|
معا على الطريق شكرا لكم طلاب الإصلاح والحداثة , فما سبقكم أحد إلى العصر والحضارة سوى الجثث التي خلفتموها خلفكم بعد أن مثلتم بها ! قد عبرتم وأوجزتم التعبير عما تعرفونه وتطلبونه من الحرية والديمقراطية , بالقتل والحرق والتخريب والتمثيل , فلم تتركوا عتبا يلاحقكم , ولا لوما يقض مضجعكم , ولا أثرا إلا ويدلل عليكم .. وعلى أنكم مررتم من هنا يوما , فيا حظ سورية والسوريين بكم , ويا حظ من عرفكم فعرف الجاهلية .. بل الهمجية وارتداد الإنسان إلى زمن الغرائز وأكلة لحوم البشر . قد عبرتم وأوجزتم التعبير عن كل نظريات الردة السياسية , وعن كل نظريات القطيع البشري دون الأنسنة أو التحضر , وعن كل نظريات الانقلاب الجيني وهندسة الوراثة حين الخطأ الصغير يجعل من الجمل جرذا ومن الجرذ فيل , وحين الفاصل بين الإنسان والحيوان مجرد نواة مجهرية شطرتموها بسيوف الردة في أيديكم فانفجرت في وجوهنا . أمس , رأيناكم على أرضنا وحوشا ضارية لا تعرف من الحرية سوى التهام اللحم البشري النيء والدماء تسيل من أطراف أفواهكم , ولا تعرف من السلمية سوى هدأة الدم المسفوح بنصالكم الصدئة , ولا من الإصلاح سوى التدمير وقلب اتجاهات الحياة على أعقابها . رأيناكم من خارج أرضنا جحورا تعج بالحيات والثعابين في قيظ حزيران , تختزن السم الزعاف مع كل تقرير يعاد مرة على مرة , ومع كل شاهد عيان يرى «الجزيرة» ولا يبصر المحيط , ومع كل خنجر من حروف وكلمات ينغرس في خاصرتنا صباح مساء . عرفناكم .. وجوها وأقنعة ؟ |
|