تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إسرائيل أمام الحسم  !!

هآرتس
ترجمة
الأثنين 6-6-2011م
 ترجمة : ريما الرفاعي

 بعد تبادل الرسائل السلبية المتبادلة بين الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في واشنطن، حانت مرحلة التهدئة. رئيس الوزراء أنصت الى خطاب الرئيس الاميركي  في مؤتمر «ايباك» وأثنى على مواقفه وعلى جهوده من اجل السلام.

الرئيس الاميركي لم يغير مواقفه الأساسية في خطابه الاخير عن الشرق الاوسط ، والذي أثار غضب وقلق نتنياهو بسبب مطالبته صراحة باعتبار خطوط 1967 هي حدود الدولة الفلسطينية المقبلة، مع تبادل للاراضي متفق عليه. وقد رد نتنياهو على الخطاب بالطلب من اوباما تجديد وعود سلفه جورج بوش، بألا تعود الحدود الى خطوط 1967، محذرا من «السلام الذي يقوم على الأوهام» والذي يؤدي الى خراب اسرائيل.‏

 وعندما حضر اوباما الى مؤتمر «ايباك» انما اراد أن ينظر اليه باعتباره لا يخشى ان يقول موقفه الحقيقي في عقر دار اللوبي الذي يعمل من اجل اسرائيل. وعندما صعد الى المنصة استقبله صفير من الاستهزاء والتحقير، لكنه لم يتأثر. وقد بدا الرئيس مرتاحا أمام جمهور حي أكثر من كلمة مكبلة يلقيها في وزارة الخارجية أمام موظفين ودبلوماسيين.‏

جاء اوباما الى اجتماع انتخابي، وبدلا من ان يتزلف للجمهور بالمزاح، عرض الامر مقلوبا: أنا لا أخاف من خلافات الرأي مع نتنياهو حتى وأنا استعد للتنافس على اعادة انتخابي.  ‏

 لكن في المقابل، حرص اوباما على التشدد عند حديثه عن ايران وحماس وحزب الله، ووعد بتعزيز أمن اسرائيل وعدم السماح بنزع الشرعية عنها. وفي «ايباك» يحبون سماع مثل هذه الرسائل وكانت الهتافات متناسبة مع ذلك. ولكن عندما وصل الى الموضوع الفلسطيني، أصر اوباما على موقفه: الجمود يضر باسرائيل، التي ستجد صعوبة خلال المرحلة المقبلة في مواجهة التحديات المختلفة دون اتفاق سلام خصوصا مع النمو السكاني الفلسطيني من الداخل ومع غضب الجماهير العربية في الخارج.‏

 وقد حرص اوباما على تلطيف خطابه السابق وتحدث هذه المرة عن اتفاق يؤدي الى نهاية النزاع ونهاية المطالب، كما يطلب نتنياهو، وأكد ان الحل الذي يقصده يعني تبادلا  للاراضي وفق ما يتم الاتفاق عليه، أي بما يأخذ في الاعتبار التغييرات التي جرت على أرض الواقع خلال  الـ 44 سنة الاخيرة. لم يذكر كلمة «احتلال» التي كرهها هذا الجمهور، ولا المستوطنات ايضا.‏

 ومن استمع الى خطاب اوباما يفهم  أنه لا يتوقع حقا استئناف المفاوضات. فلا ثقة له بنتنياهو ولا بمحمود عباس، وحماس التي ترفض الاعتراف باسرائيل ليست شريكا في نظره. ولكن ما يشغله هو الموقف الدولي الذي يميل الى دعم الاعلان عن الدولة الفلسطينية في الامم المتحدة في ايلول المقبل. فهذا الاعلان سيظهر الولايات المتحدة كقوة عظمى (على الورق) لم تفِ بوعدها أن تمنح الاستقلال للفلسطينيين. وعليه، فان اوباما يريد ان تعطيه اسرائيل شيئا ما للعمل عليه أمام زعماء اوروبا، الذين سيزورهم هذا الاسبوع كي يوقف انجرافهم نحو تأييد الموقف الفلسطيني في ايلول.‏

ونتنياهو يبدو انه يفهم هذا ويدرك أن هناك حدودا لتحدي أي زعيم اسرائيلي أمام رئيس أميركي. وهو يعرف أن الجمهور في الداخل ايضا، الذي يحسب ألف حساب لتأييد اميركا، يخشى من مواجهتها. ولهذا فقد عقب نتنياهو بالايجاب على خطاب اوباما الثاني، بل وأشار فيه الى نقاط هامة، رغم ان معظمها ظهرت ايضا في الخطاب السابق.‏

 وجاء خطاب رئيس الوزراء، أمام «ايباك» ومن ثم في الكونغرس ليدفعا الى مواجهة متدحرجة مع الولايات المتحدة تدفع بنتنياهو نحو جذوره في اليمين المتطرف، لكن لم يغلق معهما امكانية   التفاهم مع اوباما، مما يبقيه  في الوسط ، لكنه مكان لا يوفر لاسرائيل مخرجا من العزلة السياسية المثقلة التي تعيشها اليوم، والتي من المرجح ان تزداد تعمقا خلال الشهور المقبلة.‏

   السؤال المطروح اليوم على نتنياهو والذي يطرحه عليه كل رؤساء الولايات المتحدة منذ حرب عام 67: أي نوع من اسرائيل تريدون؟ إسرائيل التي تستطيع العيش في وئام مع جيرانها، مع ما يتطلب ذلك من تنازلات قاسية، ام تلك التي ستمضي حقبة جديدة في المواجهات التي تشير التغييرات في المنطقة انها ربما تأخذ منحى جديداً مع النهضة الشعبية التي تجتاح المنطقة، ما يعني ان القرار بشأن علاقات إسرائيل مع جيرانها قد لا يكون بالضرورة كما كان عليه الحال خلال عقود، مع حكام تربطهم علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، وربما مع إسرائيل نفسها .‏

 بقلم : الوف بن‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية