تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أساطير وأوهام عن طائر الظلام

استراحة
الجمعة 6-8-2010م
محمد قاسم الخليل

أصبح الوطواط أو ما يطلق عليه الخفاش من الحيوانات النادرة وهو من الثدييات التي تتكاثر بالولادة على عكس الطيور التي تتكاثر بالبيوض، ويظن بعضهم أن اسم الوطواط تسمية شعبية لطائر يدعى في الفصحى الخفاش، لكن إذا عدنا إلى كتب اللغة سنجد أن هذا الطائر ذكر باسم الوطواط أيضا.

ويتعرض الوطواط بشكل عام للتناقص بالرغم من فائدته على المستوى التوازن البيئي، حيث إنه يقضي على الحشرات الضارة، وسبب تناقصه تناقص حجم الغابات للتوسع السكاني، وإبادته نتيجة الخوف غير المبرر منه، وبسبب رش المزروعات بالمبيدات الحشرية التي من شأنها التأثير عليه وقتله تدريجياً، أما بسبب سمية المبيدات أو بسبب نقص الحشرات مصدر غذائه.‏

وتم رصد نحو خمسين نوعاً من الخفافيش في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام والرافدين، ذكرها هاريسون في كتابه الثدييات في البلاد العربية الصادر (باللغة الإنجليزية) يتغذى نوعان منها على الفواكه، بينما الباقي تتغذى على الحشرات، ويتواجد في العالم ما يقارب ألف نوع من الخفافيش وهو ما يمثل ربع الثدييات.‏

وهنالك معلومات وأساطير متوهمة عنه قديما وحديثا، أوضح الباحثون المختصون توهمها وعدم دقتها، ففي كتب التراث أمثال عن قوة الإبصار ليلا عند الخفاش، فورد في ‏مجمع الأمثال لأبي الفضل الميداني التالي: (أَبْصَرُ مِنَ الْوَطْوَاطِ بِالَّليْلِ) أي أعرف منه، ويقولون أيضاً: (أبْصَرُ ليلا من الوَطْواط)، وعندما اكتشف العلماء في عصرنا أنه يشعر بالأشياء عن طريق رجوع صدى إشاراته، ظن بعضهم أن الخفاش أعمى.‏

والحقيقة التي تحدث عنها علماء مختصون بدراسة الوطواط أنه ليس أعمى، ولكن نظره خفيف ويستخدم نظام الرادار لتحديد مكان الحشرة وهو طائر في الظلام الدامس، حيث يرسل من حنجرته ترددات صوتية فوق الترددات السمعية (أي أعلى من20كيلو هيرتز) لا يسمعها الإنسان وعند انعكاسها ورجوعها إليه يستطيع تحديد مكان الحشرة، ومن نفس الحنجرة يطلق الخفاش صيحات للتواصل مع بني جنسه.‏

ومن الأساطير التي لا يزال كثيرون يعتدون بصحتها أن دم الوطواط ومعجون النمل لمعالجة يصلحان لمعالجة الشعر الزائد، كما يعتقدون أن عين الجراد تقضي على الثعلبة، ولكن كما يقال يتعلق الغريق بقشة أو شائعة، وسبب استمرار مثل هذه المعتقدات أن الفضائيات العربية تركز في الآونة الأخيرة الضوء على الطب البديل بخلطاته الطبيعية.‏

وتتجه الأنظار حاليا إلى خبير في الكونغ فو والطب الصيني، وإلى حصته التي تبث كل يوم على إحدى الفضائيات حيث يقدم وصفات غريبة يقول إنها مستوحاة من الطب الصيني التقليدي كدم الوطواط وخلطة النمل وعين الجراد المطحونة.‏

وتحظى الخلطات التي يقدمها إقبالا كبيرا لدى المشاهدين الذين يئسوا من وصفات الأطباء خاصة فيما يتعلق بمعالجة سقوط الشعر والشعر التالف والمقصف والشعر غير المرغوب فيه، لاسيما من النساء والمراهقات اللواتي يطبّقن خلطاته رغم غرابتها.‏

ويقترح خبير الأعشاب خلطة أخرى لعلاج مشكلة الشعر الزائد لكنها هذه المرة بدم الوطواط،‏

وبالرغم من أن مكوّنات الخلطات التي يقدمها نادرة وبعضها مجهول، إلا أن المهتمين بها يبحثون عنها في كل مكان وحتى إن بعضهم في بلاد المغرب العربي يوصون أقرباءهم في بلاد الشام بجلبها لهم.‏

ومن يبحث في التقاليد الشعبية القديمة سيكتشف أن استخدام دم الوطواط في إزالة الشعر ليس من الوصفات الصينية، بل تقليد متبع قبل انتشار ما أطلق عليه الطب الصيني، وكانوا إذا توفر لهم دم الوطواط يدهنون به الأماكن الأكثر احتمالا لظهور الشعر في جسد الفتاة، وهي لا تزال في سن الرضاع، ويقال إنه يحقق نتائج مضمونة، وعندما تكبر الفتاة ولا يظهر الشعر يقولون إنها موطوطة، نسبة إلى الوطواط.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية