|
شباب وأتناول بعضاً منها وكم أذهل بمحتوياتها القيمة وأسماء كتّابها ممن أمضوا سنوات طويلة في تأليفها وتدوين معلوماتها,فهل الأرصفة مكان لائق لاحتضان أدبهم وتسويق أفكارهم ومعتقداتهم؟! وإذا أمعنا النظر وحاولنا تتبع من هي أكثر الفئات العمرية إقبالاً على شراء تلك الكتب لوجدنا أن معظمهم ممن تجاوز عمر الثلاثين أما فئتنا العمرية,الفتية والشابة فنادراً ما نجدهم يقبلون على شراء الكتب أو حتى تفحص مضمونها، فقراءة الكتب بالنسبة إلى جيل الشباب الحالي ليست من أولوياتهم، وكي لا نبالغ ربما قسم لا يستهان به يكتفي بقراءة عناوين الكتب دون التمعن في تفاصيلها. وفي محاولة للوقوف على أسباب عزوف جيل الشباب عن قراءة ومجالسة الكتاب نتناول بعض النقاط التي قد تبرر هذه الظاهرة: الشبكة العنكبوتية والتكنولوجيا ربما هي التقنيات الحديثة والمتطورة شغلتنا عن قراءة الكتب,فنحن اليوم لسنا بحاجة إلى قراءة كتاب لاستخلاص معلومة ويكفي أن ندخل إلى أحد محركات البحث لاستخراج المعلومات المطلوبة والكافية، صحيح أن التكنولوجيا قد وفرت علينا الوقت والجهد إلا أنها حرمتنا من متعة البحث والتنقيب وجعلت منا مستهلكين آنيين للمعلومات، فالمعلومة التي نجتهد في الحصول عليها, تختزن في ذاكرتنا بشكل أفضل من تلك التي وصلتنا بسرعة على أجنحة المواقع الالكترونية. الأفلام وشاشات التلفزة ليست وحدها الكتب (الفلسفية-العلمية- الأدبية-الجامعية والدراسية) تباع على أرصفة تلك الطرقات، أيضا الروايات الاجتماعية والعاطفية والبوليسية لكبار الأدباء والروائيين تجدها مستلقية على حافة الأرصفة بانتظار من يبتاعها أو يرمقها بنظرة,وجيلنا- جيل الشباب- نادراً ما تجده يقبل على شراء رواية مع أن عدداً لا يستهان به تحول إلى مدمن أفلام، فلا غرابة أن تعج محلات بيع الأقراص و(DVD) بالشباب والشابات وتبقى الكتب المتضمنة أجمل وأروع القصص والأحداث المشوقة في طياتها، أسيرة أرصفة الشوارع وحبيسة المكتبات العامة.
ولا يمكن لأحد أن ينكر التسلية والترفيه الذي تقدمه لنا متابعة الأفلام وخاصة إذا اقتنينا شاشات سينمائية كبيرة ومكبرات صوت ضخمة تقحمنا في قلب قصة الفيلم, وتجعلنا نتأثر ونتفاعل مع شتى مشاهده, إلا أن استبدال قراءة الرواية بمشاهدتها كفيلم مثلاً,يسلبنا متعة تصور وتخيل أبطالها وطقوسها وأماكن حدوثها,فليس أجمل من رواية رسمنا لها تفاصيلها فأصبحت من سجلات الذاكرة لا تمحوها مئات الأفلام التي قد نقتنيها ونشاهدها. المقاهي وأماكن التسلية جميلة هي تلك الحياة الاجتماعية التي تصخب بها المقاهي الشبابية والمقاصف الجامعية,ولا شك أن الكثير من النقاشات التي تدور في مجالس الأصدقاء قد تثري معلوماتنا وتوسع آفاقنا فنتعلم من تجارب وخبرات بعضنا البعض، ولكن ماذا عن المكاتب العامة والجامعية والتي لا نقبل عليها إلا بغرض الدراسة، فجيلنا نادراً ما يسارع إلى المكتبة للجلوس فيها بقصد قراءة كتاب علمي تثقيفي أو رواية، ولعل المكاتب أكثر الأماكن المهجورة من قبل جيل الشباب. وبمقارنة بسيطة بيننا وبين الأجيال السابقة, وبين الأب وابنه! نجد فجوة عميقة في الثقافة المستقاة عبر الكتب, فلا شيء ممكن أن يثري لغتنا وينهض بأسلوبنا في الكتابة وطريقة تفكيرنا أكثر من قراءة الكتب بتعمق وليس تصفحها بسرعة بعد تحميلها عبر الانترنت. ظاهرة تستوجب الوقوف ليس هناك شيء يحز في النفوس ويؤثر فيها أكثر من رؤية تلك الكتب المدرسية والجامعية الممزقة والملقاة في حاويات القمامة فبعض الطلاب يعبرون عن فرحتهم في النجاح وترفيع بعض المواد,بإتلافها وتمزيق صفحاتها وفي ذلك إهانة حقيقية و غير مقصودة للعلم ولقيمة الكتاب,لذلك علينا الانتباه إلى تلك الظاهرة ومحاولة التخلص منها,ففي الوقت الذي نمزق فيه الكتاب المدرسي أو الجامعي المتضمن معلومات مفيدة,هناك من هو بحاجة لاقتناء هذا الكتاب لذلك يمكننا أن نعبر عن فرحتنا باستيعاب مضمون الكتاب واجتياز الامتحان الجامعي أو المدرسي بتقديمه لأصدقائنا أو التبرع به لمن لا يستطيع تحمل التكاليف الجامعية أو يمكن لنا أن نهبه لأحد الأرصفة التي تباع عليها تلك الكتب. نحن بحاجة ماسة وحقيقية لعودة الكتاب إلى رفوف خزائننا وأدراج مكاتبنا,وإلى مجالسة الكتب العلمية والأدبية والفلسفية من جديد، وبحاجة أيضاً لإعادة تنظيم ساعات دراستنا وعملنا وفترات الترفيه والترويح عن النفس,وعندها سنجد مزيداً من الوقت لقراءة كتب تحمل في تجاويفها معلومات وفوائد جمة,وأفكاراً غنية تجعل من جيلنا جيلاً واعياً, مطلعاً على تاريخه, مدركاً لحاضره و يجيد قراءة ما بين السطور! |
|