تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لقاء  أوباما – نتنياهو ..الضعف مقابل التطرف

أضواء
الخميس 12-11-2009م
    اللقاء الغامض الذي جمع منتصف هذا الاسبوع في البيت الابيض الرئيس الاميركي باراك اوباما مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يؤشر الى ازمة  ما بين الجانبين، لكن لم ينتج عنه أي اختراق في الحائط المسدود الذي وصلت اليه جهود التسوية في المنطقة.

وامضى نتنياهو في البيت الابيض ساعة و40 دقيقة، دون ان يعرف ما اذا كان قد امضى هذا الوقت كله مع اوباما. وغادر نتنياهو البيت الابيض دون ان يظهر مع اوباما امام الصحافيين وهو حدث نادر في بروتوكولات البيت الابيض.‏

وما اعتبر مؤشراً آخر على الاجواء غير الودية التي رافقت اللقاء وسبقته، ان البيت الابيض لم يؤكد الاجتماع الا الاحد يوم وصول نتنياهو الى واشنطن، الامر الذي دفع مسؤولين اسرائيليين الى نفي ان تكون دعوة اللحظة الاخيرة لمقابلة اوباما، هي تعبير عن استياء الادارة الاميركية من مواقف نتنياهو.‏

وكتبت صحيفة هآرتس الاسرائيلية ان «البيت الابيض اراد ان يرى نتنياهو يتصبب عرقا (محرجا) قبل الحصول على موعد مع الرئيس واراد ان يراه العالم باسره يتصبب عرقا».‏

وبذلك فان اوباما يرد، بحسب الصحيفة،على موقف نتنياهو من جهود السلام الاميركية والحرج الذي وضع فيه ادارته.‏

ورغم الاقتضاب الذي يصل حد التكتم حول ما دار من مباحثات، الا أنه لم يرشح ما يشير الى اية ضغوط مارسها اوباما على ضيفه الثقيل.‏

وقال الوزير الإسرائيلي يولي أدلشتاين، الذي رافق نتنياهو في الزيارة ان أوباما لم يطلب من نتنياهو تجميد البناء في المستوطنات، مشيرا الى ان الجانبين تباحثا حول ما أسمياه «التهديد الإيراني». أما بيان البيت الأبيض فقد اكتفى بالقول: إن الرئيس أوباما أكد خلال اللقاء التزام الولايات المتحدة   بأمن إسرائيل، مشيرا الى انه جرى بحث سبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، إيران، وقضايا أمنية مختلفة.  ‏

وفي الجانب الفلسطيني، عكست تصريحات الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة خيبة الامل من الموقف الاميركي المتراخي حيال اسرائيل. واتهم ابو ردينة الادارة الاميركية بانها عاجزة عن القيام بدورها في عملية السلام مؤكدا ان هذا العجز ستكون له آثار مدمرة وستتحمل كل من اسرائيل والولايات المتحدة مسؤولياتهما.‏

وراى ابو ردينة ان هناك فراغا وشللا سياسيا والوضع لن يبقى كذلك لان هذا الفراغ سيؤدي عاجلا ام آجلا الى زعزعة أمن واستقرار المنطقة وشعوبها مؤكدا ان «العنف يتربص لملء الفراغ المدوي الذي خلفه اخفاق جهود اعادة إطلاق عملية السلام، ما لم تسارع الإدارة الأميركية إلى ممارسة ضغط حقيقي على حكومة إسرائيل للامتثال لمرجعيات عملية السلام والوفاء باستحقاقاتها».‏

وكان اوباما قد تولى مهامه معلنا انه سيعمل بلا تأخير، بعكس سلفه جورج بوش، على حل النزاع في المنطقة. غير ان كل الجهود التي بذلها اصطدمت برفض نتنياهو تجميد الاستيطان بشكل كامل، في حين يرفض الفلسطينيون استئناف مفاوضات السلام ما لم يحصل هذا التجميد.‏

  واصر اوباما في مرحلة اولى على تجميد تام للاستيطان ثم تراجع امام رفض نتنياهو، ما اعتبر على نطاق واسع خطأ فادحا في الحسابات السياسية من قبل ادارة اوباما.‏

وازداد الانطباع بتخبط الدبلوماسية الاميركية حين اشادت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون اثناء زيارة لاسرائيل قبل ايام بعرض نتنياهو القائم على الحد من الاستيطان وليس تجميده بالكامل، وهو ما أثار قلقا في الساحتين الفلسطينية والعربية.‏

وسعت الادارة الاميركية جاهدة اثر ذلك الى الحد من اضرار تصريحات كلينتون من خلال تأكيدها انها لا تزال تعتبر مواصلة الاستيطان الاسرائيلي غير شرعي مع تأكيدها ان مقترح نتنياهو يشكل تقدما.‏

وما اعتبره كثير من المراقبين مؤشرا قويا على حالة الاحباط  لدى الجانب الفلسطيني تجاه هذا الوضع، اعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عزوفه عن الترشح للانتخابات الفلسطينية في كانون الثاني 2010. وسواء كان هذا الموقف مناورة سياسية ام لا فان قرار عباس يترجم ضيق السلطة الفلسطينية التي تشعر انها الجهة الوحيدة التي يتعين عليها تقديم التنازلات.‏

ويرى هؤلاء ان التسريبات عن  امكانية اعلان السلطة الفلسطينية دولة فلسطينية من جانب واحد تأتي في هذا الاطار حيث لا يوجد شريك اسرائيلي يمكن التفاوض معه. قالت صحيفة «هآرتس» أن زيارة نتنياهو تأتي وسط مخاوف إسرائيلية من إعلان الفلسطينيين دولتهم من جانب واحد، واحتمال اعتراف مجلس الأمن الدولي بها، وفق مزاعم الصحيفة الإسرائيلية.‏

وقبيل وصوله الى باريس محطته الثانية بعد واشنطن،اكد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير وجود  خلاف سياسي حقيقي معه بشأن الاستيطان ودعا اسرائيل الى وقف الاستيطان بشكل كامل.‏

 خطة موفاز : 60 % من مساحة الضفة فقط للفلسطينيين !‏

   دعا وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق، النائب عن حزب «كاديما» شاؤول موفاز في إطار ما سماه خطة سياسية لتسوية الصراع، إلى إقامة دولة فلسطينية مؤقتة على 60% من مساحة الضفة الغربية، والتفاوض مع حركة حماس في حال فوزها بالانتخابات،  فيما رفضت حماس عرض موفاز معتبرة انه ليس سوى محاولة للصيد في المياه العكرة.‏

واستعرض موفاز خطته السياسية في مؤتمر صحافي عقده في تل أبيب، وأوضح أنه في حال فوز حماس في الانتخابات وأرادت الجلوس إلى طاولة المفاوضات فإنها تكون في تلك اللحظة قد وافقت على شروط الرباعية الدولية وليست منظمة إرهابية حسب تعبيره. وأضاف أنه صاغ مبادرته بدعم أمريكي وأنه في نهاية العملية السياسية سيحصل الفلسطينيون على كل مساحة الضفة الغربية، ليس حدود عام 1967 وإنما مساحة الضفة. وأضاف أنه في هذه المرحلة لا حاجة إلى إخلاء مستعمرات لكن من أجل الإثبات للفلسطينيين بأن إسرائيل جدية فإنه ينبغي البدء بسن قانون إخلاء وتعويض المستوطنين في المستعمرات المعزولة الواقعة شرقي الجدار الفاصل والتي يقطنها نحو 70 ألف مستوطن، وانتقد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو معتبرا انه يعيق العملية السياسية ويهدر الوقت. كما اقترح الشروع في المرحلة الثانية بمفاوضات على قضايا الحل الدائم من دون ان يستبعد موافقة إسرائيل خلالها على الانسحاب من الأحياء الفلسطينية الواقعة في أطراف القدس المحتلة ما يعني رفضه انسحاب إسرائيل من كل المدينة المقدسة وخصوصا البلدة القديمة ومحيطها.‏

  ورأى محللون سياسيون إسرائيليون أن طرح موفاز لخطته يعني أنه يبلور معارضة داخل حزب كديما لعملية أنابوليس، التي ترى رئيسة الحزب ووزيرة الخارجية السابقة، تسيبي ليفني، أنها السبيل الأفضل لحل الصراع.‏

من جهته، قال المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري ان تصريحات موفاز ليس فيها أي جديد، وهي محاولة مكشوفة للعب على التناقضات الفلسطينية الداخلية مشيرا الى موقف حماس المعروف الرافض للتفاوض مع الاحتلال في ظل التجربة الكارثية للمفاوضات مع حركة فتح ومنظمة التحرير طوال السنوات الماضية . وقال القيادي في الحركة فوزي برهوم، ان طرح خطة إقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة, بمثابة خبت صهيوني ولعب على المتناقضات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية