|
ملحق ثقافي أولاً:الحوار بوصفه السبيل المؤدي إلى التفاهم. ثانياً: ثقافة التسامح بوصفها تجاوزاً للإدانة المضادة. ثالثاً: المبادىء التي تتضمن فيها حقيقة الحوار والتسامح. أولاً: الحوار بوصفه السبيل المؤدي إلى التفاهم يتمثل الحوار، الذي يتحقق بين الإنسان ونفسه أولاً،
وبينه وبين الاخر أياً كان هذا الآخر على مستوى الاعتراف والقبول به وفهم موقفه الفكري أو المبدئي ثانياً، في ضرورة تأسيس بنية عقلية منفتحة، مكّونة وواعية تصلح لإجراء تفاهم معمق بين الناس يهدف إلى تأسيس قاعدة يتوطّد عليها صرح مجتمع إنساني تتكامل أبعاده ،مستوياته المتنوعة في نطاق الحكمة، والتسامح، والتحمل، والسلام، والطمأنينة والازدهار، ويتجاوز الأطر المحدودة، والمناهج أحادية البعد التي أشرطت العقل، والنفس والروح، وحالت دون تطوير الوجود الإنساني والسمو به إلى مستوى مثالي أي كما يجب أن يكون، وأدت إلى عدم تحقيق المغزى الروحي الكامن في الوجود على مستوى الواقع الطبيعي، والإنساني والكوني، وإسقاط القيمة والمعنى المتأصلين في جوهر الحياة. في هذا المنظور، أسعى إلى تقريب وجهات النظر العديدة والمتنوعة في إطار التأليف الحواري الذي يبني على أساس عقل مستنير، ونفسي متوازن وروحي واع، وعلى معرفة الطريق المؤدي إلى التلاقي مع الآخر، والتفاهم معه على أساس الاعتراف بالتنوع المتأصل في جوهر المبادىء الإنسانية، والمبادىء الطبيعية والمبادىء الكونية التي أبدعها الوعي الكوني الماثل في الألوهة، وهدف إلى تحقيق تأليف بينها يشير إلى تكاملها وتآلفها في حقيقة سامية واحدة، والحق إن هذا التأليف واجب ملقى على عاتق الإنسان.. واجب يدعوه إلى توحيد نطاقات ومستويات المبادىء. المذكورة وفي الوقت الحاضر يسعى العلماء الحكماء إلى معرفة القانون الذي يشمل جميع القوانين والمبادىء. لما كان الحوار يتألف في تكامل المواقف الفكرية والنفسية والروحية التي تشير بدورها إلى تنوع المبادىء وتوافقها في انسجام يكمن في وحدة تأليفية نجد أصولها في عمق الوعي والحكمة والمحبة فإني أسعى جاهداً لتحقيق مايوجد على نحو حضور في عمق كياني على نحو كمون، لأعاين وأحيا هذه الوحدة الضمنية والجوهرية التي تجمع الإنسانية كلها في حقيقة واحدة متنوعة في ظاهرها وفي مستويات تعبيرها وصياغتها ومتكاملة في جوهر تمثلاتها. في هذا المنظور أستطيع أن أتمثل الحضارات والثقافات والأديان وتأليفها في تكامل توحيدي يبدع مني كائناً منسجماً في كياني ومتوازناً في صميمي ومتفهماً للتنوعات الحضارية والثقافية والروحية ومحبا للإنسانية جمعاء. في هذا المنظور أعلم أنني أمثل ثقافة عقلية ومعرفية وروحية شاملة ومتنوعة في ظاهرها ومتكاملة ومتألفة في جوهرها تحيا في داخلي وتمدني بقوة الحياة الواعية وتوازن الشخصية الحكيمة، وفي بصيرتي أحدس ماتشتمل عليه حديقة كياني من مفاهيم وقيم ومبادىء لاتتحقق في وحدة ولاتتكامل في انسجام مالم أكن قادراً على إبداع تأليف بينها يتناغم في نطاق تنوعات الروعة وبهاء اللقاء الذي ينطوي تحت كنف الحقيقة الواحدة المضيئة بألق المحبة والوعي. والحق إن العقل الذي يزدهي بجمال التنوع يتألق في غبطة النور وسمو الروح. في هذا المنظور أدرك أن المفهوم السامي والمغزى العميق يكمنان في الوجود الإنساني وحضوره في العالم الأرضي ويتجليان في المقولات الثلاث التالية: 1- يشير واقع الحضارات والثقافات والأديان إلى تنوع ظاهري وتكامل يتألق في حقيقة واحدة 2- يشير واقع وجودنا على مستوى كوكب الأرض إلى التنوع الظاهري والوحدة الباطنية والجوهرية. 3- يشير التنوع إلى الحكمة السامية التي تؤكد أنه قانون أو مبدأ إنساني واجتماعي واحد، وقانون أو مبدأ طبيعي واحد وقانون أو مبدأ كوني واحد. في سبيل تحقيق الحوار الواعي أحب أن أذكر بعض المبادىء التي تدعو إلى التفاهم الذي يؤدي إلى اللقاء ضمن نطاق الاعتراف والقبول الكاملين بالآخر: 1- المحبة التي تتجاوز مركزية الأنا تعتبر السبيل الأول والأهم لتحقيق الحوار والأسلوب الأفضل الذي يؤدي إلى التسامح العقلي الروحي الذي يشير بدوره إلى الإصغاء الكامل والهادىء والرصين الذي ينتهي بالفهم الكامل لما يعرضه الآخر ويقدمه في المحبة، أفهم مايقوله الآخر أو مايؤمن به أو مايفكر على نحو يجعلني ألتقي معه في أكثر من رأي أو مبدأ ضمن نطاق الوعي والحكمة. لذا كانت محبتي للآخر ومحبتي للحقيقة تمثلان الطريق الذي أسلكه باتجاه الوعي الكوني الماثل في الألوهة. هذا لأن الحياة الأبدية لاتفتح بابها إلا لمن كان محباً للآخر لسبب هو أن محبة الحقيقة المطلقة تتمثل في محبة الآخر وفي الخلاص من مركزية الأنا. 2- العقل المنفتح والقلب المنفتح اللذان يعتمدان الحوار الهادىء والوعي وغير المتحيز ويتجاوزان الانفعالات السلبية والاشراطات التي تقيد العقل المكون والمتحجر داخل قوقعة الأنا المغلقة وداخل القلب المغلق بنسيج الحب الانفعالي الملازم لعنصرية الأنا التجمعية المتصلبة. 3- العقل المكون الذي يعيد النظر في موروثات الماضي العمودية التي ترفض التطور الأفقي أو التعديل الدائم، ويتحرر بالوعي من القيود التي فرضتها التفاسير للحرفية والاجتهادات المتصلبة والراسخة في زمانها ومكانها، ويتجاوزها إلى عقلانية روحية أو مستنيرة تتأمل الرمز لتعاين أو تستغرق عمق باطن أو جوهر المعنى المضمون. 4- الاعتراف بأن جميع الحضارات والثقافات والأديان روافد تصب في نهر الإنسانية الواسع والمعيق الذي يعتبر كتاب الأبدية وسجل تاريخ الروح على الأرض. 5- الإرشاد الحكيم الذي يشير إلى عدم توطيد أسس القطب الواحد في نطاق معرفة الحقيقة المطلقة أو امتلاكها أو احتكارها وحرمان الآخر من هذه المعرفة. 6- السعي إلى تحقيق حوار يعتمد عقلانية روحية يتميز بها العرفانيون الذين ينتمون إلى جميع الفئات المستنيرة. 7- كما أن الناس يختلفون فيما بينهم بصدد القضايا الروحية كذلك يختلفون أيضاً بصدد القضايا الأخرى اقتصادية كانت أم اجتماعية أم سياسية أم فكرية الخ..فما من قضية إلا ويدور حولها الاختلاف دون أن يتحول إلى خلاف أو نزاع. والحق إن الاختلاف واقع طبيعي يعود، بأصله إلى وجود التنوع ولايحل إلا بالحوار. 8- يتركز اهتمام الحكماء على القضايا الإنسانية التي إذ تبلغ ذروة التفاهم بين الفئات المختلفة تصبح الغاية المثلى التي تريدها الحقيقة السامية المطلقة. وهكذا يتجنب الحكماء البحث في الوجود قبل الموت وبعدها لتبقى قضية تعود لنطاق الحقيقة السامية المطلقة. ثانياً- ثقافة التسامح بوصفها تجاوزاً للإدانة والإدانة المضادة دخلت إلى عمق كياني باحثاً عن حقيقة مبدئي وأصالة فكري. وجدت تنوعاً من وجهات النظر والمبادىء وحدست وجود وحدة إنسانية شاملة، أدركت أن عقلي تأليف لثقافات ومعارف عديدة ومتنوعة في ظاهرها ومتكاملة في مضمونها. وأدركت أنني أمثل ثقافة إنسانية متنوعة في ظاهرها ومتكاملة في جوهرها وتتألف في وسطها ثقافتي العربية الخاصة. علمت أن الثقافات والحضارات والأديان والقيم الروحية والمفاهيم الأخلاقية والمعرفية تكمن في داخلي على نحو متعاطف. وعلمت أن وجودي لايتميز بالقيمة والمعنى إن كان كياني يخلو من لقاء الثقافات والحضارات والمعارف والقيم الأخلاقية والروحية في تفاهم متسامح، وأن علومي ومعارفي ومبادئي لاتتشكل بمعزل عن هذا اللقاء المتسم بالتفاعل والحوار المتسامح والحافل بالموقف الفكري الإيجابي. أدركت أن التاريخ الإنساني الذي يتميز بثقافة التسامح يتمثل بنهر الإنسانية الذي يحمل عبر روافده ، تراث الحضارة الإنسانية حيث تلتقي الثقافات وتتجه إلى توطيد أساس مستقبل أكثر إنسانية وتتفاعل العقول على نحو إيجابي باتجاه الوعي والحرية والمعرفة وتتكامل في نطاق حقيقة إنسانية