|
شؤون سياسية من دولة عربية، وهذا المشروع بالأساس بشر به شمعون بيريز ثعلب السياسة الإسرائيلية منذ حوالي ثلاثة عقود خلت تقريباً. لاشك أن هذا مشروع تفتيتي واضح في سورية والعراق وليبيا، ويأتي التركيز على سورية من خلال التحريض الإعلامي غير المسبوق من أجل استكمال عملية إلغاء الفكر القومي العربي المقاوم الذي تجسده في طروحاتها وسياستها، حتى إن ماحدث لم يترك هامشاً ولو قصيراً للقيادة السورية لتضع الإصلاحات التي أعلنت عنها موضع التنفيذ. إن هذا التحريض الإعلامي الشرس تشارك فيه فضائيات إقليمية ودولية معروفة تجند في عملها جوقات مشبوهة تمارس كل أنواع الاجتهادات وتقصّي وتلفيق الأخبار من خلال أخذها من مصادر غير موثوقة. وعندما فشلت الأوساط المعادية في زعزعة استقرار سورية وتقويض وحدتها الوطنية بدأت تتهيأ لتدويل الأزمة بمايساعد على التدخل الدولي إذا سمحت الظروف الدولية بذلك. هذا وعلى الرغم من أن السلطة في سورية باشرت بتطبيق العديد من الإصلاحات بشكل جدي وبوقت سريع، إلا أن القوى الأميركية والإسرائيلية والغربية الحليفة لها شجعت على عودة التظاهر، الأمر الذي يقود إلى الاستنتاج أن هناك إصراراً على إدخال سورية في لعبة الفوضى الخلاقة وذلك بهدف تعطيل الدور السوري الفعال كدور دولة ممانعة تشكل الحصن الأخير والمنيع من حصون الممانعة في المنطقة ومواجهة مشاريع الهيمنة الأميركية الاسرائيلية عليها،حيث تعتقد واشنطن وتل أبيب أن تحجيم الدور السوري من شأنه أن يزيح عقبة كبيرة من أمام مشروع تسوية تخطط له واشنطن بين إسرائيل والفلسطينيين من شأنه أن يرضي «إسرائيل» بالدرجة الأولى وينهي حق العودة وخاصة أن سورية هي التي تحتضن المقاومة في فلسطين ولبنان، وهي التي تصدت للاحتلال الأميركي والبريطاني للعراق، ولمشروع تقسيم لبنان إلى دويلات طائفية، كما أنها استطاعت تجاوز الضغوط الهائلة التي مورست عليها وكسرت طوق العزلة من حولها، واستعصت لسنوات طويلة على العقوبات والحصارات الاقتصادية والسياسية التي فرضت عليها، كما أنها /أي سورية/ تجاوبت في الوقت نفسه مع الطموحات الشبابية نحو التغيير والتطوير، وذلك عندما عمدت إلى إلغاء قانون الطوارئ وإنهاء محكمة أمن الدولة والبدء بمناقشة قانون الأحزاب ووضع قانون جديد للإدارة المحلية، ودراسة قانون جديد للإعلام يكفل تأمين مساحة واسعة للتعبيرعن الرأي وغير ذلك من مشاريع إصلاحية طموحة، لاشك أن مسلسل العقوبات الأميركية والأوروبية المتصاعدة ضد سورية يفضح بشكل واضح وقاطع محاولات الحكومات الغربية استغلال مطالب إصلاحية مشروعة من أجل خدمة وتنفيذ أجندة خاصة باتت معروفة للقاصي والداني، وهي أجندة خارجية بالتأكيد. من جهة أخرى فإن هذه العقوبات التي أصدرها الرئيس الأميركي أوباما وحلفاؤه من الزعماء الأوروبيين لاتسيء إلى سورية بقدر ماتفضح سعي الحكومات الغربية الاستعمارية إلى استغلال مطالب داخلية لخدمة أجندات أجنبية. هذا ومما يجدر ذكره أن هذه العقوبات سبقت خطاب الرئيس الأميركي الأخير وزيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو الأخيرة لواشنطن، كذلك لم يكن مصادفة أن تتهم واشنطن وتل أبيب سورية بالوقوف وراء مسيرات العودة إلى فلسطين التي نظمت في 15 أيار 2011م في ذكرى نكبة فلسطين، رغم أن هذه المسيرات انطلقت بمبادرات مستقلة وجريئة ومن المستغرب أيضاً أن تأتي هذه العقوبات الأميركية والأوروبية في الوقت الذي تم فيه إطلاق مشروع حوار وطني شامل مع كل مكونات المجتمع السوري وتشكيل لجنة لهذا الأمر. على أي حال أصبحت الأمور في غاية الوضوح بأن سورية تحديداً مستهدفة لأنها تقف بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد في وجه احتواء المنطقة والهيمنة عليها أميركياً وإسرائيلياً، ولكن الأهم من ذلك أن الولايات المتحدة تخطئ عندما تظن أن سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد يمكن أن تقبل بالتدخلات الأجنبية في شؤونها الداخلية، أو أن تخضع لسياسات استعمارية وإملاءات خارجية، فسورية صاحبة سجل ناصع في مواجهة هذه السياسات والمؤامرات والضغوط وهي قادرة على إحباط كل ذلك معتمدة على وحدتها الوطنية وعلى التفاف شعبها حول قيادته الحكيمة والشجاعة. |
|