|
شؤون سياسية وان تبتدع الحجج والذرائع لتبرير هذه الجرائم، بما في ذلك جريمة استمرار الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية. في هذه المرة، وفي سياق التعقيب على ماحدث في الجولان في الذكرى الثالثة والستين للنكبة، خرج مصدر اميركي رسمي يتهم سورية بتشجيع التظاهر في الجولان واعتباره امراً غير مقبول. كما ان واشنطن اعتبرت وصول مواطنين الى ما أسمتها بـ (حدود اسرائيل) تسللاً وحملت الحكومات العربية مسؤولية هذا التسلل. في مثل هذه التصريحات نسيت الادارة الاميركية لكثير من الأمور التي كان يجب عليها ان تتذكرها: ـ اول الأمور التي نسيتها الادارة الاميركية هي ان الجولان ارض سورية محتلة. ومن حق سورية ان تشجع التظاهر في اراضيها او ألا تشجعه، وفق ما تمليه مصلحتها الوطنية، وليس للاميركيين ان يعترضوا على شأن سوري داخلي. ـ الامر الثاني الذي نسيته الادارة الاميركية هو انها وكل جوقتها المعروفة كانوا وما زالوا يشجعون التظاهر في سورية، وسورية ليست ارضا اميركية او فرنسية او بريطانية، وليس من حق اميركا وجوقتها فعل ذلك. بل إن اميركا ذهبت الى ابعد من ذلك فشجعت وحرضت ومولت مواطنين اميركيين وغير أميركيين - سواء كانوا من اصل سوري ام لا فالأمر سيان - ليس فقط للتظاهر ولكن ايضا لشن اعتداءات مسلحة على السوريين وتخريب الممتلكات السورية. فهل كل أشكال التشجيع والتحريض والتمويل والتسليح هذه مقبولة طالما ان الاجهزة الاميركية تقف من ورائها، بينما يكون نضال السوريين سلمياً او مسلحاً لاسترداد ارضهم المحتلة في الجولان عملا غير مقبول من وجهة النظر الاميركية التي تريد تسويغ الامور وفق المزاج الاميركي وليس وفق منطق القانون الدولي العام؟. - الامر الثالث الذي نسيته الادارة الاميركية هو ان من تظاهروا في الجولان من سوريين وفلسطينيين كانوا عزلا من اي سلاح، ومع ذلك استخدمت اسرائيل ضدهم ماهو اكثر من القوة المفرطة التي اعتادت اميركا وجوقتها اتهام العرب باستخدامها كلما قمعوا مظاهرة محلية، وغالبا ما يكون ذلك ادعاء لا صدقية فيه، بينما ادى استخدام اسرائيل لأسلحة القتل الى استشهاد اربعة عشر شابا واصابة اكثر من ستمئة خلال ساعات قليلة، دون ان يثير ذلك اعتراض واشنطن وجوقتها، ولم تعلن على الاقل ان ما فعلته اسرائيل هو استخدام مفرط للقوة، ما يعني انها تؤيد استخدام اسرائيل المفرط للقوة العدوانية وانها تشجع ذلك. الامر الرابع الذي نسيته الادارة الاميركية هو ان المتظاهرين الذين اقتحموا الاسلاك في الجولان كانوا مسلحين بقرار الامم المتحدة رقم 194 لعام 1949 الذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى البيوت والاراضي التي طردوا منها، وبقراري الامم المتحدة رقم 242 لعام 1967 و 338 لعام 1973، واللذين ينصان على انسحاب اسرائيل من الاراضي التي احتلتها في عدوان حزيران عام 1967. وان اسرائيل تهربت ومازالت تتهرب من تنفيذ هذه القرارات بتشجيع من الولايات المتحدة الأميركية وجوقتها الاستعمارية. وحين تتجاهل الولايات المتحدة هذه القرارات وتتنكر لحق السوريين والفلسطينيين في التواجد على ارضهم او التظاهر السلمي عليها او حتى حقهم في حمل السلاح والمقاومة بهدف طرد الاحتلال كحق اقرته الشرائع الدولية، فإنها تتنكر لحقوق اسهمت هي وجوقتها الاوروبية الغربية في إقرارها سواء ضمن شرعة الامم المتحدة، او من خلال القرارات التي صاغوها هم، وصوتوا هم الى جانبها في حينها، ولكنهم لم يحترموا كلمتهم، ولم يقفوا الى جانب المظلومين ضد الظالمين، وانما انحازوا الى الظلم، وتنكروا للحقوق. وها هي ترى في تشجيع التظاهر في الجولان عملا غير مقبول بينما لا ترى في استمرار التهرب الاسرائيلي من تنفيذ قرارات الامم المتحدة عملا غير مقبول. ان المعطيات السابقة تقودنا بشكل تلقائي الى الاستنتاج القائل بأن ادعاءات الولايات المتحدة واتباعها عن ايمانهم بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان انما هي ادعاءات كاذبة. فموقفهم المساند عمليا للاحتلال الصهيوني وللجرائم الصهيونية المستمرة والمتمادية يعني بشكل لالبس فيه انهم اعداء للحرية، واعداء للعدالة واعداء للسلام، واعداء لحقوق الانسان، واعداء لكل القيم الانسانية النبيلة. وموقفهم مما حدث يوم 15 ايار 2011 سواء في مارون الراس او الجولان او القدس او الضفة الغربية او قطاع غزة او الجليل، كشف الغطاء عن ادعاءاتهم الكاذبة، وعراهم امام كل شعوب العالم، ويبقى من حقنا ان نقول لهم: حقوقنا في وطننا نحن مصممون على نيلها سواء قبلتم ام لم تقبلوا، وافقتم ام لم توافقوا، فحقنا هو الذي يحدد مسار نضالنا وليس رضاكم او غضبكم، خاصة وقد اثبتم طوال الوقت أنكم مع الباطل ضد الحق، ومع المجرمين ضد الضحايا، ومع القتلة ضد المقتولين. واذا كانت اسرائيلكم لم تستطع مقابلة مظاهرات سلمية إلا باطلاق النار وقتل المتظاهرين السلميين واراقة دمائهم بالجملة، فاسرائيل المجرمة هذه هي أنتم وأنتم هي، هي صنيعتكم وانتم حماتها، وبالتالي فأنتم تتحملون المسؤولية الكاملة عن الارواح التي ازهقت والدماء التي اهرقت، واما حقنا في متابعة النضال من اجل العودة واستعادة الاراضي المحتلة فهو حق مقدس لن نتخلى عنه بحال من الاحوال، ومن المؤكد ان ممارستنا لهذا النضال ستظل في نظركم امراً غير مقبول واما اعتداءات اسرائيل علينا واعتداءاتكم ايضا فهي عندكم من الامور المقبولة. فهل انتم من تحددون لنا مصائرنا ام أننا نحن اصحاب الحق في تقرير هذه المصائر؟. |
|