تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


15 شباط

لبنان
معاً على الطريق
الأربعاء 15/2/2006م
غسان الشامي

أحوَلٌ من لم يرَ الحشود المتقاطرة في الذكرى الأولى لاستشهاد رفيق الحريري,..

لكنه أحولٌ وربما أعورٌ من لم يشهد انقسام لبنان في قلب الجمعِ المتلاقي وسط بيروت,فتحتَ جبّة الأعلام اللبنانية جاء الحلف الثلاثي الجديد الذي تمظهر في صراخ (قوات- مستقبل- إشتراكية) ومن تبعهم من الأطراف الصغيرة, كل يحمل شعاراته وربما أجندته الداخلية والخارجية وما بينهما, وكلّهم يحملون رسالة مغايرة حدّ التناقض لمن لم يأتِ إلى ساحة الشهداء ,وأقصد حزب الله والتيار الوطني وحركة أمل وبقية الأحزاب والفئات.‏

أحولٌ في أذنيه من لم يسمع طنين الرسائل الداخلية في نشوة رؤية الحشد ,التي ارتسمت في بادئ الأمر على وجوه الخطباء الأوَلْ ..صفر الوجوه , لكن في رسالة الثلاثة الأساسيين ,سعد الحريري,وليد جنبلاط ,سمير جعجع يكمن لبُّ الخطاب والمشروع وما يمكن استهدافه في المرحلة المقبلة, وهو خطاب مزدوج بوضوح وملتبس بإصرار وواحد في المحصلة, فمنذ عودة الحريري الإبن إلى بيروت بعد غياب ستة أشهر ,وعبر مجمل تصريحاته ولقاءاته وخطبته تتبدى الرسالة اللينة من حزب الله والآخرين ,خصوصاً فيما يتعلق بسلاح المقاومة وتوصيفها كميليشيا, أو لنقل أنه التهرب المتعمّد من الإجابة الصريحة على هذا الموضوع بحجة أنه قيلَ سابقاً ,وفي أماكن هامة, أما فيما يخص حليفيه فالأمر يختلف لأن الرسائل إلى حزب الله كثيرة ومعلنة تبلغ حدّ نزع سلاحه وارتباطه بأحلاف إقليمية وروزنامة غير لبنانية, وإن كان الحال والحشد أخذ بوليد جنبلاط ثأراً وصراخاً واهتزازاً ,فأسكرته الأعلام المعلنة لا المخبأة ,فإنه لسان حال قادة الحشد , حيث ذهب به الأمر لإعلان قطيعة تامة وحرق آخر عبّارة مع حزب الله وغيره, أو فليبادر الآخرون لنفي علاقتهم بكلامه علناً وعلى رؤوس الأشهاد.‏

الإزدواج الثاني هو في العلاقة مع سورية حيث حاول سعد ترطيب الأجواء كرمى لعربٍ ما ,وحاول الدوران حولها بأنه يريدها مميزة ,هذا في الكلام أما الأفعال فهي في مكان آخر, حتى أن كلمة مميزة باتت مضحكة وممجوجة ويجب البحث عن منعكس فعلي لها , بينما أطاح حليفه ورأس حربته بكل الحواجز والحدود عبر شتائم وحدها..مميزة تنمُّ عن حقد دفين وموقع آخر , أقل ما يقال فيه أنه آتٍ من عوالم غير عربية. أما البقية الذين اعتلوا ظهر المنصة فهم تنويع فلكلوري يتراوح بين المسترئس وطالب الصورة أو القربى.‏

الأمر الآخر في ذكرى اغتيال الحريري هو الهجوم على رئيس الجمهورية , الذي سيكون على ما يبدو عنوان الحلف الثلاثي في المرحلة المقبلة, ورأس أولويات اهتمام قادة هذا الحلف .‏

منظرٌ واحدٌ يبدو طارئاً ,لكنه يحمل دلالاتٍ بعيدة هو تواجد الجماعة الإسلامية الكثيف وخطاب رئيس مكتبها السياسي , أي حضور الأخوان المسلمين في لبنان, فراقبوا المشهد جيداً!!.‏

لقد جاء 14 شباط 2006 ليعلن بكل بساطة انقساماً لبنانياً, جاء ليقول هناك مشروعان متناقضان , ومهما قيل عن حشدً ودعمً وأموال, هناك حشدٌ له طربوش يحمل مشروعاً واضح المعالم يتبدى في خطاب وليد جنبلاط , وهناك مشروع آخر ظهرت ملامحه في كنيسة مار مخايل.‏

في كل هذا أين رفيق الحريري? أين مشروعه ولهجته وخطابه وعلاقاته ,للأسف, أعتقد أنهم حوّلوه إلى صورة وضريح ومنصة.. وغداً يوم آخر, إنه 15 شباط.‏

سيذهب الذين أتوا محبة بالحريري ,وسيبقى أصحاب المشاريع الخاصة وكل عيد حب وأنتم بخير.‏

كاتب وصحفي لبناني‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية