تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عودة مصر.. من معبر رفح

الثورة
الصفحة الأولى
الاثنين 30-5-2011م
ناصر منذر

يبدو أن الفلسطينيين بدؤوا يقطفون الآن أولى ثمار المصالحة التي أفقدت حكومة الاحتلال الاسرائيلي صوابها، وتعمل جاهدة لتعطيلها بكل السبل.

وأولى تلك الثمار هي فتح معبر رفح بشكل دائم بعد اكثر من اربع سنوات من الحصار الجائر المفروض على نحو مليون ونصف مليون فلسطيني يعيشون في اكبر سجن في العالم بأوضاع مأساوية باعتراف الهيئات والمنظمات الدولية نتيجة النقص الشديد في السلع والحاجيات الانسانية بسبب منع قوات الاحتلال دخول البضائع الى قطاع غزة.‏

معبر رفح الواقع على حدود غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية والذي تم تشييده بعد اتفاقية كامب ديفيد نهاية عام 1978 اعيد فتحه اول من امس بشكل دائم ليأتي تتويجاً للثورة المصرية واعادة مصر الى حضنها العربي، حيث لم تكن مصر تسمح في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك بفتح المعبر الا على فترات متفرقة، ولكن قرار اعادة فتحه بشكل دائم الآن يحظى بقاعدة شعبية تجعل القيادة المصرية الجديدة اكثر تمسكا به رغم كل الضغوط الاسرائيلية والاميركية الرافضة.‏

فتح المعبر لاقى ترحيباً فلسطينياً كبيراً، كيف لا وهو يعتبر خطوة كبيرة على طريق كسر الحصار عن غزة، حيث اعتبرت الحكومة الفلسطينية المقالة على لسان المتحدث باسمها طاهر النونو انه خطوة هامة على صعيد دخول وخروج المواطنين الفلسطينيين، واعربت عن املها بأن يصبح في المستقبل معبراً لدخول وخروج البضائع الفلسطينية بشكل عام.‏

في المقابل اثار قرار فتح المعبر حالة من الجنون الاسرائيلي وصلت الى حد التهديد باللجوء الى «ترسانة كبيرة من الاجراءات الانتقامية» كما قال وزير خارجية العدو افيغدور ليبرمان.‏

بالتأكيد ان حكومة الاحتلال ستفقد بعد فتح المعبر أحد اهم منافذ الاطباق التي كانت تستخدمها لخنق الغزاويين في محاولة يائسة لاضعاف حركة المقاومة الوطنية الفلسطينية حماس، ولكن القرار المصري الجديد جاء بما لا تشتهيه تلك الحكومة حيث قال وزير الخارجية المصري الدكتور نبيل العربي ان الايام المقبلة ستشهد تطوراً كبيراً في انهاء معاناة الفلسطينيين في غزة وان الاوضاع ستتغير بصورة جذرية.‏

كلام العربي يدل بشكل واضح ان مصر بدأت تعود لدورها الطبيعي بعد ان كان هذا الدور مصادراً من اسرائيل والولايات المتحدة طوال العقود الماضية كما يدل على ان شهر العسل الطويل بين مصر واسرائيل اصبح من الماضي.‏

يشار الى ان معبر رفح كانت تديره ما يسمى هيئة المطارات الاسرائيلية منذ عام 1982 حتى عام 2005 عندما اعلنت حكومة الاحتلال الانسحاب بشكل احادي الجانب من غزة لكن اسرائيل مازالت حتى الآن مسيطرة على كافة المعابر البرية والبحرية والجوية وتمنع دخول البضائع الى غزة وهي تصر على ابقاء سيطرتها على تلك المعابر وكانت قد اقترحت نقل معبر رفح الى مثلث حدودي مصري فلسطيني على بعد عدة كيلومترات جنوب شرق موقعه الحالي ليتسنى لها تشديد سيطرتها على المعبر.‏

وكانت بداية المأساة لاهالي مدينة رفح عندما احتلت اسرائيل كلا من قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية عام 1967 و بالتالي لم يكن يفصل بين رفح المصرية والفلسطينية اي حدود وتشكلت علاقات اجتماعية كبيرة بين سكان رفح المصرية والفلسطينية وبعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 وتنفيد الشق الخاص برسم الحدود الفلسطينية المصرية تم فصل رفح المصرية عن رفح الفلسطينية وبالتالي تم تشتيت العائلات وفصلهم عن بعضهم البعض ما ادى الى خلق كارثة انسانية وخاصة بعد ان تحكمت اسرائيل بمعبر رفح واصبحت قوات الاحتلال تمنع مرور الفلسطيينيين من خلال هذا المعبر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية