تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إسرائيل والناتو.. تحالف غير بريء

موقع Monolialisaton.ca
ترجمة
الأربعاء 18-8-2010م
ترجمة: محمود لحام

مر خبر تحطم طائرة هيلوكبتر في رومانيا ومصرع الجنود الخمسة الذين كانوا على متنها بتكتم وسرية شديدة في الكثير من وسائل الإعلام الغربية على اختلاف أنواعها.. لكن هل تعرفون السبب؟!..

إنه بسيط جداً ذلك أن الجنود الخمسة اسرائيليون وكانوا في تدريب مشترك بين اسرائيل وحلف شمال الأطلسي.‏

ولكن هل تتصوروا كيف سيكون صدى الخبر فيما لوكان هؤلاء الخمسة من «حماس» أو من «حزب الله»؟ بالتأكيد ستقوم الدنيا ولن تقعد وسيدان الجميع.. وسيعقد مجلس الأمن وستفرض العقوبات وستستنفر القوى الكبرى جيوشها وستسمع التهديدات!!... إنه عالم غريب لايرى إلا بعين واحدة هي العين الإسرائيلية.‏

ويتابع روبرت فيسك: نحن لسنا أمام حالة تكون المقارنة فيها منطقية..فإسرائيل وللمناسبة تقوم على الإرهاب والقتل والأرقام تشير إلى عشق القتل ورؤية الدماء لدى الإسرائيليين، وللمناسبة فقد قتلت اسرائيل أكثر من 1300 فلسطيني في قطاع غزة خلال عام ونصف بينهم أكثر من 300 طفل وبالمقابل قتلت حماس 13 اسرائيلياً في نفس المدة.‏

وهنا لابد أن نقول إنه هل من المصادفة أن يتوافق تقرير القاضي الجنوب إفريقي «ريتشارد غولدستون» اليهودي أيضاً مع ماسبق؟ بالطبع لا.. فالتقرير الذي جاء ب (750) صفحة والذي أشرفت عليه الأمم المتحدة وصف ماجرى في غزة نهاية 2008 بالمجزرة وحمام الدم. ما أثار غضب المتعصبين الموالين لإسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا، لا بل رفضت سبع دول أوروبية نتائج ذلك التحقيق.‏

مادور الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في هذه المناورات المشتركة مع جيش ملطخة يداه بالدماء لايملك أي رصيد أخلاقي؟‏

للإجابة على هذا السؤال نحن مدعوون لقراءة كتاب(علاقاتنا مع اسرائيل) للكاتب «دافيد كرونين» وفيه تحليلات دقيقة للعلاقة الطفيلية والقائمة على غرس عقدة الذنب لدى الأوروبيين تجاه اسرائيل، إن التفاصيل المذكورة أصابتني بالدهشة والذهول (الكلام لروبيرت فيسك) حيث إن اسرائيل طورت علاقاتها السياسية والاقتصادية بقوة مع الاتحاد الأوروبي في العقد الأخير بحيث أصبحت دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي دون الإعلان عن ذلك وهذا ماأكده (خافير سولانا) المنسق الأعلى للاتحاد الأوروبي والأمين العام لحلف شمال الأطلسي سابقاً حيث قال: إن اسرائيل هي عضو في الاتحاد الأوروبي دون الإعلان عن ذلك.‏

وهنا لابد أن نسأل: هل صوتنا نحن الأوروبيين على ذلك؟ ومتى؟ ومن سمح بهذا؟‏

لابد أن للقادة الأوروبيين دوراً في ذلك.. فمثلاً ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني يرى أن اسرائيل تستحق الدعم والمساعدة وهذا ليس غريباً عليه فهو مثل غيره يدين بالولاء لها رغم أن هذه الأخيرة تجاوزت الأعراف والقوانين الدولية أكثر من مرة كان آخرها تزوير جوازات سفر بريطانية لعملاء اسرائيليين في دبي في عملية اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح.‏

