|
طلبة وجامعات إن مبدأ المواطنة هو علاقة تبدأ بين فرد و دولة كما يحددها قانون تلك الدولة والمشاركة الواعية والفاعلة لكل شخص دون وصاية من أي نوع في بناء الاطار الاجتماعي السياسي والثقافي للدولة يشمل ذلك أحقية المشاركة في النشاط الاقتصادي والتمتع بالثروات فضلاً عن المشاركة في الحياة الاجتماعية وحق المشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات الجماعية الملزمة وتولي المناصب العامة فضلاً عن المساواة امام القانون اي هناك ركنان اساسيان يتعلقان بمبدأ المواطنة باعتبارها مصدر الحقوق ومناخ الواجبات بالنسبة لكل من يحمل جنسية الدولة دون تمييز عرقي أو طائفي أو ديني ولا يعني هذا بأي حال من الأحوال انكاراً للرابطة القومية أو الدينية أو المذهبية أو الانسانية التي تجمع أغلبية أو بعض المواطنين بل يعني تغييب الولاءات الفرعية أو الثانوية لصالح ولاءات الوطن والأمة وفي الواقع إن الذي ساهم في إضعاف المواطنة في المجتمعات العربية هي الطروحات المستوردة البعيدة عن الاصالة ما أفقد المجتمع قدرته على انتاج الذات الوطنية والقومية المعبرة عن أهمية الشعور بمبدأ المواطنة الوطنية التي من أبرز مقوماتها: العلاقة الواضحة بين الحق والواجب بحيث يكون واضحاً ما للمواطن من حقوق وما عليه من واجبات وكذلك الإيمان بأن المواطنة بناء نفسي وروحي وثقافي وان مصلحة الوطن فوق كل مصلحة. ولكي يتحقق ذلك بالشكل الصحيح لابد من العمل على بناء المجتمع الحضاري الديمقراطي الذي من أبرز ملامحه: بناء المؤسسات الديمقراطية المتناغمة لاقرار المصالح العامة التي تهم جميع أفراد المجتمع، والتمسك بأصالة المجتمع وسيادته، وتعزيز سيادة القانون وتطبيقاته على جميع أفراد المجتمع دون استثناء وتعزيز الانتماء الوطني والقومي لأن المواطنة الحقيقية هي انتماء الى الأرض والتاريخ المشترك والآمال الواحدة والبحث عن عوامل القوة والوحدة بين أبناء المجتمع الواحد واستنفار روح الانتماء والهوية واستحضار المحفز من التاريخ وصولاً الى الارتقاء بمفهوم الوحدة الوطنية الى مستوى الانصهار والتوحد، لأن ترسيخ الوحدة الوطنية من أبناء المجتمع الواحد يتطلب التسليم بمفهوم المواطنة والعمل على ما يشعر المواطنين بما هو مشترك في تقاليدهم وصولاً الى قيام دولة القانون القوية وهذا يتطلب عصرنة لمداراة شؤون الناس تحت مظلة ديمقراطية وبناء تنمية وطنية تساهم في ثني عنان البطالة وتخفيف العبء عن كاهل الفقراء واستغلال ثروات الوطن بالشكل الأمثل وصولاً الى بناء المجتمع المتحدث مجتمع الأمم المتمدنة، وليس الأمم المتخلفة التي يراد الان أن تسود من خلال ديمقراطية امبراطورية الظلام الامبريالية التلمودية المتوحشة التي نراها ظاهرة للعيان في فلسطين المحتلة وفي العراق وأفغانستان وسورية وليبيا وغير ذلك على أيدي الغزاة والذي هو وصف للمجتمع المتحضر والمواكب للتقدم العصري على الأصعدة الفكرية والعلمية والسياسية والتنموية كافة وهو ضرورة مكملة للديمقراطية متناغمة معها يمارس نشاطه وحريته في التعبير وحقه في النقد والاعراب عن وجهة نظره المختلفة، منضبطاً بقوانين الدولة ودستورها ويسود فيه احترام انسانية الانسان ويتسم بالعقلانية و فيه التعددية السياسية، ويمكن القول: إنه الاطار الذي تنتظم فيه علاقات الأفراد والجماعات على أسس ديمقراطية متطورة أي ذلك المجتمع الذي تحترم فيه حقوق المواطن، وهو الذي يمتلك الوطن فيه سيادته، والسيادة أن تتمكن الحكومة من تحقيق الأمن والعدالة والحفاظ على تراب الوطن، وتوفير الظروف المؤاتية للتنمية المعقولة في البنى التحتية للبلاد وايجاد اطار كفيل لأبناء الشعب أن يعيشوا أحرار في وطنهم ويمكننا ايجاز صفات المجتمع المتمدن بالآتي: أن يكون حراً يقود نفسه بنفسه، يستثمر مصادره الطبيعية بقرار منه، يتابع مسيرة التنمية الحضارية التي نشأ عليها ويطورها يقيم البنى العلمية الحية لبناء الأجيال الشابة كي تصنع المواطنة الحقيقية يلغي كل ما قيده به المستعمرون بشتى الأشكال من تفرقة وتجزئة وصراعات مذهبية وطائفية وعرقية ومن يحافط على وحدته الوطنية ويفتح الافاق امام التفاعل الانساني الحضاري بين الناس وأن يرسي الأصول الحقيقية الواقعية لتحريك مركب التنمية الوطنية نحو إلغاء الفقر والتخلف والمرض والبؤس السياسي بشتى اشكاله. وأن تحقيق ذلك يتطلب مسؤوليات جمة تقع على الشباب العربي وعلى المجتمع ومؤسساته لكي نستطيع الوصول الى مجتمع المواطنة الذي هو قوة ومنعة للوطن ومستقبل أجياله. |
|