|
كتب
ليست هذه قصة من قصص ألف ليلة وليلة,وإنما هي قصة حب الأمير النجدي الهلالي(سرحان) للأميرة (الشماء).فهؤلاء الهلاليون,وقبلهم عنترة بن شداد,وحاتم الطائي,جميعهم عاشوا في أرض نجد,فهاموا وتغنوا بها مرارا وتكرارا. (رحلة الى نجد مهد العشائر العربية) ,لن تتحدث آن بلنت في هذا الكتاب عن هؤلاء الهلاليين وعمن عاش قبلهم في نجد,وإنما ستتحدث عن نجد القرن التاسع عشر,من خلال سردها لوقائع الرحلة التي ستقوم بها مع زوجها (ولفريد) الى قلب الجزيرة العربية,ووصفها لمشاهداتها أينما حلت. وبالطبع لن يقوما بهذه الرحلة وحدهما وإنما سيرافقهما دليلهما وهو ابن شيخ تدمر محمد بن عبد الله العروق,وبعض الاتباع العرب. -قبل هذه الرحلة قام الزوجان برحلة الى الجزيرة الفراتية وبادية الشام وقد سمعا أثناءها الكثير عن نجد من أبناء العشائر الشمالية,(على اعتبارها منبع أصولهم وموئل عزهم وافتخارهم).وهكذا عقدا العزم على القيام برحلة الى موطن العشائر الجنوبية(نجد),فكان ذلك في مطلع كانون الأول عام 1878م. من دمشق كان الانطلاق,اتجهوا منها الى حوران فوادي الراجل ومنه الى واحة (كاف) وصولا الى وادي السرحان.خرجوا منه يعبرون الحماد بخط مباشر باتجاه الجوف,أثناء مسيرهم سيتعرضون لغزو مفاجىء,ولكن لحسن الحظ فقد كان الذين وقعوا بأيديهم أصدقاء. -بعد الجوف سيصلون صحراء الرمال الحمراء (النفود). المحطة التالية ستكون (جبة) ,وهي عبارة عن سبخة وسط النفوذ أو وطأة. تقول في وصفها:(كان الغروب قد حل تقريبا عندما رأينا جبة نفسها للمرة الأولى,تحتنا عند طرف السبخة,بأشجار نخيل خضراء داكنة تقطع اللون الأزرق الباهت للبحيرة الجافة,وما وراء ذلك نسق من الصخور الحمراء...وفي مقدمة المشهد رمل أصفر مكلل بالأدر.....) ص 207 سيغذون السير في النفوذ ليدخلوا نجدا(...إنه لحلم حقا أن أجلس ها هنا.... وأتذكر ما كنت قرأته من وصف رومانسي...والذي لم يصدقه أحد...عن دولة نموذجية في قلب جزيرة العرب...أشعر أننا قد حققنا اليوم ما عجز عنه الآخرون..... أما جبل شمر فلا يشبهه أي شيء مهما كان) ص 242 -بدخولهم حائل سيستقبلهم الأمير محمد ابن رشيد.ستسعد بلنت ومن معها بهذا الاستقبال المهذب...(لم ألق في حياتي هذا العدد من الوجوه الباشة مجتمعة,أو أناسا بهذا التهذيب الجم) ص247 بانتهاء إقامتهم في حائل سينضمون الى الحجيج الإيراني ليرافقوهم في مسيرهم الى مشهد علي (النجف الأشرف) ومنها الى بغداد,حيث ستنتهي هناك رحلتهم,وسينفصل عنهم محمد العروق متجها الى تدمر,فالأوضاع السياسية فيها معقدة. -نكتشف في هذا الكتاب ان الليدي آن بلنت تملك عينا ناقدة واصفة لكل ما تلمحه,تمتاز بدقة التصوير للمظاهر الطبيعية التي تشاهدها. فأينما حلت تتحدث عن جيولوجيا المكان وعن طبيعة نباتاته,والحيوانات المتواجدة فيه,وتهتم بالأمور الجغرافية من قياس لارتفاع بعض الأماكن عن سطح البحر,وتفسير لبعض الظواهر,من مثل: تواجد الأفلاج في النفوذ,الضوء البروجي وغيرها. وللجياد النجدية تخصص فصلا كاملا تذكر فيه أوصاف الأفراس التي رأتها في اصطبلات حائل...للخيول النجدية رقاب أقصر وأجسام أقصر,وتبقى أقل صلابة بكثير من خيول العنزة)ص294 -لن تخلو الرحلة من عنصر المفاجأة والمغامرة بالاضافة الى ذكر الكثير من القصص والأساطير التي يرويها الدليل والأتباع,مثل: قصة أبي زيد الهلالي مع الزيناتي خليفة ملك تونس,قصة النمرود وبرج بابل الشهير. -الى جانب اهتمام بلنت بالسرد الوصفي,ستبدي اهتماما بالجانب السياسي التاريخي على طول الكتاب وستفرد فصلا كاملا للحديث عن الحكم الرعوي في نجد,حيث ترد وجود هذا الحكم الرعوي للحالة الطبيعية التي تعيشها الجزيرة.فهي عبارة عن سهول واسعة,خالية من النباتات,غير قادرة على الاحتفاظ بالماء,وبالتالي لا تحتوي نجد على مناطق زراعية,وهكذا لا توجد طبقة من القرويين.وعزلت كل مدينة عن مجاورتها (ما أدى الى نشوء الفرديات السياسية) ص.278 -من أهم الحروب العشائرية التي ستتحدث عنها آن بلنت حرب الرولة,التي كانت بسبب خلاف نشب بين جدعان ابن مهيد شيخ عشيرة الفدعان العنزية وسطام الشعلان شيخ الرولة حول مراعي حماة,وكيف رفض سطام العرض الذي قدمه له جدعان بواسطة الزوجين بلنت. وأخيرا ...تلخص آن نتيجة الرحلة:(.. هنا تنتهي رحلتنا الى نجد التي تمت بنجاح دون حوادث مؤسفة,فالبكاد نتذكر يوما من الأيام الأربعة والثمانين التي قضيناها في الجزيرة العربية لم نستمتع فيه او نشعر بالسرور..)ص362 -من هي الليدي آن بلنت: هي آنا بيلا كنيك نويل,حفيدة اللورد جورج بايرون الشاعر الانكليزي الكبير, وابنة الإيرل لفليس الاول. رحالة بريطانية جرئية وصادقة وسيدة مثقفة. تميزت عن غيرها من الرحالات الغربيات, كونها أديبة تتقن فن الوصف والتشويق.زوجها هو النبيل الشاعر الانكليزي ولفريد سكاون بلنت,الذي أمضى شطرا من حياته في الشرق الأوسط ديبلوماسيا ومبشرا ورحالة . |
|