|
دراسات أصبح نظام القطب الوحيد المهيمن أميركا وأن هذا النظام لم يكن متوافقاً عليه من أمم الأرض, ودولها بل كان نظام الأمر الواقع الدولي حين سقط الاتحاد السوفياتي ومنظومة الاشتراكية واعتبرت أميركا أنها هي الأولى بقيادة النظام العالمي, فهي التي أسقطت ذلك الاتحاد واشتراكيته وهي ذاتها لا ترغب أن يشاركها في هذا النصر أحد من العالم حتى حلفاؤها أولاً. ومنذ العام 1991 أخذت الحكومة العالمية تدار من قبل أميركا القطب الذي لم يتفاعل مع الدول بمنظومة الشراكة العلمية التي كانت هدفاً له في حقبة الحر ب الباردة, والقطبية الثنائية أصبح يؤكد على انفراده وهيمنته, كما وصف ذلك بريجنسكي رجل التفكير الأمني الاستراتيجي الأميركي, وفي هذا الخصوص شهد العالم نظاماً امبراطورياً مستكبراً استبدل العلاقات الدولية التوافقية عبر مؤسسات الشرعية الدولية, بعلاقات أوامرية تطرح الخطاب الحربي إذا ما تم عدم الامتثال لها من أي جهة دولية كانت, بمن في ذلك من كان الركن الأهم في المنظومة السوفياتية التي كانت (روسيا الاتحادية). وبناء عليه فقد اتسمت السياسة الأميركية منذ العام 1991 حتى اليوم بالمنهج التطويعي الدولي, ولو أدى الأمر لمزيد من العقوبات والضغوطات والحروب على أي طرف يستدعي معه ذلك. وبناء عليه فقد انعكس هذا الحال بصورة أكثر سلبية على العلاقة بين مؤسستي الشرعية الدولية : الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي حين اختطف هذا المجلس من قبل القرار الأميركي الامبرطوري فترة من الزمن وشنت حروب خارج إرادته علىالعراق على سبيل المثال عام 2003 , ومنذ العام الذي احتل فيه العراق اعتقدت أميركا أنها حسمت مسألة الهيمنة الدولي وقد لا توجد قوى عالمية قادرة على تغيير هذه الخارطة السياسية التي فرضت بالحرب. ولم تمض سنة واحدة حتى اتضح لأميركا أن أمرها بالعراق لم يستتب له الحال وكذلك في أفغانستان التي احتلتها تحت شعار الحرب العالمية على الإرهاب الدولي بعدحوادث الحادي عشر من أيلول عام 2001 المفتعلة, ومنذ العام 2004 صارت المقاومة في العراق وأفغانستان وكل بلد تتدخل أميركا بشؤونه الداخلية تصعب على القرار الأميركي الامبراطوري وتبدو مظاهر عجز أميركية واضحة للخروج من الأزمة ولاسيما حين أخذ يتبدى لشعوب الأرض أن الديمقراطية التي تحركت أميركا دولياً لنشرها وتعميمها لم تنعكس في سلوكها في الدول التي احتلتها على الأقل, ثم حقوق الإنسان والأوطان والتنمية العالمية والفقر العالمي والمرض وتدهور البيئة الطبيعية والاجتماعية, لم يدخل في حساب أميركا التي تزعم نفسها على النظام الدولي وتخلي مسؤوليتها من مسائله الهامة. ومن المعروف عبر أنساق السجال العالمي منذ المتغيرات الدولية في منتصف ثمانينات القرن الماضي أن فكرة تصدير الديمقراطية الغربية كانت تلاحقها أسئلة كثيرة منها: أي ديمقراطية اعتمدتم عليها واعتبرتموها النموذج الدولي القابل للتصدير حتى نتحاور حولها كما كان يقول القائد الخالد حافظ الأسد ? وطبعاً لم تكن ثمة إجابة على هذا السؤال ولذلك فقط طرح القائد الخالد حافظ الأسد فكرة الديمقراطية الدولية واعتبرها هي الديمقراطية المطلوبة للنظام الدولي الجديد الذي يزعمون أنهم يتوجهون نحوه, حيث قال أمام مجلس الشعب عام 1992: الديمقراطية ليست جانباً واحداً, هناك ديمقراطية سياسية وديمقراطية اجتماعية وديمقراطية اقتصادية وهناك أيضاً وهذا هو المهم بالنسبة لنا ولشعوب العالم الثالث , ديمقراطية دولية فجدير بالدول التي ترفع شعار الديمقراطية أن تطبق وأن تمارس الديمقراطية الدولية التي تقتضي المساواة بين الدول والتعامل الحر والند للند وعدم التدخل في الشؤون الداخلية, السيادة والاستقلال . هذا هو ماكان مطلوباً للنظام الدولي في رؤية القائد الخالد وكان الكثيرون من قادة العالم آنئذ يخافون من طرح مثل هذه القضية الديمقراطية الدولية( وذلك لتفادي الغضب الأميركي عليهم وقد كانت الحركة الفيدرالية العالمية فيرقص وات قد أعدت وثيقة تتناول العجز الديمقراطي في الحكم العالمي منذ العام 1998, وقد توخت فيما طرحته إضفاء الطابع الديمقراطي على الحكم العالمي ومن ثم تعزيز الطابع الديمقراطي على الحكم في المستوى الوطني. ويتعقد واضعو هذه الوثيقة التي تدرج في جدول أعمال الجلسات الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة أنها تمثل مرجعاً جوهرياً أو معياراً أساسياً في أي نقاش يفتح حول بناء الديمقراطية العالمية, ومن الجدير بالذكر أن التوجه في هذه الوثيقة من أجل بناء الديمقراطية الدستورية والمفهومية على الصعيد العالمي يرتكز على ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 والإعلان المتعلق بمنح الاستقلال للبلدان, والشعوب المستعمرة عام 1960 ثم يستند إلى مهام الأمم المتحدة المتنامية في بناء الديمقراطية العالمية , ومن الملاحظ في استنتاجات واضعي الوثيقة وهم خبراء دوليون بأن إقراراً واضحاً عندهم بالعجز الديمقراطي في الحكم العالمي, ولعل مثل هذه الاستنتاجات تكون السبب في الوصول إلى تحديد المطلوب من مجلس الأمن والدول صاحبة الفيتو مثلما سوف يتحدد ما هو مطلوب من الجمعية العامة في دورة انعقادها الراهنة. وإذا ما تم ذلك فإن الأمم ستكون قد عينت الخطوة الأساسية في السير على طريق الديمقراطية الدولية التي معها لن يبقى سهلاً أمام أميركا هذا التدخل الجائر في شؤون الدول الأخرى ولن تتصرف بعد ذلك خارج قرارات مجلس الأمن الدولي وإلادارة الشرعية الدولية وباعتبارها القطب الذي ادعى أنه تجربته الديمقراطية صالحة لأن تكون النموذج العالمي الذي يجب أن يصدر منها ويستورد من غيرها, ستكون أمامها قضية العنصرية التي تمارسها ضد الملونين فيها كما أفصح عنه سانفورد كلاود في مؤتمر صحفي , وقد سانده في ذلك من جامعة شيكاغو البروفسور توم سميث قائلاً: إن العنصرية تشكل جزءاً من حياتنا اليومية, ومن المعروف أن منظمة كوكلاكس كلان المشهورة بأهدافها العنصرية ضد المهاجرين غير الشرعيين قد عادت للظهور بسلوكيات عنصرية بشعة في أميركا. ويقول مارك بوتوك وهو من مركز مكافحةالفقر في أميركا )ثمة أكثر من 250 مجموعة جديدة معادية للهجرة في أميركا , ما يثبت أن الأمور تعود إلى الوراء وليس كما تدعي إدارة الولايات المتحدة وفي هذا المسعى سوف نجد أن أهم قضايا اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة هو الوصول إلى تثبيت علاقات دولية سليمة قائمة على ديمقراطية دولية مرشحة للجميع في الوصول إلى نظام دولي جديد وعادل وبذلك لن تبقى أميركا سبباً في مآسي الشرق العربي, ومآسي جورجيا وأوسيتيا وأبخازيا وأفغانستان وأميركا اللاتينية . الخ. فالديمقراطية الدولية هي طريق البشرية لإصلاح خلل التوازن في النظام الدولي والوصول إلى وحدة إنسانية من الناحية الأخلاقية والروحية كما تتطلع إليه البشرية الحاضرة. |
|