|
ثقافة فوق ذرى الجولان وبطاحه وممراته.. أنه ليس فقط الدم المقدس يبذله شبابنا لجولاننا وإن تأخر بنا الزمن عن ذلك.. بل هو الدم المقدس يعلن دون مواربة: نحن الشهداء.. الشهادة يجب أن لاتكون اعتبار تقدير أو باب مماحكة وتسويات، إنه الدم المعطى للوطن وأرضه.. ولعل الشهادة مراتب.. فإن كان ذلك صحيحاً، لقد عرف الجولان أمس الشهداء من أعلى المراتب.. في الزمن الصعب.. وحيث الدوي والصرير.. والصراخ الأحمق يكاد يزيف كل شيء.. القضية والاحتلال والعدوان والأرض.. الخ.. هكذا ومن خلف المشهد الأسود المظلم الذي يحيط بالقضية، برق دمهم مرة ثانية لينير ظلمات مازالت تدافع عن نفسها مغطاة بالزيف رداء لجرائم ترتكب بلا حدود، كي نفقد القدرة على التمييز، بين ثائر يحمل هم قومه ويصرخ نريد الحرية، وبين مدافع الناتو، وأنوف الغرب وأعوانه تندس في حياتنا، مهددة بسحب فتات موائدها عنا.. عن حياتنا وأبنائنا وأطفالنا.. ترى متى سيحاكم أولئك الذين جعلونا نقتات بهذا الفتات أو.. بالأحرى، نحلم به.. الشهداء كتبوا رسالة، ورغم بريق دمهم النقي.. يكاد يضيع بين الألوان.. ويكاد نداؤهم للوطن يضيع في صراخ المنظرين الشارحين الكاذبين الباحثين عن أفلام الإثارة غير مبالين.. إنها سورية تلك التي تشرّحون جسدها الحي وتعرضونه على المنابر،مستجدين تصفيقا يأتيكم من اتجاهات لا يجهل أحدكم ماذا يعني تصفيقها. لكن الرسالة أعظم من أن تطوى.. بل هي تعيد طرح ماظنوه طوي.. فترتعب قواعد اللعبة.. هل سمعتم في الغرب أحداً يحتج على شهداء الجولان اليوم وبالأمس..؟! لماذا..؟! أليسوا شباباً يبحثون عن الحرية على أرضهم المحتلة..؟! ألا يستحقون نظرة عابرة.. كلمة.. ؟! مقالاً في جريدة وأنتم بلدان الحرية والإعلام المفتوح ؟! أما من شيء لهؤلاء الذين قضوا..؟! لا يشفع لنا ذلك كله.. لو كان لنا نحن العرب القوة، لما تقاووا علينا.. لو كنا بنينا أسوار بلادنا عالية بالحق والعدل والحرية لما خرقتها خفافيش الظلام.. لو أوجدنا صوتنا الصادق الشفاف عبر قنوات الاتصال فكان إعلامنا الفعال لما سيطر علينا إعلامهم.. وهو يسيطر.. يسيطر.. يسيطر ويفضح انطلاقة إعلامية ظنناها لبعض الوقت «عربية».. كنا نخادع أنفسنا.. من أين للأقزام أن يحدثوا أمواجاً فاعلة.. من أين للمتخلفين أن ينتجوا فناً وعلماً متقدمين.. لم يطل الزمن حتى اكتشفنا أن هذه المواقع الإعلامية الناطقة بالعربية التي أبهرتنا.. لم تكن إلا «إذاعة الشرق الأدنى» تكشف عن نفسها مرة أخرى.. إنها إذاعة الغرب.. تمثلت ببريطانيا أم بفرنسا وحتى بإسرائيل.. وكان زمن الفضيحة إبان العدوان الثلاثي على مصر.. اليوم أنه العدوان مرة أخرى.. عدوان يقع على حراك الضمير العربي.. الشباب العربي.. المواطن العربي.. من أجل الحياة السياسية الحرة المعاصرة.. هاهم يحاصرونه.. بالإعلام.. بمدافع الناتو.. بإثارة كل بواعث الاقتتال الداخلي.. بالتهديد.. بالتقسيم.. وبقروض صندوق النقد الدولي والدول الغنية.. إنه الحصار.. والهدف هذا الحراك الذي أخافهم.. وازدادوا خوفاً إلى درجة الرعب يوم جاءهم شباب هذه الأمة من صرخ في وجوههم حتى الدم.. هذه فلسطيننا وهذا جولاننا.. وهنا سنستشهد.. يا للخيبة..؟! إذن لم تعمم إسرائيل.. وضاعت جهود أبناء الكونغرس وقوفاً قعوداً احتراماً لفريد عصره في العنصرية والعدوانية «نتنياهو».. أما الخيبة الكبرى التي تنتظرهم.. فستكون بمنتهى الجدية يوم يكتمل بناء الدولة العربية المعاصرة.. أليس دليل المعاصرة، صدق تمثيل الدولة لشعبها..؟! يوم تتمثل رؤى أبناء الشعب العربي.. في دولة أو دول.. يومها سيعرفون أي خيبة كانت تنتظرهم.. لا.. ليست مدافع الناتو هي التي ستزهر في دنيا العرب.. ولاقروض الصندوق الدولي هي التي ستثمر نتاجاً طيباً للثورة العربية.. ولا دس الدسائس وإثارة النزاعات والمؤامرات المستمرة لتقسيم الوطن.. وأنبهكم أن تقرؤوا ما يجري في السودان وفي ليبيا.. وفي اليمن.. وفي.. وفي.. كل ذلك بذار فاسد لن ينبت أو يزهر أو ينمو في الأرض التي يحميها ضمير عربي.. بل هي دماء الشهداء في كل مكان.. وأنبلها وأقدسها وأنقاها تلك التي هطلت أمس فوق أرض الجولان.. أنهي صلاتي وسلامي لأعود إلى ما وددت الإشارة إليه إجابة على أسئلة أو تساؤلات قيلت لي مباشرة أو نقلت.. حول ما اختتمت به زاويتي الماضية.. وكانت الغاية واضحة تقول: قم بعملك ولا تطلب النصح إلا من قادة العمل ولن يتدخل بك أحد.. |
|