تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صحوة المثقفين في العالم.. خطـــــوة تميـــــط اللثـــــام

ثقافة
الأربعاء 18-8-2010م
محمد قاسم الخليل

يؤكد خبر إعلان مئة وخمسين فنانا إيرلندياً مقاطعة ثقافية ضد إسرائيل صحوة هؤلاء المثقفين على حقيقة واقع الكيان الصهيوني الغاصب وجرائمه ضد الشعب العربي الفلسطيني رغم الماكينة الإعلامية الهائلة التي تملكها إسرائيل في أوروبا وأميركا.

وقد تعهد المقاطعون بعدم المشاركة في أي معارض داخل الكيان الغاصب وعدم قبول أي تمويل حكومي إسرائيلي لأعمالهم.‏

وتأتي هذه الحملة حسب ما أوردته وكالات الأنباء احتجاجاً على الطريقة التي تعامل بها إسرائيل الشعب الفلسطيني، وأن المقاطعة ستستمر إلى أن تلتزم إسرائيل بالقانون الدولي والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان.‏

وممن أعلن موقفه ريموند دين الذي يرى أن قيام فنانين بتقديم أعمالهم في إسرائيل بمثابة دعم للحكومة الإسرائيلية، ومنهم أيضا الموسيقي داميان دمسي الذي يأمل بضرورة أن يواجه العالم النزعة العسكرية لإسرائيل، كما ذكر دونال لوني أنه قرر المشاركة في الحملة تعبيراً عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني.‏

ومع أن صحوة الفنانين والمثقفين في العالم مستمرة منذ سنين،لكنها أصبحت ظاهرة لافتة للنظر خلال العام الحالي والعام الماضي، ويلاحظ المتتبع لهذه الظاهرة بروز صحوة جديدة من الفنانين والمثقفين في العالم مع كل جريمة صهيونية جديدة، حيث يعلنون التنديد والشجب رغم كل محاولات إسرائيل التعمية على أخبارهم وأفكارهم.‏

وخلال شهر حزيران الماضي تزايد عدد الفنانين العالميين الرافضين لإقامة حفلات في إسرائيل بعد المجزرة الوحشية التي ارتكبتها ضد (قافلة الحرية) التي جاءت لتؤدي رسالة إنسانية لإغاثة سكان قطاع غزة المُحاصَرين.‏

وخلال شهر أيار الماضي ألغى عدد من الفنانين والفرق الفنية حفلاتٍ لهم  كانت مقررة في الكيان الصهيوني ومنها فرقة الروك الأمريكية (بيكسيز) وجاءت خطوة بيكسيز هذه بعد يومين فقط على خطوة مماثلة اتخذتها فرقة بريطانية هي فرقة (كلاكسون آند غوريلاز) اللندنية.‏

وسبقهما إلى ذلك المغني البريطاني إلفيس كوستيللو، وكذلك كارلوس سانتانا، والجنوب إفريقي جيل سكوت هيرون، والفنان الوحيد الذي أبقى على حفله المقرر هو إلتون جون وهو من الفنانين الشاذين فكراً وسلوكاً.‏

وانضم الممثل الكبير داستن هوفمان والممثلة ميغ رايان للمحتجين على الاحتلال، وكان هوفمان ورايان على وشك التوقيع على عقد المشاركة في مهرجان القدس السينمائي في اليوم الذي تلا الهجوم على السفينة التركية، إلا أن أنباء المذبحة جعلتهما يتراجعان عن المشاركة.‏

ربما أدى الهجوم على سفينة مرمرة إلى تنبيه من لم ينتبه إلى جرائم «إسرائيل»، لكن هناك فنانون بريطانيون أعلنوا غضبهم على الممارسات الإسرائيلية قبل العدوان الإسرائيلي على مرمرة، ففي بداية شهر أيار أعلن المغني الانكليزي ألفيس كوستيللو إلغاء زيارته إلى «إسرائيل» احتجاجا على معاملتها البشعة للفلسطينيين في الأراضي المحتلة، كما اتخذ آخرون قراراً مماثلاً سانتانا وسكوت هيرون جيل.‏

وإذا عدنا إلى شهر أيلول الماضي 2009 نتذكر قيام أكثر من خمسين سينمائياً عالمياً بتوقيع بيان يحتجون فيه على قيام إدارة مهرجان تورنتو في كندا باستحداث برنامج عروض أفلام عن تل أبيب مولتها الحكومة الصهيونية.‏‏

ورأى السينمائيون الموقعون على البيان أن هذا البرنامج هو نوع من التواطؤ مع آلة الدعاية الإسرائيلية، ويأتي في وقت تقوم به إسرائيل بتوسيع المستوطنات وتدمير المنازل و البساتين، ولاتزال المجازر التي ارتكبتها في غزة ماثلة أمام العيان.‏‏

وكان أغلب الموقعين سينمائيين متألقين منهم الممثلة الكبيرة جين فوندا و داني غلوفر ونعومي كلاين وكين لوتش، كما قام المخرج الوثائقي جون جريسون بسحب فيلمه (المستور) من المشاركة في المهرجان احتجاجاً على برنامج العروض المذكور.‏

إن هذه المواقف النبيلة والأخلاقية من قبل فنانين عالميين تستحق أن نسجلها لهم، وأن تعمم على الفضائيات العربية ليعرف الجمهور العربي قبل غيره مواقف هؤلاء الفنانين لأنهم يستحقون التقدير حقاً وليقارن المشاهد العربي بين مواقف هؤلاء ومواقف مثقفين يتحدثون بلسان عربي والعربية منهم براء.‏

وكنا نتمنى على المهرجانات الموسيقية والسينمائية المنتشرة في طول الوطن العربي وعرضه دعوة هؤلاء الفنانين والسينمائيين وأن نقول لهم شكرا على الأقل.‏

لقد سبق أن خسرنا فنانين كباراً كانوا من المؤيدين للقضايا العربية، وبسبب عدم تواصلنا معهم قامت «إسرائيل» بتطويعهم وجذبهم إليها، ومن الأسماء التي خسرناها الممثل الأصلع يول براينر الذي زار مخيمات الفلسطينيين في عام 1956 وأبدى تعاطفه مع محنتهم، ثم ما لبثت «إسرائيل» أن جذبته إليها وغدا من أنصارها.‏

كما نتذكر كيف حاولت إسرائيل تطويع جين فوندا عندما دعتها لزيارة القدس المحتلة، ولكن يبدو أن فوندا عصية على التطويع، فمواقفها الإنسانية المناهضة للظلم والعدوان متأصلة فيها منذ أن وقفت ضد الحرب الأميركية على فيتنام، ويذكر أن جين فوندا لبت الدعوة، وكان زيارتها للقدس المحتلة شؤماً حيث كسرت قدمها هناك، وهاهي بعد سنوات من تلك الزيارة المشؤومة تعود لإعلان موقفها المناهض للممارسات الصهيونية.‏

ونتمنى في النهاية أن تصاب الفضائيات العربية بعدوى اليقظة على الواقع المر للقضايا العربية علها تقدم شيئاً مفيداً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية