|
دمشق وتجدر الإشارة الى أنّ الدولار هو عملة كأي عملة أخرى, لكنه انفصل عن عالم العملات في نهاية الحرب العالمية الثانية ليحلّ محل الذهب, وبالتالي أصبح مقيما ومحددا لسعر صرفها , ويتمّ هذا ضمن مركزية غربية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوربية ,حيث جعلوا من أنفسهم أساتذة في الاقتصاد والسياسة والاجتماع والفكر وحتى الفنّ وكرة القدم ...الخ, ويفتون على طريقتهم الخاصة ويصدرونها إلى الدول الأخرى كما تصدر (البيبسي كولا) و(الهامبرغر)وغيرهما , وهم يفصلّون النصائح حسب مواقفهم وبما يتناسب مع مصالحهم بغضّ النظر عن العلمية و الموضوعية والأخلاقية وتحت مسميات متعددة ومنها ( البراغماتية والواقعية ومكافحة الفقر وحتى الديمقراطية وحقوق الإنسان ...الخ), وكتأكيد لما سبق وحتى لايقال إننا نرمي التهم جزافا فإننا نقوم بذكر بعض الوقائع و من الأدبيات الغربية ونذكر منها على سبيل المثال لاالحصر: - أنّ سكان العالم سيصل في عام 2020 إلى /8/ مليارات نسمة , منهم أكثر من /6,5/ مليارات نسمة سيعيشون في الدول النامية أي بنسبة تزيد عن 81% من عدد سكان العالم الإجمالي ,بينما لايمتلكون من الثروة العالمية إلا أقل من 20% ,وسيوجد منهم بحدود /3/ مليار نسمة تحت خط الفقر ومنهم مليار شخص يعانون من الجوع والحرمان ,وتؤكدّ التقارير الاقتصادية للبنك الدولي أنه في كلّ دقيقة يزداد عدد الجياع في العالم بمقدار / 68/ جائعاً ,وترتفع أسعار الأغذية مثل الرز بمعدل 74% والقمح 69% وفول الصويا 36% ....الخ. - أمّا في الولايات المتحدة الأمريكية ( زعيمة النظام العالمي) و تفوض نفسها بالتدخلّ في كلّ أمور العالم, فقد بلغ معدل البطالة فيها 10% وعجز موازنتها 11% و دينها الخارجي /14300/ مليار دولار بينما ناتجها المحلي /13800/ مليار دولار, أي بنسبة تزيد عن 104% , و توجد الآن دعوات اقتصادية من دول العالم تتجلى في أنه يجب على أمريكا التوجه لتنظيف ديونها أي العمل على سدادها , وخاصة في أنّ مطابعها المالية تطبع كميات كبيرة من الدولارات بدون أي تغطية ذهبية أو إنتاجية وأكثر من متطلبات السوق العالمية , واستمرار هذا الواقع ومن باب التنبؤ بالمستقبل فإنه سيوصلها إلى أحد الاحتمالين التاليين وهما : 1- إمّا أن تشعل الحروب وتزيد بؤر التوتر في العالم , لكي تضمن تشغيل معاملها العسكرية والحربية, وبالتالي تضمن تسويق و تصدير المزيد من الأسلحة القاتلة والمعدات العسكرية المدمرة. 2- إمّا أن تلجأ إلى اعتماد مصطلح ( تتقيد الديون ), أي التلاعب بقيمة سعر صرف كما فعلت في15/8/1971من خلال إلغاء ( الدولار الذهبي ) ,وكانت أكبر عملية اختراق نقدية في التاريخ, وبموجب ذلك تم إنهاء العمل ببنود ( اتفاقية بريتون وودز ),التي تمّ اعتمادها في نهاية الحرب العالمية الثانية , وحددّ بموجبها سعر الأونصة الواحدة من الذهب وزن 33 غراماً تقريبا بسعر 35 دولاراً , أما الآن فإن سعر الأونصة الواحدة يتجاوز /1500/ دولار أي 43 ضعفاً . - أمّا في بريطانيا التي تعتبر إحدى الدول المشهورة بتصدير (نصائحها وفتاويها ) إلى الدول النامية, فإنها أمام التوسع العمودي والأفقي لتداعيات الأزمة الاقتصادية المالية العالمية اضطرت لاعتماد (موازنة تقشف) تعتبر الأشدّ منذ الحرب العالمية الثانية, وترتب عليها زيادة أعباءالأقساط الجامعية مثلا بمعدل /3/ أضعاف , مما أدّى إلى قيام أكبر مظاهرة طلابية في لندن شارك فيها عشرات الآلاف من الطلاب تمّ اعتقال العديد منهم, ولكنها بقيت طبعا بعيدة عن كاميرات الصحفيين والفضائيات العربية التي تنشد الشفافية والإعلام الحر ؟!!). مما سبق يتبين لنا أنّ نصائح هذه الدول لم تعد تنطلي على أحد, بل إنها بحاجة إلى التدقيق والتمحيص ليتم التأكد من مطابقة الأقوال مع الأفعال. |
|