متسامحة تتألف بالفهم الحقيقي لمبدئي ومبدأ الآخر. بدأت وأنا ممتلىء في داخلي ومستغرق في تأمل عقلي مستنير وواع بدراسة وجهات النظر المتنوعة، مذهبية كانت أم عرفانية أم اجتماعية أم علمية أم اقتصادية أم غير ذلك. أدركت أن الانتماء المتطرف والمنفصل يحتمل ألا يساعدني على تحقيق ثقافتي الإنسانية المتسامحة وبالتالي يحتمل ألا يمدني بالإرادة الحرة المنعتقة من كل إشراط، وبالقدرة على تبني ثقافة إيجابية ومنفتحة إزاء الآخر. وفي القرار الذي اتخذته أصبحت صديقاً مخلصاً ودوداً ومحباً ومتفهماً لجميع التيارات الثقافية والفكرية دون أن أضيق على نفسي في نطاق وجهة نظر معينة إذ يحتمل أن تلزمني على اتخاذ موقف عدائي أو نزاعي أوصدامي مع أنصار أو أتباع وجهة نظر أخرى. وفي هذا المنظور أدركت أن مثالية حضوري في عالم الأرض تسعى إلى التحقيق في نطاق ثقافة إنسانية متسامحة. ثالثاً- المبادىء التي تتضمن ثقافة الحوار والتسامح تتحقق ثقافة الحوار والتسامح في المبادىء التالية التي تتوطد عليها أسس الحياة الإنسانية الهادفة إلى فعالية الوجود الإنساني: 1- محبة الإنسانية جمعاء بغض النظر عن الجنس، واللون والعنصر، والمعتقد والدين. 2- توحيد نطاقات الفكر الإنساني ووجهات النظر المتنوعة في دراسة مقارنة تتضمن في وحدة تأليفية للدين بمفهومه الروحي والفلسفة بمفهومها الإنساني والمثالي وللعلم بمفهومه النظري والطبيعي والكوني. 3- تعمق وتوسع في دراسة القوانين الطبيعية والإنسانية والاجتماعية والولوج إلى نطاق أو مستوى القوانين والمبادىء الكونية التي تشملها. 4- الشعور الكامل بالقيمة والمعنى الكامنين في الوجود والحدس بالمعرفة بمفهومها العرفاني الذي يشير إلى وجود وعي كوني يشمل بحضوره جميع القوانين والمبادىء. 5- التجربة النفسية والعقلية المتسامية والروحية المختبرة التي تتألق في عرفان وجداني يتجلى في تحقيق الشعور الأسمى بتكامل الوجود الطبيعي والإنساني والكوني. 6- واقع الحضارات والثقافات والإنجازات الكبرى الرائعة والمتنوعة في نطاقات اختصاصها مقولة تشير إلى وجود تنوع ظاهري للمواهب وتؤكد وجود حقيقة جوهرية واحدة وعقل إنساني جماعي وشامل وروح كونية فاعلة في التاريخ الإنساني. 7- العقل المنفتح والقلب المنفتح سبيل إلى لقاء الإنسانية في حوار يتبنى الاعتراف الكامل بالآخر والقبول الكامل به، وإلى تفاعل العقل الخاص مع العقل الخاص مع العقل العام في قاعدة واحدة مشتركة تساهم فيها العقول الفردية الموهوبة وتشير إلى احترام التجارب المعرفية والروحية الأخرى التي اختبرها حكماء آخرون في أنحاء العالم. 8- تأسيس بنية عقلية ونفسية منفتحة ومكونة تصلح لإجراء حوار بين أبناء الناس لقبول الآخر والاعتراف به وتتجاوز الأطر المحدودة والمناهج أحادية البعد. 9- تمثل الإنسان والطبيعة والكون في نسيج واحد متنوع خيوط الحياكة وتحقيق هذا التمثل في وصال مع الحقيقة السامية المطلقة عبر الطبيعة والإنسان. 10- الإعلان العالمي لواجبات الإنسان الذي يشمل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويدعو إلى تحقيق تربية فاعلة تجعل من الواجب أمراً أخلاقياً وعقلياً وروحياً يمارسه الإنسان. 11- المثالية بوصفها تطويراً للواقع المعاش أي كما يجب أن يكون على نحو تحول من الوجود إلى الوجوب . 12- السعي المثابر والهادف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية الملازمة لكرامة الإنسان وحريته الماثلتين في الوعي وهذا يعني التطوير الدائم لتحسين الأوضاع البشرية في نطاقاتها ومستوياتها المتنوعة. 13- توطيد التفكير المنطقي لبلوغ محاكمة سليمة تنقذ العقل من تحديدات الإشراطات العديدة ومن صلابة المعتقدات الكثيرة التي كونت عقل الإنسان ونفسه وحالت دون تعديله أو تطويره إلى عقل واع ونفس صافية يرتقيان إلى حكمة الروح..... |
|