تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سنمضي.. ونأتي

ملحق ثقافي
17/11/2009
سعيد رجو

لهاثُ خُطانا

رنين أسانا، نحيب هوانا،‏

هواجسنا الرّاعفةْ،‏

هزيمٌ بحنجرة الذَّارِياتِ‏

نذيرٌ بآزفةٍ آزفةْ‏

عزيفٌ.. يجوب صحارى الشَّتاتِ‏

يردّد آهاتنا النازفةْ‏

ونحن سُكارى‏

نهيم بأدوية الذّكرياتِ،‏

حيارى، تُرنِّحنا الخيبة العاصفةْ‏

فنشعر أنّا،‏

على ما تبقى لنا من بقايا اخضرارٍ،‏

نعيش احتضارا‏

نُعاش احتضارا‏

وفيما تعاصى، على الحَرِّ والقُرِّ،‏

من نُسغنا الآدميِّ‏

نشيجٌ هَلُوعٌ‏

يهزُّ غصون الدُّموعِ‏

يُثير شجون الهزار الوَلوعِ‏

فيدمى شُجوُّ الصُّداحِ،‏

ويذوي يَفاع الأقاحيْ‏

فما من غناءٍ، وما من سناءٍ‏

وما من ربيعْ‏

وقلنا: قليلاً من الصَّحو يا ربُّ،‏

شيئاً من النّور يا أنبياءُ‏

وحين تبرعم، فوق الشِّفاهِ،‏

بريق ابتسامٍ،‏

أغار الحريقُ‏

فغاض النّدى، وتلاشى البريقُ‏

وفاض الظلام الصفيقُ‏

وفارت سيول الدِّماءْ...‏

أتينا.. ولا كيفَ..؟‏

من عَتَمَات السَّديمِ‏

ونمضيْ..‏

إلى ظلمات الغموض الكَتيمِ‏

أتينا.. وبعد اجتياز بحارٍ‏

من الحِقب الموحشات‏

أفضنا إلى الجُزر الدَّامياتِ‏

إلى معمعان الدُّمى اللاهثةْ‏

وبعد التهام كثيبٍ من الرَّملِ‏

بعد احتمال جبالٍ‏

من القهر والفاجعاتِ‏

على أفق البارق الخلَّبيِ‏

عبَبْنا السَّرابَ‏

وكدنا نماهي السرابَ‏

ونغرق في دمعةٍ آسفةْ‏

وها نحنُ،‏

رغم اربداد سماء المصيرِ،‏

نَغُذُّ المسيرَ‏

نُقارع، بالموت والأغنياتِ،‏

فحيح الهجيرِ‏

ولا زاد.. غير الصَّريفِ‏

ولا ماء.. غير النّزيفِ‏

وإمّا شكونا هوانا‏

لقينا الهوانا‏

وسالت سيول دِمانا‏

وما زال ينغرُ فينا الحنينُ‏

يحث خطانا الجنونُ‏

تهب علينا سِياط العذابِ‏

وما من وصولٍ، وما من إيابْ‏

ندورُ، نحورُ،‏

ونحسِب أنّا نسيرُ‏

وألف غرابٍ، وألف عُقابٍ‏

يُقهقه من خلفنا،‏

ساخراً من رُؤانا‏

ومن حيث لا حيثُ‏

حتى نهاية ما لا نهايةِ‏

نُوْغِلُ في مَهْمهِ العيشِ‏

قهراً، وذُعراً‏

ونشرب صاباً وجمراً‏

نجوب حُزون المصاعبِ‏

عبر دبيب العقاربِ‏

فوق نسيج العناكبِ‏

تحت رماد الكواكبِ‏

نُدمن هذا العذاب‏

وما من حضورٍ..‏

وما من غيابْ‏

وتسخر منّا الدُّروبُ‏

فيصخَبُ فينا الوجيب الغضوبُ‏

يُجَنُّ اللَّهيبُ‏

وينجاب عنّا السكون الرَّهيبُ‏

فنصرُخُ: ياربُّ طال الرَّحيل الضَّلُولُ‏

وطال الحُلول المَلُولُ‏

وضاقت علينا السُّهولُ‏

فأين المَقيْلُ المُقيلُ؟‏

وأين النَّعيم الظَّليلُ؟‏

أكان تُقانا بدون ثوابٍ‏

وكلُّ الذي كان مِنّا‏

تَغَشَّاه ليل التُّرابْ؟‏

كما الموج يترى التَّساؤلُ‏

تُعْوِلُ ريح العذابِ‏

وما من جوابٍ سوى سافياتِ‏

الرِّمالْ،‏

خَواءٌ يَعُبُّ خُطانا‏

عماءٌ يَغُلُّ قِوانا‏

ولا شيء يُشْبِعُ جوع الخَواءِ‏

ولا شيء يملأ عين العماءْ‏

تناءى عن النَّبع نهر دِمانا‏

وملّت شِعاب الصِّعابِ‏

عِنادَ أسانا‏

ومازال، خلف المدى، مُبْتغانا‏

وإنّا، على الرغم مما دهانا‏

ارتضينا الحياة رِهانا‏

وإن نَكُ، يوماً، خسرنا الرِّهانا‏

فإنّا ربحنا رضاء هوانا‏

ووِجداننا الحُرُّ لمّا يزلْ‏

مُفْعماً عُنفوانا‏

وإن نَكُ قَمْحاً زرعنا‏

ودمعاً سقينا‏

ولم نجن غير الزُّؤانا‏

فما فتئت، رغم سوء الغِلالِ‏

تدور رَحانا‏

وإنا سنمضيْ.. ونأتيْ..‏

لنحمل هذا الصَّليب‏

ولكننا حينها سنكون سِوانا..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية