تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الثابت والمتحوّل بعد 44 عاماً على النكسة

شؤون سياسية
الأثنين 6-6-2011م
بقلم: نواف أبو الهيجاء

يحل الخامس من حزيران لعام 2011 بعد أربعة وأربعين عاماً، وهو في ثبات الاحتلال والفجيعة والنتيجة التي آل إليها العدوان-خلال الأيام الستة-قد تحولت الى انسحاب (بشروط) من سيناء بموجب اتفاقية كامب ديفيد لعام 1979، وانسحاب المهزوم المرغم من قبل المحتلين عن قطاع غزة بعد أن واجه الغزاة مقاومة مستمرة دامت نحو أربعين عاماً.

واليوم: حزيران يأتي وثمة المتحول والثابت. فلأن تحول النضال الفلسطيني- بعد اتفاقية اوسلو- لعام 1994 الى سعي لاستعادة المحتل من الأراضي الفلسطينية في حزيران 67 سلما وبالتفاوض فإن المتغير الصهيوني كان نحو المزيد من التمسك بشروط وايديولوجية الاحتلال الصهيوني. لعلنا نذكر لاءات الخرطوم في العام 1967 وهي (لا صلح- لا تفاوض- لا استسلام)-وهي قد جاءت بعد النكسة- الهزيمة فإن العقود الماضية، على ما شهدت من تحول عربي في إثبات القدرة على القتال والنصر (حرب اكتوبر 1973، وإرغام الصهاينة على الهرب من جنوب لبنان عام 2000، وهزيمة الجيش الذي لا يقهر في العام 2006 على يد المقاومة اللبنانية)-الا أن الواقع الرسمي العربي نأى عن اختيار طريق غير (المفاوضات) وسعى مع الواقع العربي ذاك بعضنا الفلسطيني الى(المفاوضات والمفاوضات والمفاوضات) لتثبت الأيام والسنوات-العشرون تقريباً- ان خيار (المفاوضات) عبث وتفريط بالحقوق وإهدار للزمن وتفتيت وإضعاف للموقفين العربي والفلسطيني في وقت واحد.‏

انتهج نهج أوسلو الانقسام الفلسطيني والضعف العربي. وانتج ثابتا صهيونيا لم تغيره حتى هزائم الاحتلال المتكررة في السنوات الأخيرة وعزلته العالمية. إن الاحتلال يشترط الاعتراف الفلسطيني والعربي بيهودية(اسرائيل) ويرفض حق العودة، والقدس لأن الاحتلال يعتبرها (العاصمة الموحدة) لكيانه العنصري. ويرفض ان يذهب العرب والفلسطينيون الى الأمم المتحدة للحصول على استحقاق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين (ضمن حدود الرابع من حزيران 67) . كما أن هذا الكيان يرفض تفكيك المستوطنات المقامة في الضفة وهي تضم نحو نصف مليون مستوطن- ويرفض العودة الى خطوط حزيران كونها- كما يقول(حدودا لا يمكن الدفاع عنها).‏

ورغم ذلك كان المتحول العربي في تونس كما في مصر قد عزز نهج المقاومة ورفض الاستسلام للعدو. لكن التحول العربي لم يصل بعد الى حد التخلي عن (المبادرة العربية للسلام) مع انها ظلت مركونة ومرفوضة من قبل الطرفين الحليفين الولايات المتحدة والكيان الاحتلالي العنصري. ورغم ذلك فان الواقع الجديد العربي والفلسطيني يتبلور لمصلحة الحقيقة التي تعود بنا الى اصل القضية- كونها عربية مركزية و(قضية وطن وحق في الوطن) كما أثبت الجيل الفلسطيني الثالث انه يحتضن حقه ويتمسك به مهما مر الزمن. وما حدث في 15 ايار الماضي في الجولان وجنوب لبنان أعاد القضية الى اصلها الجوهري: حق العودة والتحرير. وهذه الحقيقة تلقفها فوراً نتنياهو حين قال: إن أحداث 15 أيار أثبتت ان الصراع هو صراع وجود وليس خلال حدود.‏

يأتي حزيران هذا العام والعرب اكثر اقتراباً- من جديد- من لاءات الخرطوم- بعد ان ظلت في الضمير الجمعي العربي والفلسطيني وبعد سقوط الرهان الصهيوني على عاملي الزمان والمكان. لقد راهن المحتلون ان الزمن سيجيء بجيل فلسطيني في الشتات هو بعيد عن فلسطين زمانيا ومكانيا. لقد أسقط جيلنا الفلسطيني الشاب هذه المقولة ووضع الحقيقة المرعبة أمام الغزاة ومن يسندهم على طول الخط.‏

الثابت الآخر في الواقع الموضوعي هو موقف الإدارات الأميركية المتعاقبة التي ظلت تدعم الكيان الصهيوني وتحميه من العقاب ومن المساءلة. وهذا الثابت لن يتحول مادام ثمة في الأجواء العربية والفلسطينية من يراهن-حتى اليوم- على مواقف الإدارة الأميركية.‏

شعبنا كله يؤمن بالطريق السليم للعودة والتحرير: الكفاح المسلح والمقاومة التي هي حق مشروع لكل الشعوب حين يخضعها المعتدون للاحتلال. والى ان ينتقل هذا الايمان الى اصحاب القرار العرب فالدم الفلسطيني سيكون الثمن .. وشعبنا على استعداد لدفع الثمن فالنصر والعودة لا يأتيان من دون تضحيات ودماء.‏

nawafabulhaija@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية