تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كفانا وعود.. وانتظار.. وهدر...مشروع الصرف الصحي لمدينة طرطوس.. ألا يكفي ربع قرن من التأخير?

مراسلون
الأربعاء 15/2/2006م
هثيم يحيى محمد

في عدد الثورة الصادر بتاريخ 4/1/2006 نشرنا تحقيقاً موسعا تحت عنوان:

(الصرف الصحي يهدد بيئة طرطوس وريفها.. أموال ضخمة صرفتها الحكومة.. ونتيجة المعالجة صفر) و(391 مصباً إلى البحر والانهار والمسيلات والاراضي الزراعية والاحراج).‏‏‏

وقد وعدنا القراء في نهايته بتخصيص مادة صحفية ثانية حول مشروع الصرف الصحي الخاص بمدينة طرطوس بكل مكوناته وأسباب عدم انجاز هذا المشروع حتى الآن رغم مضي أكثر من ربع قرن على المباشرة به!.‏‏‏

وتنفيذا لهذا الوعد نتوقف في عدد اليوم عند واقع العمل في مكونات مشروع الصرف الصحي للمدينة (الخطوط- محطات الضخ- خط الضخ الرئيسي- محطة المعالجة) والذي يهدف الى حماية شواطئنا من التلوث الناجم عن مياه المجارير التي تصب عليها في نحو 15 موقعا.. وحماية البيئة بشكل عام والتشجيع على اقامة المشاريع السياحية على امتداد تلك الشواطىء الجميلة.‏‏‏

استغراب‏‏‏

بداية نشير الى أن المواطن السوري بشكل عام والساكن في طرطوس بشكل خاص يستغرب أشد الاستغراب التقصير الحكومي المزمن في انجاز هذا المشروع وبالتالي ترك مياه الصرف الصحي تصب في مياه البحر على شاطىء المدينة وشاطىء المنطقة السياحية بشكل مباشر مسببة الروائح الكريهة والبق والبرغش والتلوث غير المقبول اطلاقا.‏‏‏

ويزداد هذا الاستغراب شدة وحدة اذا علمنا أن الدولة باشرت بالعمل في هذا المشروع منذ عام 1980 وانجزت خطوطه الفرعية والاعمال المدنية لمحطة ضخ مشوار وخط الضخ الرئيسي ولم تنجز بقية مكوناته.. فهناك محطتان للضخ في الغمقة وحي العجمي متعثرتان ومحطة المعالجة لم يباشر بها رغم مضي أكثر من 5 سنوات على التعاقد عليها مع شركة فرنسية.. والكثير من الخطوط الفرعية باتت بحاجة لتبديل وتعديل.. أما خط الضخ الرئيسي الذي نفذ منذ سنوات عديدة بطول نحو 5 كم بدءا من موقع محطة ضخ مشوار حتى موقع محطة المعالجة عند مكتب نقل البضائع شمال المدينة والذي كلف الدولة الكثير من الاموال فبات بحاجة الى تبديل رغم عدم استثماره اطلاقا لأنه بدأ يتفجر عند تجربته من الشركة المنفذة وهناك قرار بهذا التبديل لكن لم يوضع موضع التنفيذ.‏‏‏

المهم رغم كل الاموال التي انفقتها الدولة حتى الآن ورغم السنوات الخمس والعشرين التي مرّت ما زال الواقع كما هو.. وما زالت نتائج التلوث بادية للعيان.. ومخاطره تهدد الجميع .وللوقوف على حقيقة الأمور ومن وجهة نظر رسمية وليست شعبية توجهنا الى مجلس مدينة طرطوس كونه صاحب المشروع والمشرف على التنفيذ وإن كانت وزارة الاسكان والتعمير هي الجهة التي تبرم العقود والمعنية بالانجاز.. وفي مدينة طرطوس حاورنا رئيس مجلس المدينة حول واقع المشروع فماذا كانت نتائج هذا الحوار.‏‏‏

خطوط فرعية‏‏‏

بداية سألناه عن مدى كفاية شبكات الصرف الصحي المنفذة في المدينة منذ سنوات عديدة في حال انجاز محطة المعالجة (المنتظرة) خلال 25 سنة قادمة.. أم انه لا بد من شبكات جديدة فكان جواب المهندس عبد الهادي يونس رئيس المجلس ان اغلب الخطوط الرئيسية في المدينة منفذة وتصب في محطات الضخ الفرعية في الغمقة والعجمي.. والرئيسية في (مشوار) وعند انجاز وتشغيل تلك المحطات تقوم بضخ مياه الصرف الصحي لكامل المدينة الى محطة المعالجة عبر خط الضخ.. وانه يتم اعداد الدراسات اللازمة لمناطق التوسع في المدينة (الرادار- مناطق التوسع الجنوبية- شارع 8 آذار) من خلال عقود دراسة مبرمة من قبل وزارة الاسكان والمدينة مع شركة الدراسات وسوف يتم ادراجها في خطط المدينة لتنفيذها بعد انتهاء الدراسة وتأمين التمويل اللازم لانجازها.. كما تقوم المدينة بانشاء شبكات فرعية جديدة لتخديم مناطق الافرازات الجديدة وفق خطط سنوية مدروسة.‏‏‏

طبعا نفهم مما سبق أن نسبة كبيرة من الخطوط الرئيسية منفذة وهناك خطوط جديدة تنتظر التنفيذ ولا سيما في المناطق الحديثة.. وكلها (المنفذ- والذي سينفذ) ستصب في محطات الضخ الثلاثة (الغمقة- العجمي- مشوار) فماذا عن هذه المحطات? ولماذا تأخر انجازها طيلة السنوات الماضية?.‏‏‏

يقول رئيس المدينة: تم تنفيذ الاعمال المدنية لمحطة ضخ مشوار مع خط الفائض الى البحر.. أما بخصوص تجهيزاتها فإنه لا يمكن توريدها وتركيبها لحين انجاز خط الضخ (طبعا من جديد) والمباشرة بتنفيذ محطة المعالجة للمدينة حيث إن تركيب التجهيزات العائدة للمحطة دون استثمارها يعرضها للتلف والتعديات وانتهاء عمرها التصميمي دون استثمار وتشغيل.‏‏‏

أما محطة ضخ العجمي فقد تم التعاقد بين وزارة الاسكان والتعمير والشركة العامة للمشاريع المائية (فرع طرطوس) لتنفيذ أعمال المحطة بموجب العقد 162/25/4/6 تاريخ 8/11/2005 واعطيت الشركة أمر المباشرة بالتنفيذ وتم تكليف الشركة العامة للدراسات الفنية (مركز طرطوس) بالاشراف على التنفيذ وتم تسليم موقع العمل. وبالنسبة لمحطة ضخ الغمقة والاشكالات التي رافقت اختيار الموقع فقد قامت مديرية الآثار والمتاحف بتسجيل الموقع القديم للمحطة بموجب القرار 811/أ تاريخ 13/12/2004 من ضمن حدود حماية تل الغمقة الأثري وبسبب ذلك اقترحنا موقعا آخر بجوار الموقع القديم بالاتفاق مع ممثل وزارة الاسكان وتمت الموافقة من قبل الآثار على هذا الموقع وفور ذلك ابلغنا وزارة الاسكان بالموقع الجديد المقترح حيث قامت بتكليف شركة الدراسات باعادة الدراسة المعدة للمحطة في ضوء الموقع الجديد.. وسيتم التعاقد على انجازها بعد انتهاء الدراسة الجديدة.‏‏‏

استبدال خط الضخ‏‏‏

- لكن ماذا بخصوص استبدال خط الضخ الرئيسي من محطة مشوار حتى محطة المعالجة?.‏‏‏

يبدو أنه تم الاتفاق بين وزارة الاسكان وشركة المشاريع المائية على نزع الخط المنفذ سابقا من مادة الأترنيت وتنفيذ خط جديد من الفونت المرن.. وتتم حاليا الاجراءات للتعاقد بالتراضي من قبل الوزارة مع المشاريع المائية حيث قامت لجنة مشكلة من الوزارة والشركة والمدينة بوضع تحليل اسعار وكشف تقديري ودفتر شروط فنية للمشروع.. مع العلم أن قساطل الفونت المرن الخاصة بالمشروع تم تأمينها وهي موجودة في شركة الصرف الصحي باللاذقية.‏‏‏

وهنا نشير الى أن موضوع استبدال الخط مطروح ومقرر منذ نحو 4 سنوات ومع ذلك ونتيجة ضعف الاهتمام وعدم المتابعة الجادة ما زلنا في مرحلة اجراءات التعاقد.. الخ.‏‏‏

لم نحسم محطة المعالجة‏‏‏

- واذا كان هذا هو وضع محطات الضخ.. وخط الضخ الرئيسي فماذا عن محطة المعالجة التي لا يكتمل المشروع ولا يوضع بالاستثمار إلا بعد انجازها?.‏‏‏

عن هذا السؤال أجاب رئيس مجلس المدينة: قامت الحكومة بتأمين قرض فرنسي لتمويل مشروع المحطة.. وتم التعاقد مع شركة فرنسية لإنجازه ورغم أن الطرف السوري قام بما هو مطلوب منه فإن الشركة الفرنسية لم تباشر بالتنفيذ لعدم توقيع الجانب الفرنسي على العقد وحاليا تتم المباحثات مع الجانب الفرنسي لمعالجة الأمر والمباشرة بالتنفيذ.‏‏‏

طبعا مثل هذا الكلام نسمعه من وزارة الاسكان والجهات المحلية والمركزية منذ عدة سنوات دون جدوى ونستغرب من الحكومة هذا التقصير والاهمال في معالجة الامر سواء لجهة مباشرة الشركة الفرنسية أم لجهة الغاء العقد معها والتعاقد مع شركة اخرى للتنفيذ لا سيما أن تمويل المشروع ليس صعبا أبدا وهذا ما أكده وزير الاسكان والتعمير في اكثر من اجتماع ترأسه أو لقاء معه!!. - على أية حال رغم الواقع السيىء.. وهدرنا للزمن والمال العام في هذا المشروع نسأل رئيس مجلس المدينة عن مقترحاته الكفيلة باستكمال مكونات المشروع ووضعه بالخدمة فيجيب: أبرز مقترحاتنا كمدينة هي: - الاسراع في تنفيذ محطة المعالجة ومحطات الضخ لأن المشروع المتكامل في المدينة لا يمكن أن يتم دون وجود محطة المعالجة.‏‏‏

- متابعة التزام الجهات الممولة والمنفذة للمحطة ومحطات الضخ. - رصد الاعتمادات اللازمة من قبل الوزارة للمشاريع التي تتم دراستها من قبل شركة الدراسات. - احداث الشركة العامة للصرف الصحي في طرطوس اسوة ببقية المحافظات.‏‏‏

ختاماً‏‏‏

كفانا انتظارٌ.. وكفانا وعودٌ.. وكفانا هدرٌ.. يا حكومتنا العزيزة فالمشروع بكل مكوناته بات مثالا صارخا لتأخير الدولة في مشاريعها وللهدر الكبير في أموالها.‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية