تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


استخدام الحمأة لأغراض زراعية... جدل قائم وحلول مؤجلة ?!

بيئة
الاربعاء 24/8/2005
سوزان ابراهيم

يبدو ان حالة الجدل القائمة بين المؤسسات والجهات العلمية المختلفة في القطر لم تنته بعد حول مسألة صلاحية استخدام الحمأة الناتجة عن معالجة مياه الصرف الصحي في اغراض زراعية,

ونرى ان وزارة الزراعة والاتحاد العام للفلاحين وجامعة البعث ( كلية الهندسة البتروكيميائية) تتجه نحو رفض مثل هذا الاستخدام .وفي كتاب موجه من السيد وزير الزراعة (رقم 90 /ص في 13/2/2000) الى مديرية زراعة حمص تم النصح بعدم استخدام هذه المواد في الزراعة (محاصيل - خضار- اشجار مثمرة ) وذلك لاحتوائها على كميات مختلفة من العناصر الثقيلة واستخدامها المتكرر يؤدي الى تراكم هذه العناصر في التربة . وهذا يؤدي الى تدهورها.. وخروجها من الاستثمار الزراعي بعد فترة من الزمن اضافة إلى وجود عنصر الفلور الضار بالزراعة والتربة ,وفي حال استخدام مثل هذه المواد ننصح بإضافتها على الاشجار الحراجية في المناطق الجافة.‏

وفي الجانب الآخر من الجدل نرى ان وزارة الري- مركز البحوث العلمية- هيئة الطاقة الذرية, وزارة البيئة وادارة مشروع الصرف الصحي في حمص تفضل استخدام الحمأة بفرشها على الاراضي الزراعية التي لا تزرع فيها الخضراوات التي تؤكل نيئة ( وفقا لمحضر الاجتماع النهائي المتخذ في 27/12/2001).‏

ورغم عقد كثير من الاجتماعات وعلى أعلى المستويات فمازال الجدل قائما وثمة توصيات اخيرة تشير الى وجود استمرار الجهات المكلفة من هيئة الطاقة الذرية ووزارة الزراعة بالدراسة والتحليل واجراء بحوث علمية زراعية حول نتائج استعمال المياه الناتجة عن محطات الصرف الصحي والحمأة الناتجة ايضا ومدى تأثيرها على التربة والانسان والنبات والحيوان ..‏

تجارب عالمية‏

ان معالجة مياه الصرف الصحي يجب ان تشتمل على آلية عمل صحيحة للتخلص وبشكل آمن من النفايات الصلبة ( الحمأة ) ويتم ذلك غالبا بإعادة استخدامها او دفنها او حرقها او رميها في البحار.‏

وفي مجال دفن الحمأة فلا بد أن يتم ذلك في مدافن صحية خاصة حيث يتم تجميعها في حفر معدة لها وتغطي بالتربة وهي الطريقة الاكثر شيوعا في بلدان العالم ولكن بنسب مختلفة ففي اوروبا يتم دفن 40% من الحمأة وفي بريطانيا 15% , وفي بعض البلدان كاليونان يعتبر دفن الحمأة الطريقة الوحيدة المطبقة للتخلص منها ويتجه الاتحاد الاوروبي عموما الى الحد منها بفرص اشتراطات تقيد استخدامها.‏

يعتبر تلوث المياه الجوفية والمياه السطحية بملوثات تنقلها النفايات الصلبة لمحطات المعالجة من اكثر المشكلات المحتملة وذلك بفعل عصارة او رشاحة المدفن المتولدة من المحتوى المائي لهذه النفايات او بوصول مياه الامطار الى داخل المدفن ,لذا لابد ان تراعى عدة امور في اختيار المدفن من حيث نوعية الارض وقابليتها للتآكل والتعرض للتعرية ودرجة الميول ثم قربه من مكامن المياه الجوفية وعمقها ونفاذية الارض وبنيتها ولابد ان يكون بعيدا عن التجمعات البشرية وعن مزارع الثروة الحيوانية والالبان .‏

وفي دراسة اجريت عام 1994 على بكتريا السالمونيلا وجد ان العديد من الطيور البرية يمكن ان تنشر هذه البكتريا وتنقلها من مكان الى آخر, اما الخيارات الاخرى للتخلص من الحمأة فمنها الحرق وهو مطبق في بعض البلدان بهدف التخلص منها وتقليص حجمها وذلك بدرجات حرارة عالية لا تقل عن 700 ْم وهنا لابد من وجود وحدة ملحقة لنزع الروائح وحماية البيئة من الدخان والغازات الناجمة عن احتراق المواد العضوية, ويفترض ان يكون حرق الحمأة آخر الخيارات وتقتصر على حرق النفايات شديدة التلوث التي يتعذر دفنها او اعادة استخدامها بشكل آمن, ومن الطرق الاخرى للتخلص من الحمأة الرمي في قيعان البحار والتي تنتشر في بعض المدن الساحلية ويسعى الاتحاد الاوروبي ايضا للتوقف عن هذا الاجراء لحماية البيئة البحرية وكانت بريطانيا قد توقفت عن ذلك منذ عام .1998‏

استخدامها في الزراعة‏

يمكن اعادة استخدام الحمأة كمخصب للتربة الزراعية بأنواعها او في صناعة ( الكومبوست) وقد تم ذلك في كثير من دول العالم النامي والمتقدم وفي مختلف انواع الاراضي مثل الغابات والمراعي ومزارع المحاصيل او الحدائق العامة والمنزلية وغير ذلك ,وكان التخصيب بهذه النفايات يتم وهي في حالتها الجافة الصلبة او السائلة حيث يتم حقنها في الاراضي الزراعية القريبة من المحطات في كثير من المناطق .‏

إلا ان الحمل الوبائي المنقول بالحمأة يشكل خطرا صحيا مباشرا للانسان او الحيوان الذي قد يتعرض لها كما يشكل خطرا غير مباشر بتلويث الهواء والتراب والمزروعات والمياه التي قد يتعرض لها الانسان او الحيوانات وتعتبر بكتيريا السالمونيلا من اشهر مؤشرات الجودة الميكروبية للحمأة .‏

أخيرا ..‏

مما ذكر آنفاً يتبين ان استخدام الحمأة في الاغراض الزراعية مطبق في كثير من دول العالم فلماذا كل هذا الجدل ولماذا علينا دائما ان نبدأ من نقطة الصفر ?‏

ولماذا لا نختصر الوقت والجهد والمال في اعادة بحث واختبار ما اختبرته اهم مراكز البحث في العالم طبعا ندرك خصوصية مواصفات الحمأة احيانا ولكن الحلول موجودة .‏

في مدينة حمص يتم نقل الحمأة الى مدفن يبعد حوالى 70 كم شرقي حمص وحتى الآن لم تتم الاستفادة من هذه المواد التي تعتبر اموالا مهدورة اذا كنا نخشى على صحة الانسان- وهذا حق وواجب - لماذا لا تستخدم لاغراض التشجير الحراجي وخاصة في منطقة المدفن الصحراوية فربما استطعنا انشاء غابة في تلك المساحة الجرداء Suzani@scs-net.org‏

">.‏

Suzani@scs-net.org‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية