تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


« أبـــو شــــــــــنار » عرض مسرحي.. يحارب بالكلمة

ثقافة
الأربعاء 1-6-2011
آنا عزيز الخضر

يمكن للذكريات أن تصل إلى قوة تقاوم لتكون سلاحاً بدورها، فهي تمجد الحق بما أودعت من أمانٍ وأمانات وأماكن،

لذلك هي بارقة أمل ووثيقة خطت بالحب والتقديس، فتصبح حتى الأحلام الساكنة فيها سلاحاً، هذا ما ترجمه أبو شنار ذلك الفلسطيني الصامد بأحلامه وذكرياته، رغم كل هذا الشقاء، من خلال العرض المسرحي المونودرامي، الذي أعيد عرضه على صالة مسرح القباني مؤخراً، فها هو ينطلق بذكرياته إلى عوالم واسعة وآفاق أوسع، يخبرنا بالكثير، فهو يحتفظ بكل شاردة وواردة بكل تفصيل صغير وكبير، لتكون أجراساً تقرع دوماً وتؤذن بالعودة، فأبو شنار يحلم بالعودة إلى قريته ومفتاح بيته يخبئه منذ خروجه وإلى الأبد إلى أن يعود، ويبدأ حواره معنا مفرجاً عن آلامه وهمومه الكبيرة في شتاته، فينتقل بين أماكن وبلدان وأحداث وحروب طارحاً أسئلة كبيرة لن تهدأ يوماً عن العودة والانتماء وعن الهوية والتحديات والمقاومة، يتحدث (زيناتي قدسية) مع جمهوره ومع نفسه، فيقدم سرديات وأحاديث وذكريات تلخص، رحلة التشرد والشتات الذي يعيشه كل فلسطيني متحسراً أبداً ملتصقاً دوماً بكل عذابات هذه الرحلة بدءاً من الغربة إلى الاضطهاد والقلق والحرمان.... وغيرها لذلك نجح العرض عندما اعتمد على المونودراما التي اعتمدت أصلاً على حالات دهرية وتراكمية من الوجود والوجدانيات الطافحة بالغليان النفسي والعذابات.‏

من هنا فإن خطاب أبو شنار لجمهوره معتمداً على هذه الآلية الدرامية نجح بامتياز تحديداً لكون الطرح يحتاج لكل هذا البوح الذي يتفجر ذاتياً وتلقائياً مطلقاً العنان لآلام كبيرة تنطلق بقوة هادرة تعبر عن نفسها وإن غفت أحياناً، فهنا قضية وطن مغتصب، قضية إنسان مشرد في الشتات وقضية عذابات إنسانية بدأت ولم تنته، تنطلق هذه الآلام من العرض المسرحي وتذهب لطرفها الآخر والمكمل في العرض- المتلقي، ويحضر حواراً خفياً بين الجانبين، فيستقبله لأن يعبر عن عدالة قضية عهدها هذا المتلقي، وخصوصاً قد تهيأ للعرض مشهدية بصرية خلاقة بكل عناصرها الحاضرة، بإضاءتها وعتمتها وديكورها البسيط، وموسيقاها المأخوذة من التراث الفلسطيني وبأداء الممثل واللهجة الفلسطينية الأصيلة ثم الحوار الذي استجمع وكثف رحلة التشرد الطويلة ومحطات الانتكاسات ثم المؤامرات التي حيكت حولها ثم الغدر الذي ألم بها، إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه من أزمات في كل الاتجاهات وعلى صعيد الوطن والإنسان، ليلخص العرض مشواراً طويلاً سارت به تلك القضية، تلك التي ستبقى محط أنظار لكل من يقارم من أجلها، كل بطريقته، وصولاً إلى الكلمة والثقافة مثلما تجسد عبر عرض أبو شنار الذي يقاوم بصوته وأحلامه وذكرياته وأسئلته المفتوحة حول قضية عادلة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية