وما قامت به جورجيا وإصرار روسيا وعلى لسان رئيسها وتأكيده على أنه يجب أن يعيش العالم بأقطاب متعددة لكي تتكون حالة توازن داخل المؤسسات الدولية واتخاذ قرارات وإجراءات تحد من الهيمنة الأميركية. تغييرات واضحة: المتابع للواقع في الفترة السابقة يلاحظ أن الولايات المتحدة الأميركية عملت جاهدة لاستصدار قرارات عبر مجلس الأمن والأمم المتحدة, أو خارج ذلك تجاه دول تعارض سياساتها وكل ذلك كان يتم اعتماده عبر ذريعة الإرهاب وتكاثره على خلفية أحداث أيلول, وأضحى موضوع الإرهاب يتم الحديث عنه تجاه أي دولة لا تنطق ولا تنصاع إلى مشيئة أميركا والأمثلة على ذلك كثيرة, ويمكن القول إن ماجرى في القوقاز وما قامت به جورجيا جعل روسيا تعيد حساباتها من خلال التأكيد على دور المنظمات الدولية, وتخليصها من العربدة التي تمارسها أميركا عليها, إضافة إلى الموقف الروسي المتشدد حيال أميركا عبر إجراءات صارمة تهدف إلى الحد من النفوذ الأميركي الذي بدأ يتزايد في القوقاز. ويمكن القول إن وجود السفن الحربية الروسية في بحر الكاريبي وتحديداً في فنزويلا له دلالات ومؤشرات على بداية النهاية لسياسة القطب الواحد التي كانت تخدم أميركا بامتياز والتي كانت تهدف إلى معاقبة جميع الدول التي لا تنصاع لمشيئتها. إن ما جرى ويجري من أحداث تتوالى على الساحة الدولية يجعلنا أمام معطيات غير قابلة للشك حول سلوك الإدارة الأميركية الحالية والتي لن يكون لها دور إيجابي في إرساء دعائم السلم العالمي, أو موقفها العادل من خلال القرارات الدولية التي تصدر عن مجلس الأمن والأمم المتحدة, والجميع ينتظر الإدارة الأميركية الجديدة للحكم عليها من خلال الأفعال وليس الأقوال. إن المجتمع الدولي بدأ يدرك مخاطر سياسة القطب الواحد والفترة المقبلة تعطينا مؤشرات حول إيجاد الأسس اللازمة لبداية واقع دولي متعدد المحاور يخلق حالة من التوازن والاستقرار على مستوى العلاقات الدولية من جهة, ويبشر بإمكانية عودة الحياة والعدالة إلى المؤسسات الدولية من جهة أخرى. |
|