تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


5.5 تريليونات دولار أنفقتها أميركا على برامجها النووية في ستة عقود...الأسلحـــة النوويـــة.. بداياتهـــا- مخاطرهـــا -انتشارهـــا.. والمعاهـــدات التــي تحظرهـــا

قاعدة الحدث
الثلاثاء 24-11-2009م
عزة شتيوي

يعيش العالم كابوساً مرعباً مستمراً منذ إلقاء قنبلتين نوويتين أميركيتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، نهاية الحرب العالمية الثانية عقب استسلام ألمانيا الهتلرية وتحديداً في السادس والتاسع من آب عام 1945،

ليبدأ بعدها عصر السباق النووي المحموم ...صحيح أن العلماء الذين ساهموا في تحقيق الانشطار النووي والاندماج النووي، باستخراج الطاقة من الكتلة لم يدركوا تماماً الخطر المخيف من اكتشافهم، وصحيح أيضاً أنهم حاولوا أن يثنوا الإدارة الأميركية آنذاك عن المضي في صنع السلاح النووي، لكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً، فقد قررت واشنطن الاستحواذ على هذا السلاح المدمر لكنها أيضاً لم تستطع احتكاره، وهكذا أصبحت هذه الأبحاث ملكاً للعديد من الدول وأصبح العالم يتوجس خيفة من انتشار الأسلحة النووية ولم يبق الأمر عند هذا الحد، فقد بدأ سباق نووي جامح لتطوير وإنتاج المزيد من أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إطلاقها وخلال الحرب الباردة بين العملاقين النوويين - الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق - تكدست الأسلحة النووية وصار عدد الرؤوس النووية بعشرات الآلاف وسعت دول أخرى للانضمام إلى النادي النووي، بعضها بشكل علني مثل بريطانيا وفرنسا والصين، وأخرى طورت برامجها سراً بعيداً عن الرقابة الدولية مثل إسرائيل التي تمتلك نحو 40١ رأس نووي بمساعدة فعالة من الولايات المتحدة وفرنسا.‏

واليوم ورغم الدعوات للحد من الأسلحة النووية وتقليصها وكذلك الحد من التجارب النووية إلا أن الجهود الدولية مازالت قاصرة ورغم سعي العديد من دول العالم للحصول على الطاقة النووية السلمية، فإن الدول الكبرى تكيل بمكيالين، فتسمح لدول معينة بتطوير برامج نووية وتمنع دولاً أخرى من استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.‏

في هذه الصفحة نلقي الضوء على تاريخ اكتشاف الانشطار النووي وبداية تصنيع القنبلة النووية، و الجهود المبذولة للحد من هذه الأسلحة وأنظمة إطلاقها، والجهود الدولية لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية والعوائق التي تقف أمام هذا الهدف النبيل.‏

اينشــــتاين لروزفلــــت : قــــــد تـــــودي بالبشـــــرية‏

ندم ندماً شديداً على رسالته المشؤومة للرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت وتمنى لو أنه كان بإمكانه استشراف المستقبل ومعرفة أن ألمانيا لم تكن لتصنع قنبلة ذرية قبل أن تخسر الحرب.‏

يقول اينشتاين: أخطأت مرة واحدة في حياتي عندما أرسلت رسالة للرئيس الأميركي وأخبرته بأننا نستطيع أن نصنع قنبلة نووية قبل ألمانيا.‏

يعتبر السلاح النووي سلاح تدمير فتاكاً يستخدم عمليات التفاعل النووي، ويعتمد في قوته التدميرية على عملية الانشطار النووي أو الاندماح النووي ونتيجة لهذه العملية تكون قوة انفجار قنبلة نووية صغيرة أكبر بكثير من قوة انفجار أضخم القنابل التقليدية حيث إن بإمكان قنبلة نووية واحدة تدمير أو إلحاق أضرار فادحة بمدينة بكاملها.‏

خلال الحرب العالمية الثانية بدأ ما سمي (مشروع مانهاتن) لتطوير الأسلحة النووية الأولى، حيث أنشئت مجموعة مكونة من نحو 1500 موظف بين عالم فيزيائي وكيميائي وجندي عادي لتصميم أول قنبلة ذرية في معامل (لوس الا موس) السرية في ولاية نيومكسيكو واستطاعوا بفضل الدعم اللا محدود من الحكومة الأميركية للمشروع في إنتاج القنبلة التي تمت تجربتها في السادس عشر من أيلول عام 1945 حيث انفجرت القنبلة بقوة تعادل انفجار 18 ألف ط.‏

وخلال سنوات قليلة صنعت أميركا أول قنبلة ذرية في العالم! لكن بعد ذلك بأشهر قليلة استسلمت ألمانيا للحلفاء! وبذلك تلاشت مخاوف الجميع من أن تسبق ألمانيا الولايات المتحدة الأميركية في صنع القنبلة الذرية.. ومن أجل ذلك قام اينشتاين وسزلارد وغيرهما بإرسال رسالة إلى الرئيس الأميركي (هاري ترومان) يطلبون منه إتلاف القنبلة الذرية أو على الأقل التعهد بعدم استخدامها مطلقاً.. فألمانيا خسرت الحرب ولم يعد هناك أي حاجة إلى ذلك! وقوبل طلبهم بالرفض.‏

بعد أشهر قليلة من ذلك اليوم وتحديداً في السادس والتاسع من شهر آب في عام 1945.. قامت أميركا وبأمر من رئيسها بارتكاب «أفظع» جريمة تصفية بشرية في التاريخ الإنساني وذلك بإلقاء قنبلتين ذريتين على مدينتي (هيروشيما) و(ناغازاكي) اليابانيتين لتقتل مئات آلاف من البشر في لحظة هلاك واحدة لم تستثن أحداً ليبدأ بعدها عصر السلاح النووي حيث تطوير الأسلحة النووية وأصبحت تشمل عدة أنواع والرئيسية منها هي الأسلحة النووية الانشطارية: التي تكمن قوتها في عملية الانشطار النووي لعنصر ثقيل مثل اليورانيوم وبلوتونيوم حيث تحفز هذه العناصر الثقيلة على الانشطار بواسطة تسليط حزمة من النيوترونات على نواتها والتي تؤدي إلى انشطارها إلى عدة أجزاء وكل جزء مكون بعد الانشطار الأولي يمتلك من النيوترونات الخاصة به ما تكفي لتحفيز انشطار آخر وتستمر هذه السلسلة من الانشطارات يتم إجراؤها عادة في المفاعلات النووية وكل عملية انشطار تؤدي إلى خلق كميات كبيرة من الطاقة الحركية، أما النوعان الرئيسي والثانوي فهما:‏

الأسلحة النووية الاندماجية: وهي أحد أنواع الأسلحة النووية التي تكمن مصدر قوتها مع عملية الاندماج النووي.‏

الأسلحة النووية التجميعية: هي التي تتم صناعتها بخطوتين وتكمن فكرة هذا النوع من السلاح في تكوين ما يسمى الكتلة فوق الحرجة ويتم هذا بدمج كتلتين كل منهما كتلة دون الحرجة، ولغرض دمجهما سوياً يسلط ضغط هائل مفاجئ على الكتلتين فتندمجان لحظياً في كتلة واحدة فتصبح كتلتهما الكلية فوق الكتلة الحرجة وتنفجر القنبلة الذرية وينتج عنها كميات هائلة من الحرارة والطاقة الحركية أما ما يعرف بأنظمة إطلاق الصواريخ النووية فهي عبارة عن مجموعة من النظم المستعملة لوضع القنبلة النووية في المكان المراد انفجاره أو بالقرب من الهدف الرئيسي وهناك مجموعة من الوسائل لتحقيق هذا الغرض منها:‏

القنابل الموجهة بتأثير الجاذبية الأرضية وتعتبر هذه الوسيلة من أقدم الوسائل التي استعملت في تاريخ الأسلحة النووية وهي الوسيلة التي استعملت في إسقاط القنابل ذات الانشطار المصوب على مدينة هيروشيما وقنابل الانشطار ذات الانضغاط الداخلي التي ألقيت على مدينة ناغازاكي حيث كانت هذه القنابل مصممة لتقوم طائرات بإسقاطها على الأهداف المطلوبة أو بالقرب منها ويوجد أيضاً الصواريخ الموجهة ذات الرؤوس النووية وهي صواريخ تتبع مساراً محدداً لا يمكن الخروج عنه وتطلق هذه الصواريخ عادة بسرعة يتراوح مقدارها بين 1.1 كم في الثانية إلى 1.3 كم في الثانية وتقسم هذه الصواريخ بصورة عامة إلى صواريخ قصيرة المدى ويصل مداها إلى أقل من 1000 كم ومنها على سبيل المثال صواريخ V-2 الألمانية، وهناك أيضاً صواريخ متوسطة المدى يصل مداها إلى 2500 - 3500 كم وأخيراً توجد الصواريخ العابرة للقارات والتي يصل مداها إلى أكثر من 350٠كم وتستعمل عادة الصواريخ المتوسطة المدى والعابرة للقارات في تحميل الرؤوس النووية بينما تستعمل الصواريخ القصيرة المدى لأغراض هجومية في المعارك التقليدية إما ما يعرف بصواريخ كروز وتسمى أيضاً صواريخ بي جي إم - 10٩ توماهوك فتعتبر هذه الصواريخ موجهة وتستعمل أداة إطلاق نفاثة تمكن الصاروخ من الطيران لمسافات بعيدة تقدر بآلاف الكيلو مترات ومنذ عام ٢0٠١ تم التركيز على استعمال هذا النوع من الصواريخ من قبل القوات البحرية الأميركية وتكلف تصنيع كل صاروخ ما يقارب 2 مليون دولار أميركي وتشتمل هذه النوعية من الصواريخ - بدورها - على نوعين نوع قادر على حمل رؤوس نووية وآخر يحمل فقط رؤوساً حربية تقليدية.‏

وتوجد أيضاً الصواريخ ذات الرؤوس النووية الموجهة من الغواصات، ففي عام 1955 نجح الاتحاد السوفييتي السابق في إطلاق هذه الصواريخ وشكلت انعطافة مهمة في مسار الحرب الباردة تمكنت الولايات المتحدة بعد سنوات عديدة من تصنيع صواريخ مشابهة أما أنظمة الإطلاق الأخرى فتشمل استعمال القذائف الدفعية والألغام وقذائف الهاون وتعتبر هذه الأنواع من أنظمة الإطلاق أصغر الأنظمة حجماً ويمكن تحريكها واستعمالها بسهولة ومن أشهرها قذائف الهاون الأميركية التي صممت في الخمسينيات وتم تزويد ألمانيا الغربية بها إبان الحرب الباردة وكانت تحتوي على رأس نووي بقوة 20 طناً من مادة تي إن تي وتم اختبارها في عام 1962 في صحراء نيفادا في الولايات المتحدة.‏

تبلغ قوة الانفجار ما يقارب 40٪ إلى 60٪ من الطاقة الإجمالية للقنبلة النووية حيث تؤدي الحرارة والضغط الشديدين الناجمة عنه الانفجار وتؤثر بشكل مباشر على المباني ولها تأثير على جسم الإنسان والحيوان أيضاً حيث يسلط ضغط شديد على جميع أنسجة جسم الإنسان مؤثرة على مناطق الاتصال بين نسيجين مختلفين مثل اتصال العضلات مع العظام فيحدث تمزقات شديدة وكذلك تتعرض الأعضاء التي تحتوي على غازات كالرئة والأمعاء والأذن الوسطى إلى ضغط شديد يؤدي إلى انفجار هذه الأعضاء.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية