|
شؤون سياسية إلى فهم مشترك للخصائص المتفردة لكل حضارة حتى لا يشيع مفهوم آحادي لحقوق الإنسان وعلى النسق نفسه يجيء الاختلاف بين الحضارات على مفهوم الديمقراطية، فالحضارات المختلفة متفقة على أن حرية الفرد هي أصل الممارسة السياسية ويجيء خلافها في المدى الذي تنتهي إليه هذه الممارسة الفردية وهذا يتطلب وقفة للولوج في حوار بناء وحقيقي لفهم أبعاد ومنطلقات كل حضارة لتفادي الصراع وسوء التفاهم، إذ إن كفالة حقوق الإنسان الأساسية التي دعت إليها المواثيق الدولية ينبغي رعايتها ووضعها في المكانة اللائقة بها، وتجدر الإشارة هنا إلى إعلان القمة الألفية الذي أكد أهمية إرساء القيم الأساسية التي تقوم عليها العلاقات الدولية التي تنطلق من إشاعة القيم الفاضلة الهادفة لضبط النفس البشرية وتأكيد أن مسألة الاعتقاد وحرية العبادة ينبغي ألا تكون مثار خلاف أو جدل أو عامل صراع بين الحضارات. إن دول العالم حين سارعت للمشاركة في قمة الألفية كانت تطمح إلى عالم إنساني متسامح، عالم تشيع فيه ثقافية السلام ونبذ العنف وإلى بناء عالم جديد من خلال دعوة الشعوب ذات الحضارات المختلفة لعدم الترويج لبعض المفاهيم الخاطئة التي من شأنها أن تؤدي لعواقب وخيمة كتلك التي تكرس لصدامات بين الحضارات أو استعلاء البعض بحضارته أو فكره أو بجنسه البشري على الآخرين (كما يتوهم الصهاينة اليوم) إن الاتفاق على وجود قضايا محددة ترسم مناطق الاختلاف تعد المنطلق الأول لنجاح أي عملية للحوار، ولعل من الوضوح بمكان أن الصراع الحضاري الدائر في الساحات الدولية، هو صراع تستثيره معضلات تستفحل حيناً حتى تبلغ حد المجابهة العسكرية وتخفت حيناً آخر حتى لاتكاد تتعدى حدود التصريحات، إن الخلاف الذي يسود عالم اليوم ينحصر (تقريباً) في عدد من القضايا أبرزها الجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان والديمقراطية والاقتصاد الدولي وغيرها، هذه القضايا تستدعي درجة عالية من الشفافية تجعل من الثقافات مداراً لمفهوم التثاقف لا الانكفاء على الثقافة الذاتية، وأن تفعيل هذه القضايا يقود لجملة من الحقائق التي يجب الاهتمام بمسلماتها في إدارة حوار مثمر وبناء مع الآخرين، وهذا ما تفعله سورية اليوم وفي استراتيجيتها في التشاور والانفتاح والحوار متعدد الجوانب والأهداف مع الآخرين إقليمياً ودولياً وهي حركة فريدة. إذا ما نظرنا إلى الخارطة السياسية التي تسود عالم اليوم من صراعات وخلافات وعلى هذا النسق والنموذج السوري الذي يعمل على تعمير الحضارات لاتدميرها إلى بناء جسور الإنسانية والمحبة والتعايش ونحن مازلنا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين يمكن للعالم أن يطوي صفحات الحروب التي تقودها أمريكا والصهيونية والتي من خلالها يجري تدمير الحضارات كما هو الحال في فلسطين والعراق على سبيل المثال والعودة إلى الحوار بغية نشر السلام العادل. |
|