|
اقتصاديات 1- إنها كلما اقتربت من الاحتراف الاقتصادي كلما قل متتبعيها. 2- أنها تفتقد الصورة المميزة والعبارة الشهية وأفضلها التي تستخدم الأرقام والأرقام غالبا لغة جافة. 3- الكاتب الاقتصادي يضطر للتكرار غالبا.. لذلك كله يقولون: المادة الاقتصادية, مادة جافة.. سأحاول في هذا المقال أن أهرب من التجفاف عبر طرافة جرت معي.. ثم سأكمل المقال بالتكرار حول مسألة العمالة والبطالة في سورية. آخر مرة لعبت فيها (الكشادبين) هي نفسها أول مرة.. أعتقدها تعود إلى مطلع الستينات في مدينة اللاذقية الساحلية الجميلة.. كنت يافعا في مقتبل العمر أتفتل في شوارع المدينة مبهورا كأي ريفي حين طالعتني لعبة )الكشادبين) وحولها النصابون المحترفون الذين يديرون اللعبة كلاعبين وكجمهور.. بالمختصر وبصراحة.. راهنت وأنا واثق من سهولة الربح بخمس ليرات.. وكانت ليرات حقيقية.. ليست أبدا مثل ليرات اليوم.. وراحت الخمسة.. ولولا تعاطف أحد المارة معي إذ أوضح لي أن الجمهرة حول اللعبة أن هم إلى شراكة ببعضهم لخسرت كل ما بقي معي ولم يكن يزيد عن خمس إلى عشر ليرات أخرى. لم أعد إلى لعبة الكشادبين أبدا بل تحولت إلى ناصح حولها إلى أن كان يوم أمس الأول.. وكنت أقصد منزلي وأنا أستمع من راديو السيارة إلى إحدى إذاعات ال )ف م) ذات المسابقات والأرباح الكثيرة والأسئلة السخيفة والإعلانات السخية.. كان الجواب على السؤال الذي تطرحه المذيعة سهلا جدا.. وهي تعلن عن جائزة ألفى دولار.. وكانت الإجابات تأتي سخيفة مجانبة كليا للاقتراب من الجواب الحقيقي.. وأنا أستمع.. وقد شعرت بالحنق من سخافة السؤال وسخافات الإجابات واستجداء المذيعة لمن يربح ألفى دولار لوجه الله تعالى.. قلت لنفسي سأعطيهم الإجابة باسم شخص آخر, وأنهي هذه المعركة التي لم يحم وطيسها وأؤمن مستحوذا للألفي دولار. اتصلت من الهاتف النقال الذي أحمله وكنت تماما يا سيدي أمام لعبة )كشادبين) تمارسها شركات الإعلان مع شركات الخليوي مع إذاعات ال )ف ام) وفهمت سر الجوائز التي توزع يمينا ويسارا من هذا الإعلام. الناس تحلم بالجوائز.. تحلم بالثروة السريعة دون جهد وقد رأت بعيون كثيرة من أثرى دون جهد لذلك تقبل على برامج المسابقات على من سيربح المليون , على الأبراج ربما تجد من يقرأ لها حسن الطالع واحتمالات الإثراء.. لماذا ذلك كله.. لأن سياسة العمل بدءا من مكافحة البطالة وانتهاء بتحديد الأجور والرواتب هي سياسة تعيسة فعلا.. وبصراحة أرى الخطوات التي تقطع للخروج من هذه السياسة التعيسة خطوات محدودة إن كانت موجودة. فلا مكافحة البطالة ولا مكاتب التشغيل ولا وزارة العمل والشؤون الاجتماعية استطاعت فعليا أن تصور بدقة واقع العمل وفرصة وأجوره في سورية.. لأنها جميعا تعمل على السياسة الورقية التي تستقي معلوماتها من متبرع يقدم تبرعه لهذا السبب أو ذاك..(يريد قرضا.. يريد عملا حكوميا..الخ) إلى حد ما يعتبر الباطل عن العمل في مواقعنا الاقتصادية والاجتماعية كل من ليس له سجل عمل في الدولة أو القطاع الخاص مسجل لدى التأمينات الاجتماعية. هكذا تقول الورقيات.. وليس لدى الكثيرين أي رغبة في الخروج من هذه السجلات )المعتّة) حتى أن المرء ليتساءل ماذا يعملون في دوائرهم ووزارتهم المعنية.?! في يوم مضى من الأيام فكر دارسون في سورية بإلغاء وزارة العمل نهائيا.. فهل كانت فكرتهم بلا أرضية..?! هناك تقصير كبير من قبل جميع المعنيين في تحديد أوليات والانطلاق منها إلى تحديد معطيات.. ومن ثم تنظيم واقع.. أعني: تحديد من هو فعليا الباطل عن العمل.. ثم.. بموجب ذلك ما حقيقة نسب البطالة ? وهل ثمة فرصة عمل تبحث عمن يعمل وعامل يبحث عن فرصة فلا يلتقيان..?! إذا كان الأمر كذلك فلا بد من تنظيم حركة العمالة وتدويرها بشكل صحيح.. وسليم.. وببحث حقيقي نشيط.. وليس بتسجيل أسماء الذين يقفون في الطابور لتسجيل أسمائهم في مكاتب التشغيل أو للتقدم لمسابقة أعلنت عنها الدولة ولو كانت خلبية. هؤلاء يطلبون الشغل مع الحكومة.. لأن الشغل مع الحكومة غالبا هو ليس بشغل فيكون أجره كبيرا وإن كان بخسا..?! وللأمر علاقة كبيرة بإصلاح هندسة الأجور بحيث تستطيع الدولة أن تقدم أجرا مقابل عمل.. عوضا عن تقديمها مبلغا ثابتا مقابل عطالة ..?! ماذا أريد..?! أريد تماما أن أبحث عن فرصة لعامل سوري تهان كرامته خارج الوطن وهو يبحث عن عمل. |
|