إذاً إن تخاذل وتآمر الاتحاد الأوروبي مع اسرائيل وتجاهله لجرائمها عبر التاريخ هو ضوء أخضر سيسمح بمزيد من التجاوزات والجرائم مقابل سياسة متصلبة يبديها الاتحاد نفسه تجاه موقف هنا وموقف هناك لايعادل ولا يصل لمستوى ماتقوم به اسرائيل، وكلنا يذكر الموقف الأوروبي تجاه الحرب الروسية الجورجية عام 2008 وكذلك التجاوزات التي وقعت خلال الحرب بين الحكومة السيريلانكية ونمور التاميل المعارضين ودائماً هنا كان الصوت الأوروبي حريصاً علىحقوق الإنسان!!!‏

هذا ما أكد كرونين في كتابه المذكور سابقاً.‏

ويضيف الكاتب: لقد تجاوزت مبيعات الأسلحة البريطانية لإسرائيل عام 1999 ال 11،5 مليون جنيه استرليني وتضاعف الرقم إلى 22،5 مليون جنيه خلال عامين في الوقت الذي مازالت فيه اسرائيل تحتل الضفة الغربية وأجزاء أخرى من الأراضي العربية وتحاصر غزة وتبني المستوطنات رغم الانتقادات الكثيرة.‏

وما زاد الأمر سوءاً استخدام اسرائيل لهذه الأسلحة ضد المدنيين في مرات كثيرة، ففي العام 2006 وخلال الحرب على لبنان قتلت اسرائيل الآلاف من اللبنانيين في حملة صليبية بأسلحة بريطانية الصنع. نعم هذا هو الحال المؤسف وكأن الأوروبيين والأمريكيين يقولون نحن مع اسرائيل مهما فعلت...‏

لقد كانت الطائرات الأمريكية خلال حرب لبنان تنقل الأسلحة لإسرائيل وتتزود بالوقود في المطارات البريطانية والأوروبية عموماً..‏

إن التحالف الأطلسي الإسرائيلي قائم.. بموجبه قدمت اسرائيل للناتو مساعدات لوجستية في أفغانستان أسهمت في قتل العشرات من المدنيين.. وهي بذلك تعامل الناتو بالمثل وهو الذي لم ينفك يوماً عن تقديم أي مساعدة لها في حروبها ضد العرب، ومازيارة رئيس أركان الجيش الاسرائيلي (غابي أشكينازي) لبروكسيل مقر حلف شمال الأطلسي إلا مشهد من مسلسل تحالف القتلة والمجرمين .‏

وإذا نظرنا للمشهد من زاوية أخرى فسنجد أن الاتحاد الأوروبي يقدم ملايين الجنيهات المخصصة لمشاريع في قطاع غزة.. لتأتي اسرائيل بعدها وتدمر هذه المشاريع بسلاح أمريكي.‏

ويحلل كرونين مايحدث بالتالي: يقوم دافعو الضرائب الأوروبيون بدعم المشاريع في غزة.‏

بينما يقوم دافعو الضرائب الأمريكيون بدعم الجيش الإسرائيلي الذي يدمر تلك المشاريع يعود بعدها الأوروبيون لتمويل وإعادة الإعمار، ثم الأميركيون لتحويل الأسلحة والتدمير وهكذا يمضي الوقت على العرب والفلسطينين لتجد أن حالهم يتدهور للوراء نتيجة التدمير المادي والبشري المستمر بينما اسرائيل تزداد قوة وصلابة.‏

هذا هو الحال فإسرائيل والناتو يشتركان ببرنامج تعاون يسمح للجيش الإسرائيلي بالدخول على شبكة المعلوماتية الخاصة بالناتو واستخدام معلوماتها الاستخباراتية السرية.. ولم لا، فهذه اسرائيل فمن غيرها استطاع الجلوس في حضن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؟!!! بالتأكيد لا أحد!!...‏

 بقلم: روبرت فيسك‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية