تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


البيع بالتقسيط .. ليس بديلاً عن الخدمات المصرفية..

دمشق
الثورة
اسواق
الثلاثاء 7-6-2011
سجل البيع بالتقسيط تراجعا ملحوظا نتيجة ركود الأسواق لاسيما للسلع الكهربائية ولالكترونية حيث بات الباعة يفضلون البيع النقدي بربح أقل على البيع بالتقسيط وبربح أكثر وهذا ينطبق بشكل ملحوظ على باعة الكمبيوترات الشخصية

والأجهزة المعمرة كالتلفزيونات والبرادات بينما استمر بيع السيارات والشقق بالتقسيط المعتاد ضمن شروط وعقود مشددة لكفالة التسديد أو الاسترجاع عند عدم الوفاء بالمبلغ المطلوب .‏

أما ظاهرة البيع بالتقسيط للموظفين لاسيما من شركات ومؤسسات القطاع العام ضمن سقف يصل إلى 150 ألف ليرة فقد ازدادت بشكل لافت وزاد معها الشراء للسلع المعمرة ليس بهدف اقتنائها والانتفاع بها، وإنما لإعادة بيعها مرة أخرى بسعر أقل لكن بشكل فوري ونقدي لتوفير السيولة.‏

سلبيات وإيجابيات أيضا‏

و ظاهرة شراء سلعة بالتقسيط وإعادة بيعها نقدي أصبحت منتشرة بشكل كبير و قد يكون لها أثر إيجابي إذا تم استغلال الثمن الفوري لبيع السلعة في استثمار يحقق عائداً يفوق مقدار الخسارة الناجمة عن الفرق بين السعر بالتقسيط والسعر الفوري، في حين قد يكون لها تأثير سلبي إذا قام الفرد باستغلال الثمن الفوري للسلعة في تلبية متطلبات استهلاكية أو لتغطية العجز في السيولة وسداد دين دونما التوجه لاستثمار هذه القيمة بما يحقق عائداً.‏

ويقول صاحب محل بيع اجهزة كهربائية مستعملة: ظاهرة البيع بالخسارة ظاهرة قديمة درج عليها العديد من الموظفين وهي مفيدة للبائع والمشتري لأن السلعة تباع بسعر أقل وهي جديدة وغير مستعملة ونسمّيها البيع ( بالكسر ) أي كسر السعر بإنزاله إلى مستوى دون سعره الحقيقي وذلك للحاجة الماسة للسيولة , ما أدى لخلق سوق مواز لسعر البيع الحقيقي وله زبائنه من مشترين وبائعين الذين يعرفون ايجابياته.. ولكن الحذر من البضائع المغشوشة أو المسروقة والعيوب الخفية والدخول في دوامة الشراء بما يفوق قدرات الدفع ومحاكاة الآخرين بشراء السلع الكمالية لاسيما شاشات تلفزيون المسطحة .‏

النزعة الاستهلاكية‏

ومن جانب آخر حذرت دراسة علمية من النتائج السلبية لظاهرة البيع بالتقسيط ، موضحة أنها تؤدي إلى انتشار النزعة الاستهلاكية وأن 30% من المشترين بالتقسيط يلجؤون إليه لشراء سلع كمالية وترفيهية,الأمر الذي قد يكون له تأثير سلبي على رصيد الادخار المحلي في الاقتصاد الوطني .‏

لكن الدراسة ذكرت إيجابيات هذا النشاط والمتمثلة في تمكين العديد من التجار والموزعين من زيادة وتنشيط مبيعاتهم والتغلب على مشكلة تراكم المخزون السلعي، حيث يعتبر البيع بالتقسيط وسيلة مفيدة لتحفيز الطلب، وخاصة في الفترات التي يزداد فيها الكساد.‏

وحذرت الدراسة من الإعلانات المضللة تحت شعار البيع بالتقسيط حيث يتم خداع المستهلك في الشروط المعلنة والمتفق عليها، خاصة فيما يرتبط بقيمة العمولة, وأنه يمكن أن يؤدي التقسيط إلى تعميق النزعة الاستهلاكية لدى الأفراد، إذ قال 17% من عينة الدراسة إنهم يشترون بالتقسيط اعتمادا على التسهيلات المريحة المقدمة من جهات التقسيط دون وجود حاجة ماسة لهذه السلع, لكنه في الوقت نفسه يمكن نسبة هامة المستهلكين تقدر بنحو 40% من مواجهة الزيادة في مستويات الأسعار، حيث أنهم يتجهون إليه للحصول على كثير من متطلباتهم الاستهلاكية والمعيشية.‏

فوائد مرهقة وسلع كمالية‏

وإذا كان البيع بالتقسيط يزداد بشكل ملحوظ ليشمل مختلف السلع الاستهلاكية و هي طريقة شائعة و متبعة بأساليب متعددة في مختلف الدول المتقدمة، نظرا لقلة الضرائب و رسوم الشراء على المنتجات المباعة بالتقسيط في تلك الدول .‏

فإننا نجد أن المشكلة في سورية مركبة إذ إن هذه الظاهرة الحضارية لتسهيل حياة الناس بتلبية جميع حاجاتهم من سلع وخدمات قد خرجت عن إطارها في كثير من الحالات إذ إنها شملت سلعا غير ضرورية ترهق الأسرة ولا تفيدها‏

والجانب الآخر هو المبالغة بالأرباح التي تصل في اغلب الأحيان إلى مابين 20-30% من السعر الحقيقي للسلعة وهو أمر يستحق البحث فيه وضرورة وجود ضوابط بعيدا عن استغلال حاجة المستهلك الذي قد يتناسى ارتفاع سعر الفائدة مقابل قلة الدفعات المطلوبة أسبوعيا أو شهريا .‏

ويؤكد أحمد ملحم موظف أن المسألة تحتاج إلى وعي في نمط الاستهلاك وفي التعرف على شروط البيع والربح الحقيقي ويفضل الشراء عن طريق مجمعات حكومية أو تعاونية لأن ارباحها أقل ومعروفة بينما بعض المحال التي امتهنت البيع بالتقسيط تخدع الناس باعلاناتها والقول ادفع 500 ليرة شهريا لتحصل على براد أو مكيف وتطلب ضمانات قطع ذهب او شيكات بمبالغ كبيرة .‏

أما سمر عيسى معلمة فتقول : اشتريت معظم مستلزمات المنزل بالتقسيط وهو أمر ضروري ولولا التقسيط لما استطعت تلبية حاجات المنزل لكن ذلك دون ارهاق ميزانية الاسرة ولابد أن يكون ضمن سقف معقول .‏

وعن الفائدة المرتفعة تقول : الحل هو من خلال الجمعيات التي يتم بها تجميع مبلغ بالدور بين الأهل والأصدقاء وشراء السلعة نقدا أو بالحصول على قرض بفائدة مقبولة ولابد من دور للبنوك ايجابي لمنع استغلال الباعة لحاجات الناس للتقسيط .‏

الدور المنتظر للبنوك‏

ويقول الباحث الاقتصادي سمير سعيفان: البيع بالتقسيط يجب ألا يكون بديلا عن الخدمات المصرفية.بل انه عادة ما يتم عن طريق المصارف في البلدان المتقدمة إذ تتفق إحدى الشركات التجارية مع أحد المصارف على برنامج بيع بالتقسيط و يقوم المصرف بدفع القيمة للشركة عن ذمة المشتري و يقسط المبلغ عليه ويتولى التحصيل و بالتالي تحفز عمل المصارف ، فضلا على أن دخول المصارف على خط خدمات التقسيط يفترض أن تهبط الفوائد إلى مستويات أدنى ضمن شروط الإقراض المصرفي قصير الأجل وبالتالي يحدد مستوى الفائدة بمستوى فائدة الإيداع مضافا إليه تكاليف إدارة المصرف بما فيها من مخاطر و زيادة نقطتي معدل الأرباح.‏

أخيرا ..نقول اذا كان المطلوب وضع ضوابط للتقسيط ومنع الاعلانات المضللة والأرباح الفاحشة ، فإن البنوك الخاصة والعامة مدعوة لأن تأخذ دورها أكثر بحيث لايقتصر عملها على السيارات والعقارات بل أيضا عشرات السلع الاستهلاكية كالأدوات الكهربائية المنزلية والمفروشات وغيرها مما يحتاجه المستهلك في ظل تزايد الطلب على كل الخدمات الاساسية والترفيهية أيضا كالقيام برحلات والاشتراك باندية رياضية وغيرها خصوصا ونحن مقبلون على فصل الصيف وموسم السياحة وقدوم المغتربين .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية