|
أروقة محلية لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم إزاء الازدحام على أبواب المسؤولين هو: هل هذا المشهد هو الذي يجسد التواصل والتفاعل مع المواطن وهل هو فعلاً الأسلوب الحضاري المنشود؟ إن التواصل الدائم والتفاعل البناء مع المواطنين والاستماع لطلباتهم أمر مطلوب ومن الضرورات الملحة، لكن أن يصبح الهدف من جميع هذه اللقاءات والطلبات الحصول على وظيفة لمدة ثلاثة أشهر فإن ذلك لا يقدم أي مؤشر على أن آلية عمل المؤسسات الحكومية تسير في الاتجاه الصحيح، لأن الأمر هنا يمس المصداقية ويتعلق بالإمكانيات المتوفرة والقدرة على تلبية هذه الطلبات وصولاً إلى غياب الشفافية في التعامل مع المواطن والتقليل من قيمة وفاعلية وهيبة التوقيع الرسمي للمسؤول. وهنا نسوق أمثلة كثيرة بدءاً من تصريحات بعض الوزراء بأن أغلب الطلبات هي طلبات توظيف، وكذلك الازدحام اليومي على أبواب الوزراء والمحافظين للتوقيع على طلبات التوظيف، وبالمناسبة ثمة ظاهرة جديدة في هذا السياق، حيث أصبح المواطن يشترط على المسؤول أن تكون الموافقة على طلب التوظيف تقتصر على كلمة موافق فقط وبدون «أصولاً» وبدون «وفق الاعتماد والشاغر» أو لبيان الرأي والإعادة.. وحتى إن تم توقيع الموافقة من الوزير أو المحافظ على التوظيف يتم الرفض من الجهات أو المؤسسات إما لأنه لا يوجد اعتماد أو لا يوجد شاغر، ولذلك تكون معظم الموافقات غير قابلة للتنفيذ سواء كانت من الوزراء أو المحافظين ..؟ وهل يكفي إلغاء الحواجز بين المواطن والمسؤول ليعيش المواطن على وهم الحصول على وظيفة عندما تصطدم هذه الموافقات بعدم توفر الاعتماد أو الشاغر، وأبعد من ذلك وبكل حرص وشفافية فقد أصبح عدد الذين تم توظيفهم لمدة ثلاثة أشهر في بعض الدوائر والمؤسسات أكبر من العدد الأساسي الموجود سابقاً، و ليس سراً أن بعض المديرين يشتكون من عدم وجود مكان في مؤسساتهم لجلوس الموظفين الجدد. وخلاصة القول إن التواصل والتفاعل الشكلي مع المواطن ليس الحل الأمثل، وإنما بآلية عمل صحيحة تستند إلى المصداقية وتعزيز الثقة بالمسؤول وتوقيعه كي لا يصاب المواطن باليأس وتهتز ثقته بمصداقية وهيبة المسؤول الذي هو في نهاية الأمر يمثل الدولة، والسؤال الذي يبدو مشروعاً إزاء كل ما تقدم هو: لماذا يتم استقبال المواطنين من قبل الوزراء والمحافظين والتوقيع على طلباتهم بالموافقة إذا كان لا يتم تنفيذ هذه الطلبات؟! خاصة إذا كانوا يعلمون مسبقاً أن هذه الموافقات غير قابلة للتنفيذ .! |
|