تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ننتصر لسورية

الخميس 20-12-2012
شهناز صبحي فاكوش

هو النداء الموجه لجميع السوريين داخل حدودها وخارجها، بجميع أطيافها، لكل من يحبها.

بعيداً عن طريقة حبه لها.‏

لِمَ نبتعد عن طرائق حبنا لها؟!..‏

نحتاج إلى جواب إذاً كيف نحبها...‏

علينا أن نحبها في حالة سيرورة دائمة فننتصر لها هكذا فقط نبرهن عن حبنا هذا...‏

كيف ننتصر لها... بنبذ كل رأي يعمل على بث الفتنة بين أهلها وتفكيك وحدتها الوطنية الاجتماعية الديموغرافية، التي وهبها إياها الخالق. حتى لو كان هذا النبذ مرفوضاً ضمن قناعات البعض الغرائزية، في الموافقة أو التبعية لبعض مروجي الفتنة.‏

ننتصر لسورية عندما نحافظ على أرواح أبنائها لأن الروح هي الأغلى وهي أمانة الخالق لخلقه، لا ينبغي إزهاقها أو التمادي عليها، فقطرة الدم المراقة توازي أحجار كعبة بيت الله. ولا يكون هذا إلا بإلقاء السلاح ونبذ استعماله حتى لو كانت قناعة البعض بحمله أنه واجب جهادي، فسمة الجهاد معروفة وأرقاها الحفاظ على الروح البشرية، وحقن الدماء هو أعلى مراتب الجهاد. عزّ من قال: «إن جنحوا للسلم فاجنح لها» وأظن سورية تستحق منا الجنوح للسلم فقد ارتوت أرضها من الدماء حتى صارت آثاره لا تتلاشى من على سطحها...‏

ننتصر لسورية بالحفاظ على مؤسساتها ومرافقها الخدمية، مدارس أبنائها مشافي مواطنيها، مؤسساتها ومحطات التوليد فيها، ومعامل ومرافق هي في النهاية مواقع خدمات وأرزاق أبنائها. أين هم من قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق. هذا من الكبائر إن كنا نعرف حرمات ديننا ومحرماته...‏

فالإنسان ومرافق حياته أمانة، وسلامة نفسية أبنائه أمانة، والحفاظ عليها فيه انتصار لسورية الوطن... هلاّ انتصرنا لها.‏

أما بشأن الحياة السياسية فيها والسلطة وتداولها فقد كفلها القانون والدستور.. فبكثير أو قليل يكفي البعض من التبصر، ليدرك أن قانون الأحزاب وحده كاف لتحقيق كل ما يصبو إليه هؤلاء. فالأحزاب هي ضابط الإيقاع السياسي على الساحة الوطنية. وهذا أصبح متاحاً في ظل قانون الأحزاب، وتشجع عليه جميع القوى السياسية الكبيرة منها والصغيرة لأنه صدر بقناعة تامة. ولا فرق أكانت أحزاب معارضة أم غير معارضة. فالأحزاب حالة سياسية تناميها ليس عابراً في مرحلة تحول سياسي نؤمن به جميعاً، وهي ليست حالة ترف شخصانية، إن كانت الغاية فعلاً البحث عن مستقبل أفضل للوطن. لأنها الأداة الأساسية لبناء الحياة السياسية المستقبلية، فهي التي تمنح الأفراد كياناً يمثلهم ويعبر عن أفكارهم وتطلعاتهم وليس البندقية أو الطلقة التي لا تعبر إلا عن الهمجية والغرائزية، بعيداً عن التفكير المنضوي على استراتيجيات تضع مدلولات الأحزاب أمام المشهد السياسي في حالة تنافسية شريفة. وهي التي يمكنها أن تصل بالمجتمع إلى حالة ديمقراطية - إن كان الهدف مما يحدث من أزمة على الساحة السورية هو الوصول للديمقراطية - وعلى الجميع أن يفهم أن إعاقة العمل الديمقراطي عدوه الأول هو العمل المسلح.‏

فمن يبغي الوصول للديموقراطية عليه بإلقاء السلاح أولاً ثم الالتفات للحل السياسي لأنه السبيل الوحيد للوصول للديموقراطية. والوصول لتداول السلطة ناظمه الوحيد صندوق الاقتراع، المكفول بقوة الدستور. وهذا لا يمكن أن يتم برفع السلاح ولكن بتواجد الأحزاب بين صفوف الجماهير، واحتوائها على جميع الأطياف وعدم احتكار طيف معين لحزب معين، وأن تكون هذه الأحزاب بمثابة شبكة أمان للوطن وأبنائه المنحدرين من مشارب فكرية مختلفة، ومكونات ثقافية ترتقي بهذه الأحزاب لبناء مجتمع حقيقي والمساهمة في بناء دولة القانون والمواطنة.. في سورية المتجددة..‏

وهنا يأتي دور الشباب الذي إذا أراد فعلاً أن ينتصر لسورية عليه أن يذهب لطريق السياسة. فيعمل عليه. وأولى خطواته الحوار الوطني، وبناء الأحزاب التي ستشكل النسبية في مجلس الشعب، ومن خلال هذه الحياة الانتخابية الديمقراطية يكون تداول السلطات وفق الدستور الوطني.. وتشكيل الحكومة الوطنية ومرافق الدولة..‏

فعلى الشباب يقع حمل لواء تكريس قيم التفاهم، عبر التسويات السلمية ومهمة الدمج المجتمعي، حيث لا تفريق بين فئات المجتمع لأن في هذا مقتل للشعب السوري، وبالتالي تدمير لسورية الوطن وهذا ما يعمل عليه أعداء سورية بحقنها بالسلاح الضال في أيدي المضللين أو الإرهابيين العابرين لحدودها، ومحاولة تطويقها بتجمعات أعداء سورية في عملية ممنهجة للتضييق على شعبها اقتصادياً واستنزاف مقدراتها معتمدين على استقوائهم بالغرب الحاقد، والفعل الأميركي الذي أثبت رعونته في غير مكان. ونحن نريد الانتصار لسورية الوطن.. وإفشال جميع المؤامرات التي تحاك ضدها فهي ليست مؤامرة واحدة وفي ذلك (فليتفكر المتفكرون).‏

ولأجل الانتصار لسورية الوطن، على جميع أبناء الشعب الالتفات إلى الأحزاب التي سترى النور حديثاً ويُعْمَلُ على تكوينها، في البحث عن قادة سياسيين حقيقيين لقيادة هذه الأحزاب ممن يتمتعون بالحس الوطني والأفق السياسي السليم، بعيداً عن أي تبعية أو ارتباط غربي حتى لو كان مالياً في سبيل الحصول على مآرب شخصية أو كسبٍ لأصوات الناخبين. لأنه في النهاية وتاريخياً الغرب يمرر مكاسبه من بين العرب جميعاً.. لكن مع سورية يصبح الأمر مختلفاً.‏

فالسوري دائماً حاملٌ للهاجس العربي، والقومية العربية هي الإرث الذي لا يتخلى عنه السوريون. ولأن الجميع يحب سورية علينا أن نلقي بطرائق حبنا المختلفة وننبذ السلاح الذي لا يمكنه إلا أن يخسّر الوطن بكل مكوناته والرابح الوحيد بالمقابل أعداء سورية وعلى رأسهم الصهيونية التي تريد فك آخر معاقل المقاومة العرب.‏

فهل لنا أن ننتصر لسورية الوطن، فهي لب الأمة وعقل الأمة، وقلب العروبة وقلعتها الشامخة، ورحمها الذي ينجب الأبطال للعرب جميعاً، وأمثالهم كثر، سليمان الحلبي، جول جمال والقسام والإدريسي الشامي والتاريخ مليء بمن نفخر بهم...‏

حباً بسورية لنذهب جميعاً للحوار فطاولته مفتوحة دون شروط لأجل أن ننتصر لسورية.‏

وليصرخ الجميع بوجه تجار السياسة والسلاح دعونا وشأننا.‏

مستقبل سورية نقرره نحن السوريون فقط لا غير.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية