|
معاً على الطريق سيعيد تشكيل الحياة السياسية في سورية , لأنني أجزم أن القيادة السورية (وهذه تحليلات وليست معلومات بطبيعة الحال) لم تكن لتطلق قدر بخار دون صمامات أمان في شارع يغلي جزء منه تحت تأثير المد الأصولي. وصمام الأمان -كما أراه- إطار حزبي سياسي , أي سلمي, مقونن يحترم دستور البلاد ويكون مسؤولاً أمام السلطات القضائية والتنفيذية عن شارع يتطرف أحياناً في شكل التعبير عن مطالبه, لكن هذه الأحايين ذات تأثيرات مديدة . هل يجب علينا كقوى علمانية وفي مقدمتنا البعثيون الخشية من أن يتحول التيار السري إلى تيار جارف بفعل العلنية والرسمية. قبل أيام زارني صديق استذكر بحنين أيام النضال الحزبي والفاعلية الاجتماعية, فحدثني قائلاً: إنه كان يستطيع مع اثنين من رفاقه البعثيين أن يستحوذوا على جمهور المدرسة بمناظراتهم الفكرية مع ممثلي وأقطاب التعبيرات السياسية الأخرى الحاضرة في الشارع السوري , لكن ومع إلغاء النشاط الحزبي في أوساط الطلاب , تحولت مهمتهم من دعاة يمتلكون قوة الحجة ويحصدون عائد الإقناع إلى مراقبين يتابعون عن كثب , إنما بسرية , التزام القوى الأخرى بمضمون القرار , وبذلك جفف غياب الحوار العلني منابع الاجتهاد , وبدأت ساحات الفعل والحيوية تنكمش إلى زوايا استرخاء وتكيات كسولة , فما كان منه شخصياً إلا أن اعتزل العمل الحزبي وتفرغ لدراسته , وقد افتقد الشعور بفاعليته وبضرورة حضوره ومساهماته . الحوار, المنافسة, العلنية... مفردات, أو بالأحرى مفاهيم, تحفز الطاقات , وتشذب الطروحات , وتقصي المتنفعين والمترهلين, أما على الضفة الأخرى فتقدم السرية أرضاً خصبة للطفيليات والتطرف الذي يقصي العقل ويستجدي الغريزة. |
|