تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


شــاعرة الأرض المقدسـة تنطق:ســــــــأعــــود

ثقافة
الثلاثاء 7-6-2011
هفاف ميهوب

تمردت على تقاليد مجتمعها بشعرها الرومانسي والحر، وإلى أن أصبحت الفلسطينية الأولى التي جسدت العواطف في قصائد أسست لحرية الأنثى في الحب والحياة لتتحول فجأة إلى شاعرة ثائرة، قصيدتها صرخة وطن ومفرداتها صدىً لآلامه..

إنها الآلام التي داهمته فمزقت روحها بمأساة هي نكبة 1948 التي اعتبرتها أكبر كارثة تدنس بأقدام اليهود أرضها... أرض فلسطين التي طرد أهلها فتشردوا وتحولوا إلى لاجئين لتتحول أرضهم إلى مكان لكل معتدٍ دخل إليها فعاث خراباً وقتلاً وانتهاكاً واحتلالاً..‏

أمام كل هذا كان لا بد للشاعرة(فدوى طوقان) من أن تصرخ متسائلة عن سبب هذه الفجيعة لتكون صرختها هي (نداء الأرض) أرضها التي ابتليت باحتلالٍ أحالها إلى محطات عبور وسفر وإلى فصول مجدبة العطاء بلا ثمر:‏

لماذا؟‏

وطني أصبح محطة سفر‏

ولماذا؟ شجر التفاح صار اليوم زقوماً...لماذا؟‏

نعم، هو نداؤها، نداء الأنثى الشاعرة التي أدركت بإحساسها ومعاناتها أن الأرض والأنثى وجهان لوطنٍ واحد وأن عليها أن تؤكد ذلك بقصيدة عمدتها(بأرض الوطن) حيث الأرض هي رحم امرأة تلد الشعب المقاتل:‏

هذي الأرض امرأة‏

في الأخاديد وفي الأرحام‏

سر الخصب واحد‏

سر الأرض التي تبنت نخلاً وسنابل‏

تنبت الشعب المقاتل‏

لاتتوقف (طوقان) عن إلحاحها بالتساؤل:إلى متى؟ وبضمير أحالها إلى قصيدة ثائرة وناطقة بحقوق كل أفراد شعبها المشردين، ممن أطلقوا معها صرخات غضبهم ونقمتهم ووعيدهم بأن:‏

أتغصب أرضي‏

أيسلب حقي وأبقى أنا حليف التشرد‏

أأبقى هنا لأموت غريباً بأرضٍ غريبة‏

أأبقى؟ ومن قالها؟‏

سأعود حتماً لأرضي الحبيبة‏

أيضاً، ولأن طوقان أدركت أن لا شيء يعيد الحقوق إلى أصحابها والكرامة إلى أرضها إلا النضال والمقاومة، فقد توجهت وكسواها من شعراء أرضها المحتلة إلى تدوين ما اعتبر رد فعل على واقع سياسي، اجتماعي، ثقافي، منتهك مثلما على تبيان حقوق شعب عليه التسلح بالمقاومة، لتتسلح أيضاً بها وبقصائد كانت أمينة في جعلها الناطق النبيل بما أرادته رخيصاً أمام وداع (الأم والفدائي) الوداع الذي تبذل الروح فيه كرمى استقلال وحرية الوطن:‏

ياولدي... ياكبدي‏

من أجل هذا اليوم.. من أجله ولدتك‏

من أجله أرضعتك.. دمي وكل النبض‏

يا ولدي يا غرسة كريمة‏

اذهب... فما أعز منك إلا الأرض‏

ولدت(فدوى طوقان) عام 1917 في نابلس المدينة التي تلقت تعليمها فيها لتثقف بعدها نفسها ولتغرف من فضاء الشعراء اعتماداً على شقيقها الشاعر (ابراهيم طوقان) وإلى أن أصبحت شاعرة اكتشاف الذات وحريتها ومن ثم شاعرة المقاومة والأرض المقدسة... الأرض التي كان حلمها أن تموت فيها، ليكون لها ذلك وفي الثاني عشر من كانون أول عام 2003 وعن عمر يناهز السادسة والثمانين وليكتب على قبرها قصيدتها المشهورة التي خلدتها شاعرة ومناضلة ومقاومة في سبيل حرية فلسطين:‏

كفاني أموت عليها وأدفن فيها‏

وتحت ثراها أذوب وأفنى‏

وأبعث عشباً على أرضها‏

وأبعث زهرة إليها‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية