|
عن الانترنت حالياً أعمل كمدير مؤسسة التعليم الدولية, وذات يوم سألني أحد تلاميذي فيما إذا كنت فخوراً بكوني أميركياً. أجبته بأني أحب القيم المؤسسة لبلدي, وجمال طبيعته والكثير من الناس فيه, ولكن لم يعد بإمكاني القول بأنني فخور بكوني أميركياً وهذه هي أسبابي العشرة: أولاً: الحرب في العراق كانت غير شرعية, غير عادلة, غير ضرورية وأنا لا أفخر بفكرة (الحركة الاستباقية) لأنني لا أعتقد بأنه يتوجب على أميركا البدء بحروب غير ضرورية, لا سيما إذا كانت قائمة على أكاذيب. لقد اختار قادتنا الذهاب ببلدنا إلى حرب غير شرعية وغير عادلة وغير ضرورية عن طريق تكثيف الاستخبارات وترويع الشعب لدفعه للاذعان خوفاً. لقد قتلت هذه الحرب حتى الآن عشرات الآلاف من الأميركيين والعراقيين وجرحت آلاف آخرين وكلفت حوالى ثلاثمائة مليار دولار وصيرتنا أقل أمناً وأضحينا مكروهين أكثر مما كنا عليه قبل هذه الكارثة. وربما لا يعرف الشعب الأميركي السبب الحقيقي لهذه السياسة المتطرفة ولكن إليكم بعضاً من الأسباب المعلنة: (صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل), (صدام حسين دكتاتور), (صدام حسين لعب دوراً في الحادي عشر من أيلول), (صدام حسين يرتبط بالقاعدة), (نريد أن نجلب الديمقراطية للشرق الأوسط), (سنحارب الارهابيين في الخارج حتى لا يتوجب علينا قتالهم في وطننا), (العراق هو خط الجبهة في الحرب على الارهاب), وأخيراً العبارة التي أفضلها شخصياً وهي (لقد حاول قتل بابا). وبالتأكيد هناك سبب غير معلن والذي افترض بشكل واسع ولكن نادراً ما تم الاعتراف به وهو: (هناك الكثير من النفط والغاز في تلك المنطقة, المواد التي تستخدم كثيراً في أميركا). ثانياً: عبر السنوات الخمس الماضية تصرفت أميركا كدولة مارقة, بل والأكثر كدولة كريهة, وأنا غير فخور بالأحادية. وإذا كنا في مدرسة فإن هذه الدولة ستحصل على درجة (غير مقبول) في السلوك مع الآخرين. إدارتنا الحالية دست أنفها في كل أشكال الشركات المتعددة والدولية وانسحبت من معاهدة الألغام الأرضية ومن بروتوكول (كيوتو) والمعاهدة المضادة للصواريخ الباليستيه ومن المحكمة الدولية ومن الكثير من اتفاقيات جنيف المعارضة لتعذيب المساجين واهانتهم وكانت إحدى دولتين رفضتا التوقيع على وثيقة حقوق الطفل والآن ترتكب الولايات المتحدة الأفعال ذاتها التي أدين بها مجرمو الحرب في محاكمات (نوريمبورغ). ثالثاً: البلد الذي أحب يحترم حقوق الإنسان, والآن أنا لا أفخر بحقيقة أننا أصبحنا بلد (ممارسي التعذيب) فيبدو أن حكامنا الحاليين يجدون من المقبول جداً تعذيب أناس آخرين واعتقال أشخاص دون تهمة أو تمثيل قانوني. والآن بلدي متهمة باستخدام أسلحة كيماوية (فوسفور أبيض ونوع جديد من النابالم) ضد دولة زعم أنها كانت تمتلك أسلحة دمار شامل, والحقيقة أنها لم تكن تفعل. ومن المفارقات أن ال CIA تستخدم ال (غولاج) السوفيتية المهجورة مثلما تستخدم أسلحة كيماوية ضد مواطني الفلوجة العراقية. رابعاً: أنا لا أفخر بالسيناريو المعكوس لقصة (روبين هود) المنتشر والمسيطر على اقتصادنا, إذ يقوم حكامنا وبتهور بنهب ثروات بلدنا ومصادرها, إنهم يسرقون من الفقراء ليعطوا الأغنياء, والنتيجة أكبر إعادة توزيع للدخل في البلاد وما أدت إليه من فقر مخزٍ في أغنى دولة في العالم إضافة إلى عجز في الميزانية إلى أبعد مستوى. خامساً: أنا لا أفخر بالتحرك تجاه البلوتوقراطية (حكومة الأثرياء) ولا أفخر بحكومة السرقات. فأميركا أصبحت بلد الشركات وتدار من قبل الشركات ولأجل الشركات, ما يهيىء بيئة إرث أطفالنا). سادساً: أنا لا أفخر بالطريقة التي يشوه فيها دستورنا والقانون على يد العصبة المسؤولة في أميركا, إذ يضع حكامنا أنفسهم فوق القانون والدستور, ويستخفون أيضاً بالقوانين الدولية, وينهمكون في مصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة, والقيم الأساسية. والأمثلة تتدرج من الحرب غير الشرعية في العراق إلى ال (باتريوت أكت) الذي انتهك الحريات المدنية وصولاً إلى الكثير من الفضائح التي تورط فيها أمثال (ديك تشيني, سكوتير ليبي, كارل روف وآخرين..). سابعاً: أنا لا أفخر بالوضع الأميركي عالمياً, فحتى أقرب حلفائنا يحتفظون بمسافة أمان بعيداً عنا كي لا يصابوا بعدوى الفساد. أميركا تتدخل في كل أنحاء العالم, وتتصرف وكأنها المسيطر على الكرة الأرضية والذي لا يحتمل منافساً, متجاهلة بطيش العبر من الامبراطوريات الماضية. فالدول الأخرى وشعوبها تعتبر الولايات المتحدة التهديد لأمن العالم والسلام والعدل, وهي تهديد أكبر من ذاك الذي يشكله الارهابيون والدكتاتوريون في الكرة الأرضية. ثامناً: أنا لا أفخر بطريقة الاستخفاف بديمقراطيتنا, بدءاً من الدور الذي لعبته النقود في العمليات الانتخابية مروراً بفضائح التصويت عام 2000 و2004 و2005 وصولاً إلى انبثاق دولة الحزب الواحد, والحزب يتألف من فرعين: الجمهورييين ومستحاثات الجمهوريين. إن الولايات المتحدة معرضة لخطر خسارة ديمقراطيتها عندما لا تستطيع حتى مجرد اثبات صحة نتائج الانتخابات, فنحن نتحول وبسرعة إلى ديمقراطية بالاسم فقط, فقد بقي القليل من فكرة الديمقراطية التي وضعها آباؤنا المؤسسون. تاسعاً: أنا لا أفخر باختفاء الفصل بين الدين والدولة, فالفصل بين الكنيسة والدولة, الذي هو مبدأ أساسي في دستورنا, يتعرض للتآكل. فأولئك الذين في السلطة هم أنفسهم من لا يظهر مبادىء أخلاقية في قيادتهم وسياساتهم, إنهم يستخدمون الدين ويتحدثون كثيراً عن الاخلاق والقيم ولكنهم لا يجسدون أيا منها. عاشراً: أنا لا أفخر بالدور الذي تمارسه وسائل الاعلام في عملها كسلطة رابعة, ولا تنسوا أن (توماس جيفرسون) قال يوماً إنه لو خير بين صحافة بدون حكومة وحكومة بدون صحافة حرة لاختار الأولى. أميركا لم يعد بإمكانها التباهي بوسائل اعلامها المستقلة ذات الجودة العالية, فاليوم تسيطر أربع شركات على جميع وسائل الاعلام وبالنسبة لها الأرباح أهم بكثير من الحقيقة أو الناخبين المطلعين, وعوضاً عن كونها ناقدة أضحت تتصرف وكأنها منبر لخطاب الإدارة الأميركية. الرجاء ممن يعثر على (أميركيتي) أن يخبرني بذلك. |
|