تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مـــــــــــاذا بعـــــــــد ؟

معاً على الطريق
الاثنين 30-5-2011
ديانا جبور

انتهى العرض وضاقت أنشوطة السؤال القلق حد الطعن: وماذا بعد ؟ ماالذي يمكن تقديمه بعد عمل مترنح مثل حلم ليلة صيف ؟

لم يمتلك المسرحي الكبير بيتر بروك إجابة شافية كما يروي في مذكراته المعنونة ( خيوط الزمن ) فقرر تمضية بعض الوقت بصحبة اثنين من أصدقائه في الدانمارك فلايوقظ السؤال الغافي..  ‏

ذهب الثلاثة في رحلة على الأحصنة , وإذا بفرس ترمي براكبها عنها إلى الأرض , أما هي فتغوص فيما سماه الكاتب الرمال الناعمة , وفيما نسميه نحن الرمال المتحركة.‏

انغرست قوائمها تحت الأرض , ولم يعد يبدو منها إلا رأسها وكفلها العظيم. حاول الثلاثة إنقاذ الفرس دون فائدة , بعثوا بأحد المزارعين ليأتي بجرار يسحبها، لكنهم يعلمون أن الطريق سيأخذ ردحاً يلتهم فيه الموت فرص النجاة , فجلسوا على الأرض الثابتة يراقبون فرسهم التي اختارت الثبات وعدم الحركة: « كان أنفها ينبض وهي تصدر أصوات طمأنينة خافتة... كانت رقيقة ناعمة على ثقة من مواطئ أقدامها... لقد اقتنصتها الرمال المراوغة , لكن توازنها الداخلي لم يهتز رغم ذلك , لأنها بدت , في حضورها الثابت هادئة تماما , وحذونا حذوها , فانتظرنا هادئين..  «‏

فجأة وبعد ساعة بدت دهراً , ودون إنذار تلوت الفرس  , نفثت بخاراً من منخريها , استنهضت قائمتيها الأماميتين واندفعت. فإذا بها خارج الحفرة منتصرة , تقف على أرض ثابتة , تتنفس تنفساً ثقيلاً .‏

بحكمة مذهلة أدركت الفرس أن التخبط في الرمال المتحركة سيشدها إلى الأسفل , أدركت أنها معركة خاسرة , وأنها فوق ذلك ستستنزف قواها , فقبعت تنتظر بصبر , إلى أن حانت لحظة الإعجاز.‏

dianajabbour@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية