|
شباب سواء أكان فتى أم فتاة، فالمرض ليس الذي يصيب الجسم فقط بل النفس والسلوك، فيتشكل حاجز يمنع تحقيق التفاعل الإيجابي مع الآخرين , وتكمن شجاعتنا الحقيقية جميعا في مواجهة أنفسنا للتعرف إلى ضعفها والاعتراف به، والسعي نحو التغيير. فالشخصية القوية والمنتجة عندما نواجه أنفسنا، لكشف ذاتنا وتجاوز أخطائنا. فهل يقبل شبابنا بمواجهة ذواتهم؟ اللوم يقول حسام 20عاما: قد أتقبل النقد من أصدقائي، لكني لاأتقبله من أمي أبدا لآنها بحجة رغبتها في أن أتابع دراستي الجامعية تنخر رأسي بالنصائح، وعندما أراجع نفسي بشأن البكلوريا أعرف أنني أهملت دراستي لكن السبب الحاح أمي وتمنيني بتعبها وتعب والدي، واليوم في انتظار أن أتابع دراستي في التعليم المفتوح، توجهت لدورات الكمبيوتر واللغة الانكليزية وتعرفت على أصدقاء جدد بدأت أعترف ولو لنفسي بما يشوب سلوكي من عيوب والتي تجعلني في كثير من الأحيان أخطئ في البيت، ومع أصدقائي في منطقة سكني فأكون عصبيا معهم حتى المزاح لاأتقبله منهم. نقد بناء أما أحمد اسبر سنة ثالثة هندسة زراعية فيرى أنه: بالنقد يستطيع الإنسان أن يبني ويطور ذاته فيصبح قادرا على تنمية قدراته وتحقيق تطلعاته، ويقول: بالنسبة لي هناك بعض النقد اللاذع وهو الذي لا أتقبله أبدا وهو يتضمن في ثناياه نوعا» من التجريح المتعمد، هذا النوع من النقد لا أستطيع أن آخذ برأي صاحبه كونه يكسر الألفة الموجودة بيننا، وأفضل أسلوب للنقد يعتمد على طرح الفكرة الرئيسية كموضوع للنقاش ولكن بطريقة إيجابية وعدم التطرق إلى السلبية كونها تكسر الألفة، بل يجب طرحها بمنطقية وعقلانية وبأسلوب إيجابي بحت وهذا هو الأسلوب الصحيح والأفضل للنقد، وأنا كثيرا ماأعتمد على نقدي لذاتي لتطويرها، وكثيرا ما استمعت لنقد أصدقائي وهو الذي أوصلني إلى حالة الرضا عن نفسي وبالتالي حققت المصالحة مع نفسي وصرت قادرا»على تطوير ذاتي دائما» وأبدا».
مرآة الآخر ويتقاطع رأي هبة عبود أدب انكليزي سنة ثانية مع رأي أحمد حيث تقول: يمكنني الحديث عن تطوير شخصيتي في اتجاهين الأول هو: نقدي لذاتي واعترافي بأخطائي وتقبل نقد الآخرين من أصدقاء وأهل فهذا يساهم في البناء السليم وتلافي اخطاء قد لاأراها في نفسي ويراها الآخرون، هذا عندما يكون النقد بناء وهادفاً وبطريقة لاتجرح، لأن هناك انتقادات توجه بطريقة استهزائية تجعل الشخص يركز اهتمامه على الأسلوب الجارح وليس على الانتقاد نفسه، ولا يكون الهدف منها التصويب وانما النيل من الشخص. أما الاتجاه الثاني فهو في مجال العمل والدراسة، فأنا لاأكتفي بمنهاجي الجامعي بل أتبع دورات محادثة وأسعى لكل مايطور لغتي الانكليزية فأترجم روايات وألجأ الى الانترنت ليس بهدف اللغة فقط وانما لتعزيز مهاراتي فيما يخص المعلوماتية لكي أمتلك أدوات عصري. للبيئة دور وتقول علا 22عاما: هناك عيوب ليست مؤذية للآخرين ولكن مؤذية للشخص نفسه كالتردد، وهناك عيوب تؤذي الشخص والمحيط كالتملق والنفاق، وأنا ما حققته في عملي بسبب التملق أكثر من الكفاءة وهذا بسبب تدني الفرص الحقيقية للنجاح وأعرف أن هذا خطأ وأرى زملائي يتغامزون عليّ لكن
لايجرؤون على مواجهتي، وأنا الآن بصدد تغيير عملي لأنني أدركت أن ماقمت به خطأ، ولكنني لاأستطيع البداية الجديدة في نفس المكان ، ويعود الفضل في هذا الى الشاب الذي أحببته وكدت أخسره بسبب ماقمت به بعملي السابق من تملق. أين الأسرة..؟! ويقول هشام 25 عاما أن التنشئة في البيت هي السبب الأساسي في اكتساب أي من السلوكيات الخاطئة التي يطلق عليها العيوب، لم يكن مسموحاً لنا في البيت التعبير عن آرائنا ولااستقبال أصدقائنا، ولا الاختلاط بصديقات اخوتي البنات وحتى قريباتنا كنا نجالسهن لفترات قصيرة، لذلك كنت في الجامعة خجولا لكن في نفس الوقت شغلي الشاغل ملاحقة الفتيات، ما أثر على دراستي . سعيد 24 عاماً يقول: الإنسان دائمًا بحاجة إلى من يرشده ويوجهه لتقويم سلوكه، فحب الإنسان لذاته قد يجعله يشعر بأنه أفضل الجميع، وبالتالي لا يتقبل أي نقد أو توجيه من أحد وحتى لو قبل هذا التوجيه يذهب أدراج الرياح، من عيوبي الماضية حب الظهور وأن أكون دائماً مركز الاهتمام وكان هذا نتيجة لضيق حجم علاقاتي بحيث كنت لا أرى سوى نفسي، ولكن مع إرادتي وإدراكي لضرورة التغيير تمكنت ان إعادة ترتيب أفكاري، وبالنهاية الفرد لا يمكنه النجاح والاستمرار بمفرده بل هو دائماً بحاجة إلى الآخرين. التفكير الإيجابي وإعطاء الدور التقينا بالدكتور نضال نقولا استشاري الطب النفسي والذي يعمل في المرصد الوطني للشباب فأجاب على تساؤلاتنا قائلا: لتتطور شخصية الفرد بشكل ايجابي يجب أن يفكر بطريقة إيجابية بنفسه ومحيطه، وأن لايضع لنفسه هدفا كبيرا وعندما يخفق في تحقيقه يشعر بالاحباط. وعندما لايفكر الشاب بايجابية ستظهر عنده تصرفات وسلوكيات تسيء إلى نفسه والى الآخرين وقد يكون ذلك بسبب التنشئة غير السوية، فانعدام الحب والتفاهم داخل الأسرة يخلقان لدى الفرد انحرافات في صورة سلوكيات غير مرغوبة، فالأسرة لها دور كبير في مساعدة أبنائها عندما تأخذ بآرائهم وتعطيهم دور في شؤون الأسرة وشؤونهم، وتبتعد عن الأساليب القمعية، وتتقبل استقلاليتهم على أن تراقبهم، أي يكون دور الأسرة تشجيعياً، والا لن يتصالح مع نفسه وسيتوجه الى خارج البيت ويصاب بالإحباط واللامبالاة خاصة إذا كانت الأسرة وسلوكياتها وعدد أفرادها الكبير أحد أهم الأسباب لظهور السلوك غير المرغوب. وهناك عيوب ترتبط إلى حد كبير بمرحلة المراهقة كالتحدي والتمرد وحب الاختلاط والتعلق بالجنس الآخر والعناد ، واذا امتدت لفترة أطول، فتحتاج إلى وقفة جادة من الفرد ليصلحها حتى لا تتحول إلى سلوك يصعب التخلص منه فيما بعد كالادمان، وكما قلت في البداية الإنسان السوي هو الذي يقيم سلوكياته من فترة لأخرى ليرسم لنفسه خطوات محددة للاتجاة نحو الأفضل ونحو هدف ملائم لعمره ليس كبيرا ، ويفكر بايجابية ويقبل رأي من هم اكثر منه خبرة. |
|