|
معاً على الطريق وكما لو أنها تدفع نوعاً من أنواع التعويض على خدمات قدمها هؤلاء إلى أميركا أو إلى غيرها.. وما كنت أنتظر ما جادت به أخبار المساء عن استقالة عدد من “ كبار “ ما يسمى الهيئة العليا للتفاوض المتوضعة بدورها في الدرعية أي ما يسمى الرياض عاصمة آل سعود.. بل ما كنت لأصدق أن تتواصل عمليات “ الصرف من الخدمة “ على النحو السريع الذي تناقلته وكالات الأنباء وعلى هذا الحجم، غير أنني تساءلت: ما معنى أن ينصرف هؤلاء عما هم فيه بطريقة “ الاستقالة “ سواء كانت بتعويض نهاية خدمة مقبوض سلفاً أو من دونه؟.. فمن ماذا استقالوا ولمن قدموا استقالاتهم وأين؟.. ومن في وسعه أن يقبلها منهم أو يرفضها ؟ هل استقالوا من “ الثورة المجيدة “ كما وصفها كبيرهم والناطق باسمهم.. وهم “ الثوار “ الذين يفترض بهم قيادة هذه الثورة؟، ثم هل الثورة وظيفة أو فرصة عمل كي يستقيل الثائر منها أو يتقاعد أو يبحث عن غيرها، أم هي استثمار عابر ينتهي بربح وفير أو قليل أو حتى برأسمال؟. فلمن قدم هؤلاء استقالاتهم؟.. للشعب الذي تسببوا بإبادة مئات الآلاف من أبنائه وتهجير الملايين منهم وبتدمير وسائل عيشه من المعمل إلى المنزل؟.. أم لمشغليهم الذين وقعوا معهم عقود القتل والتهجير والتدمير وقبضوا منهم تعويضات نهاية الخدمة أو ابتدائها لا فرق؟ طيف من التساؤلات المريرة عصفت برأسي وأنا أستمع إلى بعضهم يعلن استقالته على شاشات التلفزة دون أدنى خجل أو وجل، كما لو أنه.. وهو كذلك بالضبط، يستقيل من دور ووظيفة بأجر محدد. وحدثت نفسي بأن ثمة خللاً غير مسبوق في “ قوانين “ العمل لا شك.. حتى في تاريخ أعمال الخيانات العظمى.. إذا كان ثمة قوانين لها! أجزم أن لا فرصة أبداً للاستقالة من الدم البريء المراق على تراب الأوطان، ولا من طيوف الأرواح المرفرفة أبداً في فضاءاتها، ولا من قلوب الأمهات الثكالى والأطفال المقطعة الأوصال، لا استقالة أبداً من “ أعمال “ ارتكابات تمزيق الأوطان واستحضار الأغيار ونبش القبور ونثر عظام الموتى.. اللهم حينها إلا.. الاستقالة من الحياة بسيف كل هؤلاء الضحايا، تتبعها الاستقالة من كل تاريخ نظيف والحشر في كل تاريخ قذر!! على هذا النحو فقط يمكنكم تقديم استقالاتكم ونيل ما تستحقون من تعويضات يقررها الضحايا ودماؤهم والتائهون ولهاثهم والخرائب وغبارها.. ثم محاكم التاريخ وإلا.. فمع عدم الموافقة!! |
|